الخميس 2024-12-12 18:47 م

محمود سعد: من وقفت إلى جانبهم اعتدوا على ابنتي وزوجتي

03:26 م

الوكيل - لم أكن أتخيل أبداً أن من انتخبتهم سيعتدون على ابنتي وزوجتي! هكذا صرخ الإعلامي محمود سعد الذي تحول إلى فقرة من أهم فقرات كل البرامج الليلية، مساء الأربعاء الدامي، الذي خرجت فيه مجموعة من المعترضين على إعلان رئيس جمهورية مصر العربية الدستوري، والذي حصّن فيه نفسه وكل قراراته من أي طعون عليها من أي جهة قضائية.


في تلك الليلة الدامية، قرر محمود سعد أن يحتجب عن الظهور في برنامجه المسائي تضامناً مع كل الفضائيات الأخرى المستقلة التي قررت الاحتجاب لاعتراضها على الإعلان الدستوري وعلى الدستور نفسه الذي من المقرر أن يقول الناس في مصر رأيهم فيه خلال أيام.

لكن كل الفضائيات قررت الاستمرار فجأة في الظهور وعدم الاحتجاب، والسبب أن هناك أحداثاً جسام بدأت تظهر في الأفق منذ عصر هذا اليوم، ميليشيات من جماعة الإخوان المسلمين في مصر قررت الهجوم على كل المعتصمين أمام قصر الاتحادية، قصر الحكم ومقر رئيس الجمهورية المصري لإجبارهم على المضي من هذا المكان.

لكن محمود سعد قرر عدم الظهور لشعوره بحالة من عدم الارتياح لكل ما يجري في البلد، ولإحساسه بالمرارة، أيضاً. فقد جاءه طلب من أحد القضاة للمثول للتحقيق صباح اليوم التالي، بسبب اتهام موجه من رئاسة الجمهورية (رئيس الجمهورية بالأصح) لبرنامجه «آخر النهار»، الاتهام ضده وضد ضيفته في البرنامج الطبيبة النفسية منال عمر، التي كانت تقوم في الحلقة بتحليل الشخصيات التي تكون قد قضت فترة من حياتها في السجن، وفجأة تجد نفسها في موضع القيادة. يصرخ محمود سعد «مجبناش سيرة مرسي أو خيرت» يقصد الرئيس محمد مرسي أو خيرت الشاطر القيادي القوي في جماعة الإخوان المسلمين. ويزيد محمود سعد من صراخه «بدلاً من أن يحلو مشكلات البلد تفرغوا لمحاكمة محمود سعد.. أنا الذي انتخبتهم وأيدتهم في انتخابات الرئاسة».



اهانة وضرب

نعود إلى تلك الليلة، وسر استضافة البرامج الليلية محمود سعد لأن ابنته مي محمود سعد وزوجته الكاتبة الصحافية نجلاء بدير كانتا من ضمن المعترضين أمام قصر الاتحادية، وتعرضتا للضرب والإهانة بل والقتل، ولهذا كان الاتصال به للاطمئنان على الابنة المناضلة والزوجة المناضلة من أجل الحرية. وبنبرة أكثر أسى قال محمود سعد لخيري رمضان مذيع قناة CBC: لم أتخيل أبداً أن من انتخبتهم يعتدون على ابنتي وزوجتي، وأضاف موجهاً كلامه إلى جماعة الإخوان المسلمين: «إن ابنتي وزوجتي في هذا المكان، هل هما ضمن البلطجية كما تدعون؟ إن الوضع مخز تماماً».

هذا هو الإعلامي محمود سعد الذي تحول فجأة إلى ضحية، وهو الذي كان يضع على نفسه علامات استفهام نتيجة موقفه من الإخوان المسلمين، وموقفه في انتخابات الرئاسة في مصر. كان هو الإعلامي الوحيد تقريباً الذي تخلى عن الحيادية في تلك الأيام وأعلن موقفه الواضح، تأييده التام للإخوان المسلمين ومرشحها محمد مرسي. كان يرى فيه النقاء الذي تنشده مصر في هذه المرحلة، كان يرى أنه هو الاختيار الأمثل، فمن غير المنطقي أن ينتخب الفريق أحمد شفيق وهو ممثل النظام السابق الذي حارب الشباب من أجل التخلص منه!

عاب عليه الكثيرون موقفه هذا وهم يقرأون تاريخ الإخوان جيداً، ويرى البعض أنهم يقولون مالا يفعلون (وهذا ما قاله بالضبط الصحافي والمذيع إبراهيم عيسي) صاحب برنامج «هنا القاهرة» على قناة «القاهرة والناس».



نجم بالصدفة

بدأ محمود سعد حياته صحافياً في مجلة صباح الخير ثم تنقل في العمل في مجالات عدة وأصبح في النهاية رئيساً لتحرير مجلة الكواكب أشهر المجلات الفنية المصرية، وفي لحظة قرر أن يدخل التلفزيون ليجرب حظه، لم يكن يعرف أن الكاميرا ستحبه وستنقل هذا الحب للناس، أحبه الناس لعفويته وتلقائيته، لهذا لم يكن بغريب أن يتنقل بين القنوات وبين الموضوعات متألقاً في استضافة الفنانين في برامج «على ورق» في قناة دريم و«حلو وكداب» في قناة MBC. ثم يقرر أن ينير توهجه ويبدأ في تقديم برامج التوك شو التي تتنوع موضوعاتها من اجتماعية وفنية وسياسية وتعكس كل ما يحدث في المجتمع كل يوم.

انطلق في برنامج «مباشر» على MBC ثم انتقل إلى التلفزيون المصري ليبدأ رحلة جديدة في حياته وشهرته في برنامجه «مصر النهاردة»، وبدأ نجمه يسطع بسبب مواقفه الحادة والواضحة، ووقوفه بجانب الإنسان البسيط أمام تسلط المسؤولين وتجبرهم. وقف يناطح المسؤولين ويناقشهم الحجة بالحجة، ويهاجم بضراوة حتى ذاع صيته وأحبه الناس والتفوا حوله.



موقف واضح

وعندما اندلعت ثورة 25 يناير، أعلن موقفه واضحاً أنه مع الثورة وضد الحكومة، ولم يكن أحد يتصور وقتها أن هذه الثورة ستنتهي بسقوط النظام، لكن مع نجاح الثورة كان هناك من يتربص له، النظام السابق عندما رفض أن يلتقي رئيس وزراء مصر وقتها الفريق أحمد شفيق خرج أنس الفقي وزير الإعلام وقتها، ليقول إن رفض سعد لقاء شفيق لم يكن بسبب مواقفه السياسية، ولكنه علم أن الحكومة قررت تخفيض راتبه الضخم الذي وصل إلى أكثر من مليون جنيه شهرياً. هذا الرقم أصاب الكثيرين بالذهول. حاول سعد أن يدافع عن نفسه ويقول إن ما يقبضه ليس من فلوس الناس ولا فلوس الحكومة، ولكنه برنامج خاص داخل التلفزيون الحكومي يموّل نفسه من دخل الإعلانات فقط، ولكن وقع الملايين كان قد أحدث صداه عند الناس وفقد سعد بعضاً من شعبيته.

اعتقد البعض أن سعد سيهتز وظل لشهور عدة في منزله بعد الثورة إلى أن ظهرت قناة التحرير واختارته ليكون مذيعها الأول، وحاول أن يأخذ بيد القناة لكن وضع القناة ووضع البلد كان أقوى منه واضطر للانسحاب منها بهدوء.



استعادة البريق

البعض قال إن سعد فقد شعبيته، لكنه بمجرد ظهوره في قناة النهار الجديدة بدأ معها في برنامجه الليلي «آخر النهار» رويداً رويداً، بدأ سعد يستعيد عافيته وجماهيريته ونجوميته، أعلنها صراحة في عز الانتخابات المصرية هو مع الإخوان ومرشحها محمد مرسي ضد أحمد شفيق مرشح النظام السابق، كان يغامر لأن فوز مرسي لم يكن مضموناً وبالفعل كان الفوز بالعافية، وخسر سعد مرة أخرى بعض أصوات الليبراليين المصريين لكنه كسب الإخوان، وبمرور الوقت اكتشف الناس واكتشف الإعلاميون المشكلات التي يرتكبها الإخوان والأخطاء السياسية في حق مصر، وبدأ سعد يهاجم الإخوان والرئيس بضراوة. وفجأة استعاد بريقه مرة أخرى.. وفجأة وجد نفسه في قفص الاتهام من الإخوان، متهماً بإهانة الرئيس وهي تهمة تصل عقوبتها إلى السجن.

سعد لم يهتم وخرجت زوجته وابنته في تظاهرات ضد الرئيس وضد الإخوان، وتحول الثلاثة إلى أخبار في برامج الفضائيات بعد أن كان هو مصدر الأخبار.



سطحيات الدين

يؤكد محمود سعد أن قطار التغيير انطلق في مصر، ولن تعود عقارب الساعة إلى الوراء أبداً، ويكفي أن حاجز الخوف عند الناس قد انكسر وهذا ما نراه واضحاً وجلياً في الشارع المصري الآن، ولهذا السبب، أيضاً، يحتاج الرئيس مرسي إلى أن يكون «ثورجي» مثل الثوار الحقيقيين في الشارع المصري، فالإخوان لم يتربوا على الثورة، ووضع مصر يحتاج إلى ثورة مستمرة على الفساد المستشري فيها.

يبدي سعد تخوفه من صعود الإسلاميين، لأنهم يتمسكون بسطحيات الدين ولا يملكون رؤية حقيقية لبناء المجتمع، ولديهم شيء من الغضب غير المبرر، ويقول بكل وضوح «إنهم يتعاملون معنا على إننا كفار، والرسول لم يعاملنا بهذه الطريقة».


القبس


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة