الوكيل - ثارالاسبوع الماضي في بريطانيا نقاش حول تغير طبيعة جائزة البوكر الادبية التي يحصل الكتاب – الرواية الفائزة فيها على 50 الف جنيه، وهي من اعلى الجوائز الادبية البريطانية قيمة.
وفي الماضي كانت الجائزة كما هو تعريفها تمنح للرواية الناطقة بالانكليزية في المملكة المتحدة ومجموعة دول الكومنولث وشمال ايرلندا وزيمبابوي، اي ابناء المستعمرات السابقة ممن يتحدثون ويكتبون باللغة الانكليزية. ولم يكن عالم الرواية الانكليزية الامريكية جزءا منها، اذ ظلت الرواية هذه بعيدة عن توصيف الجائزة، اما لان الرواية الامريكية لديها جوائزها الادبية والاعلى قيمة او لان الامريكيين لم يكونوا يولون اهتماما بالجوائز البريطانية، فهم في النهاية لديهم جائزة البوليتزر الخاصة بهم. واعتبارا من العام المقبل ستشمل البوكر اي رواية مكتوبة بالانكليزية وصادرة في المملكة المتحدة، حيث قال مجلس امنائها ان الجائزة الان مفتوحة ‘لمن هم في شيكاغو او شيفيلد او شنغهاي’. وقد زاد هذا الجدل ترشيح ثلاث روايات يعيش كتابها او بالاحرى كاتباتها ويكتبن في الولايات المتحدة، في القائمة النهائية لجائزة هذا العام. وقد عارض فائزون بالجائزة منهم هاوراد جاكبسون الخطوة فيما اعتبرها احد المرشحين الستة لجائزة هذا العام جيم غريس بأنها تفقد الجائزة خصوصيتها. ومع التطور الجديد تغيرت شروط الترشيح للجائزة حيث سمح لدور ترشيح اكثر من رواية. وحاولت مؤسسة بوكر تطمين الكتاب والناشرين البريطانيين بأن حظوظهم لن تتأثر خاصة انهم سيواجهون منافسة من الخارج لكن هذا لم يكن كافيا لتشتيت مخاوف عدد منهم ممن اعتبروا القرار مسا بالخصوصية والمكانة الدولية التي حققتها الجائزة. وبرر جوناثان تايلور، رئيس مجلس امناء الجائزة ان زيادة التنافس عليها سيعطيها طابعا ‘ووساما اعظم’. وعبر عن الدافع وراء القرار من انه ‘سيشجع دور النشر التقليدية والجديدة، وسيمنح الروايات الادبية الممتازة قراء اوسع من كل انحاء العالم’. وقالت المؤسسة انها تفكر منذ عدة اعوام بتغيير طبيعة ومدى الجائزة، وانها قامت باستشارة ما بين 40 – 50 كاتبا وناشرا حيث دار النقاش مدة 18 شهرا. ونفى المسؤولون عن بوكر ان تكون الخطوة ردا على التحرك الذي قامت به جائزة ‘ذا فوليو’ والتي اعلنت انها ستقبل كل الروايات المكتوبة بالانكليزية. واكد مجلس امناء البوكر انهم لم يتعرضوا لضغوط من الجهة الراعية للجائزة. ونقل عن البارونة كيندي وهي عضو في مجلس الامناء ان التغير الجديد في طبيعة الجائزة يجعل من الفوز بها ‘اكثر اثارة وقيمة’. ويعتقد المسؤولون ان توسيع مدى الجائزة عالميا يعزز من قيمتها كأهم جائزة في العالم الناطق باللغة الانكليزية. واعتبر جاكبسون القرار بانه خاطىء فيما قال ميلفين براغ، المذيع والروائي انه يشعر بالخيبة ولكنه ليس مستغربا. وقال غريس المرشحة روايته ‘حصاد’ لجائزة هذا العام ‘هناك شيء ما ستفقده الجائزة ان فتح الباب امام الكتاب الامريكيين’.
نهاية الطريق
ورأى فيليب هينشرـ الروائي الذي كتب في ملحق ‘الغارديان’ الادبي ان القرار يعني ‘نهاية البوكر’ من ناحية الخصوصية التي تميزت بها خلال الاعوام الماضية ومنذ انشائها عام 1968 حيث كانت الصوت الذي منح كتاب الكومنولث الفرصة للتعريف بأعمالهم في داخل التيار الرئيسي للنشر والكتابة البريطانية. ويرى ان الروايات التي رشحت للجائزة او فازت بها من الهند وسيرلانكا وجنوب افريقيا كتبتها اصوات اصيلة تعرف المجال والفضاء الذي عاشت فيه مقارنة مع الاصوات الجديدة والممثلة مثلا بالهندية بجومبا لاهيري ‘الارض المنخفضة’ او ‘نريد اسماء جديدة’ وهي اول رواية لكاتبتها من زيمبابوي نوفيوليت بولاوايو، او اليابانية روث اوزيكي ‘قصة في الوقت الحاضر’. وهذه الروايات وان كتبت عن مناطق بعيدة ولا يعرفها الامريكيون ومن كاتبات يعشن في امريكا الا انهن لم يجربن الحياة في بلادهن الاصلية. ويقول هينشر انه سمع ناشرا يعلق على الانباء عن توسيع مجال جائزة بوكر بقوله ‘ حسنا، هذه نهاية جائزة بوكر’، مضيفا ‘عندما ينحرف قبول الروايات من بريطانيا والكومنولث وايرلندا وزيمبابوي المنشورة في المملكة المتحدة فمن الصعوبة منع الروايات الامريكية من تسيد الجائزة، ليس عبر تميزها ولكن من خلال التفوق الاقتصادي الذي سيفرض الذوق الادبي تماما كما فرصت الامبراطورية البريطانية فكرة ان شكسبير هو اعظم كاتب عرفته الانسانية على اي شخص عاش في مستعمراتها خلال القرن التاسع عشر’. ويرى هينشر ان هذا الميل واضح في الروايات الثلاث التي ذكرناها، حيث يرى ان رواية جومبا لاهيري رواية جميلة تصلح للمسافرين في المطارات وتصور حكاية شقيقين فرقهما التاريخ، فيما تستعيد نوفيوليت بولاوايو تقدم كل شيء يريد القارىء الامريكي معرفته عن افريقيا ومجتمعها او بالاحرى ما يريد متابع سي ان ان والعامل في المنظمات الحكومية التعرف عليه: الفساد والغرابة ومشكلة البيض في افريقيا. فيما غطت اوزيكي كل شيء عن اليابان، الجانب البوذي، مندوب المبيعات والانتحار بطريقة تذكر بأعمال هاروكي موراكامي. وبعد هذا الوصف الساخر يقول هينشر ان هذه الروايات الثلاث كتبتها اسماء تعيش وتعمل في الولايات المتحدة، وعليه فلم تكن الكاتبات بقادرات على تجنب الحس الغرائبي في القصة ووضعه في السياق الامريكي. ويلاحظ غياب الروايات التي كتبها مؤلفون هنود عن الهند حيث يعيشون ويعملون هناك. ومن العام المقبل فالبوابة قد فتحت ولن نسمع ابدا بكتاب او كاتب مصدره الهند. ويقول ان جائزة البوكر خلال 45 عاما اعطت كتابا من مناطق وقوميات مختلفة فرصة لتوسيع مساحة قرائهم وقد فعلت هذا وضمن حدودها الضيقة، فالاعمال المرشحة للجائزة في كل عام قد تصل في قائمتها الطويلة الى 120 رواية اقل او اكثر، مما يعطي عضو لجنة التحكيم الفرصة كي يقرأ ويعيش تجربة كل رواية، مما يعطيه حرية الحركة في اتخاذ القرار. وينقل عن اي سي بايت التي حازت روايتها ‘ملكية’ على الجائزة في عام 1990 قولها ان مشكلة الجائزة في العام القادم لان اختيار الرواية الصالحة والاحسن لا يمكن ان يتم من خلال تنخيل الرواية غير الجيدة من الممتازة. فالاختيار هو جهد كبير يحتاج فيه عضو لجنة التحكيم لقراءة كل رواية ‘وهذا الامر لن يتأتى في العام المقبل’.
التنوع لا ينتج تنوعا
ويقول ان خصوصية جائزة بوكر تنبع من كونها المصدر الذي يوصي ويختار احسن رواية انكليزية للقارىء حول العالم. واذا اردت من ينصحك لقراءة احسن رواية امريكية فهناك الكثير من الجوائز التي تقوم بهذه المهمة. مع ان الرواية التي تفوز بالجائزة قد لا تكون الاحسن، واعضاء لجان التحكيم قد يقعون تحت رحمة الايديولوجيا التي تفرقهم ورحمة دور النشر التي تختار الروايات التي تعتقد ان لها حظا للبيع. ومن هنا فتنويع مجال الجائزة حتى يكون امام اعضاء لجنة التحكيم مجالا للاختيار لا يعني انه سيعبر عن التنوع والتعددية الثقافية. ومن هنا فالامتحان الكبير امام لجنة تحكيم بوكر العام المقبل هو ان لا تختار اسما امريكيا كفائز. ويعتقد هينشر ان الكتاب البريطانيين يعيشون ورطة و يخسرون الاشياء التي حققوها وتحفظ حقوقهم حيث يذهب كل انجاز وراء الاخر من مثل اتفاق بيع الكتب بالسعر المحدد الذي تضعه دار النشر، فيما تعاني دور بيع الكتب مشاكل تحت ضغط الاسعار التي تضعها دار الكتب الالكترونية ‘امازون’ وهناك منظور لقيام ‘غوغل’ لشراء حقوق نشر الكتب التي لم تعد تطبع من جديد، وهناك مشكلة في بيع الكتب للمكتبات العامة والتي كانت وخلال الاربعين عاما الماضية تشتري نسخا للروائيين الانكليز وما الى ذلك. وفي وضع هينشر قرار بوكر توسيع دائرة الترشيح لتشمل الامريكيين وغيرهم في سياق سوق الكتب البريطاني واشكاليات النشر، يشير الى المشاكل التي تواجه الكتاب في عصر الكتابة والنشر الالكتروني، حيث يقول ان الكتاب الانكليز قد يلجأون الى نشر كتبهم على حسابهم وان نجحت او لقيت حفاوة وقراء فسيقومون بنشرها عبر دورالنشر. ويقول هينشر ان اشكال النشر التي كانت تتعاقد فيها دور نشر مع كتاب معروفين وتروج كتاباتهم تتلاشى اليوم، فلم يعد هناك كتاب انكليز يتحدثون الى قراء انكليز عن قضايا انكليزية. وفي الوضع الحالي فان لم يتحدث الكاتب للقارىء العالمي فقد لا يجد الاهتمام الذي يستحقه. وفي النهاية فهناك مخاوف من تحول جائزة بوكر الى جائزة امريكية ثانوية ذات اهتمام محدود اذا ذهبت الى كاتب امريكي خاصة ان الجائزة مفتوحة لكل الكتاب الاجانب. وفي المقابل يشك الكاتب ان تقرر الجوائز الامريكية المعتبرة فتح المجال امام الكتاب غير الامريكيين لترشيح اعمالهم لها.
لا يهم
وفي ملاحظة كتبها دي جي تايلور في ‘اندبندنت اون صاندي’ تحدث فيها عن التحول في مسار الجائزة وانفتاحها حيث ‘سترحب بأحسن الكتاب الامريكيين وربما من البرازيل واسرائيل يمثل تحولا رمزيا ابعد من قيمته المباشرة لانه يعلم مرحلة جديدة في عمليات تجري منذ قرن تقريبا وهو تهميش الثقافة ‘الانكليزية’ المتميزة. ويشير تايلور الى تحول النظرة في الثقافة المحلية والتي حاول تي اس اليوت تقديم رؤية عنها في مقاله الشهير ‘الخشب المقدس′ (1920) والذي تساءل فيه عن غياب الناقد المحلي الذي يمكنه اظهار ان الروائية جورج اليوت كاتبة اكثر ‘جدية’ من تشارلس ديكنز وان جورج ستندال اكثر جديا منهما. ويناقش تايلور تحولات النظرة ‘المحلية’ للادب من العشرينات الى الخمسينات وظهور ما اطلق عليها الاصوات الجديدة، مرورا بالستينات التي تم التركيز فيها على اصوات ادبية امريكية، وفي الثمانينات ظهور الرواية الجديدة المتأثرة بالواقعية السحرية كما في رواية ‘اطفال منتصف الليل’ لسلمان رشدي. فالجدل حول المحلية وخصوصية الادب قديم وهناك ادب وروايات ذات طابع محلي لم تحظ بالاهتمام والنقد، ومن المؤكد انها لن تلقى اهتماما مع توسيع البوكر اهتماماتها عبر الاطلنطي. وفي المحصلة فالقرار لن يؤثر على الكتاب ‘المحليين’ ذلك انهم يعيشون ازمات منذ وقت طويل، والسماح بترشيح اعمال الامريكيين للجائزة لن يغير من الواقع كثيرا.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو