الأحد 2024-11-24 05:20 ص

مبالغات حول صفقة القرن

07:52 ص


الغموض الذي احاطت بھ إدارة ترامب مبادرتھا المرتقبة لحل النزاع الفلسطیني الإسرائیلي، إلى جانب تقاریر صحفیة وتسریبات وتحلیلات سیاسیة، كلھا مجتمعة صورت ”صفقة القرن“ كما لو أنھا نیزك قادم من السماء لیضرب منطقتنا تحدیدا ویعید تشكیل جغرافیتھا من جدید.

في أحدث تصریح لأبرز القائمین على الصفقة، جارید كوشنر وصف فیھ المبادرة الأمیركیة بالمقترح، أي أنھا مجموعة من الأفكار التي تحتمل القبول والرفض، وزاد على ذلك بالقول، إن على طرفي النزاع أن یجلسا إلى الطاولة للتفاوض بشأنھا بدلا من رفضھا مسبقا.



وھذا الكلام یعني أن المقترحات الأمیركیة مطروحة للنقاش والتعدیل بموافقة الطرفین. بمعنى آخر أن الإدارة الأمیركیة لن تفرض مبادرتھا ولن تفاوض على مقترحاتھا، لكنھا ستترك الأطراف المعنیة للتفاوض، وإذا ما تم رفض المقترحات بعد ذلك فالمسؤولیة تقع على عاتق الطرفین، والمرجح في ھذه الحالة أن تسحب واشنطن یدھا من العملیة برمتھا.


 إسرائیل لن تخسر شیئا في حال فشلت صفقة القرن، لأن مشروعھا الاستیطاني وخطواتھا لفرض الأمر الواقع في فلسطین تمضي إلى الأمام في كل الأحوال. ومن بین العناوین المنسوبة للمبادرة الأمیركیة والتي أثارت جدلا وقلقا واسعین، ما تردد عن تبادل أراض على الجبھتین المصریة والأردنیة.

مبعوث الرئیس الأمیركي ”غرینبلاث“ نفى بالأمس التقاریر التي تفید بوجود مقترح أمیركي باقتطاع أراض من صحراء سیناء المصریة لتوسیع حدود قطاع غزة، وأكد أن الخطة الأمیركیة لا تتضمن أي إشارة لمثل ھذه المقترحات.

أما على الجبھة الأردنیة، فمن المستبعد تماما أن یكون موضوع التبادل مع دول مجاورة قد طرح رسمیا على الأردن، باستثناء ما یتردد عن مساومات تخص ترتیبات الوضع في الباقورة والغمر التي أعلن الأردن العام الماضي قراره بعدم تجدید اتفاقیة تأجیرھما.

لیس مستبعدا أن یكون فریق ترامب الثلاثي قد ناقش مثل ھذه الأفكار المجنونة أو استكشفھا في محادثاتھ مع قیادات في المنطقة، لكن من المؤكد أیضا أنھ تجاھلھا تماما في صیاغتھ النھائیة  للمبادرة.

الاقتراحات المتعلقة بتبادل الأراضي طرحت من قبل في جمیع مراحل التفاوض بین الفلسطینیین وإسرائیل وتقتصر على مناطق الضفة الغربیة والأراضي المحتلة العام 48 . وفي مرحلة معینة من المفاوضات اقترب الطرفان من الاتفاق في ھذا الشأن. لكن مع مرور الوقت تراجعت حكومات الیمین في إسرائیل عن النسب المتفق علیھا لتبادل الأراضي.

وفي الوقت الحالي تتجھ حكومة نتنیاھو إلى استبدال فكرة التبادل بالضم الكامل للكتل الاستیطانیة الكبرى في الضفة الغربیة المحتلة دون مقابل.

 إن أي خطة ملزمة للتسویة في الشرق الأوسط تتطلب إجماعا دولیا في مجلس الأمن ودعما كاملا من القوى الكبرى في العالم. وعلى مدار عقود من الصراع كان مطلب العرب الدائم ھو ممارسة ھذه القوى لدورھا ونفوذھا لتطبیق قرارات الشرعیة الدولیة الخاصة بالقضیة الفلسطینیة. مثل ھذا الإجماع مفقود تماما في حالة ”صفقة القرن“ ولن تجد واشنطن دولة واحدة تساندھا في جھودھا لفرض حل غیر مقبول على العرب والفلسطینیین، ولھذا فإن مصیر الصفقة الأمیركیة الفشل في نھایة المطاف، وربما قبل أن تولد.

gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة