الوكيل - ضمن فعاليات مهرجان ‘طقوس′ المسرحية في دورته السادسة التي تقام في المركز الثقافي الملكي قدمت الفنانة المصرية عزة بلبع مع فريق عملها، على خشبة المسرح الدائري، عرضها المسرحي المعنون بـ ‘البيت’، والمقتبس في الاصل من المسرحية الأخيرة للشاعر والمسرحي الاسباني لوركا ‘بيت برناردا البا’ والتي تعد من أكثر مسرحياته وضوحا وعمقا وتلامسا مع الواقع الاجتماعي، والتي كان بعد أن يقوم بالانتهاء من قراءة أحد مشاهدها يصيح بفرح وحماسة: ‘ليست هناك قطرة من الشعر’.. وهذا ما كان يبحث عنه اصلا أي الغوص في الواقع الفني لينجب لنا حياة متشابكة..
وتعد مسرحية لوركا هذه نموذجا لواقع حالي من الممكن ان يكون بيتا او بيوتا ربما كانت او ما تزال موجودة في مدننا وقرانا،، ولا تبوح بأسرارها.. فأحداث القصة الرئيسية تدور في ريف ما من ريف إسبانيا في الثلاثينيات من القرن الماضي، حيث يتوفى الزوج الثاني لبرناردا، فيتملكها الخوف على شرف بناتها الخمس بعد وفاة من كان يقوم بحمايتهن، وتخبرهن بأن فترة الحداد ستمتد إلى ثماني سنوات كاملة، يُمنعن فيها من الخروج نهائياً من البيت ومقابلة الرجال، وتعمل على عزلهن كليا عن العالم الخارجي معلنة رفضها لـ ” دخول هواء الشارع إلى البيت”..
ترفض البنات الخمس قرار الام ويثرن عليها وانها ام قاسية، لكنها تقوم بقمعهن دون رحمة وترصُّد كل
حركاتهن وانفاسهن في البيت، فتعيش البنات أجواء مليئة بالكآبة والحرمان والكبت
وكثرة الممنوعات والشعور بالضجر والضيق بالضيق من استمرارية الرقابة المفروضة عليهن، وحينما تغيب الأم عن البيت لسبب من الأسباب، يقمن بالتعبير عن أملهن بالخروج إلى الشارع ويعبِّرن عن رغباتهن الجامحة في الحرية والحب والزواج ككل قريناتهن.
وحينما يشتد الضغط تبدأ بوادر الانفجار، وكانت المناسبة حينما خطب شابُّ وسيم الفتاة الكبرى ‘انجلوسياس” للزواج طمعاً في مالها الذي ورثته من أبيها (الزوج الأول لبرناردا)
وهذا برغم ميله لأختها الصغرى ”أديلا”، فانفجرت مشاعر الغيرة والحقد بين الأختين وتتمسك الصغرى بحقها في الحب وتثور على أمها، وتنصح الخادمة برناردا بتخفيف القبضة الحديدية عن بناتها ومنحهن قدراً من الحرية للتنفيس عن سخطهن، لكنها صمَّت آذانها وفضلت تصعيد القمع ضدهن، فكانت النتيجة أن حدثت معركة كبيرة في البيت بين الأختين انتهت بتدخل الأم وقتل البنت الصغرى المتمردة التي تحدت سلطتها وأعراف المجتمع وينتهي بها الأمر إلى الجنون كأمِّها التي اتبعت من قبل نظاماً قمعياً مشابهاً فكانت أولى ضحاياه، وهي نتيجة طبيعية وحتمية ومنطقية لفطرة النفس وحرمانها وكبت غرائزها الجنسية حقها في الحب والعطف والانطلاق في الحياة.
من هنا جاءت ضرورة هذا الاقتباس وأهميته في العرض الذي قدمته بلبع وأخرجه سعيد سليمان فقد قام بتحوير مسرحية لوركا بما يلائم الواقع المصري حاليا خاصة بعد الثورة، وفيه ايضاح لمستوى الحالة ‘التفككية’ التي وصل اليها المجتمع المصري على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والنفسي بما يقارب حالة الجنون.. وهو تعبير عن واقع يصل الى درجة العبثية الانسانية حينما يتعلق الامر بالغرائز الجنسية الانسانية.
ترافق العرض بجماليات الاضاءة والغناء اللذين كانا معبرين عن قيمة القضية، والتفاعل الحي مع
الجمهور الذي وقف منبهرا من قوة العرض، ناهيك عن المشاركة الجماعية لجميع افراد الفرقة التي كانت بارعة في تقمص كل الشخصيات واخراج كل مكنوناتها العاطفية.. ومع ضحكات كانت تسخر هي الاخرى من واقع اليم نعيشه في ريفنا المصري خاصة والعربي عامة بصمت وسرية لدرجة الموت.
‘ كاتب وناقد من الاردن
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو