الأحد 2024-12-15 20:38 م

من الذاكرة .. استديو قرمز

12:54 ص

بقلم محمد الجبور
لا أعلم هل الماضي هو الزمن الجميل ، أم هي الذكريات أحياناً تبدو لنا في ثوبها الأنيق...فنغرق في استذكارها ونبشها ...كل هذا خطر في ذهني وأنا أرى المعلمين الذين انهمكوا في تقديم طلبات استخراج بطاقة عضوية نقابة المعلمين ، وكان البعض منهم قد وقف يتندر على صورة زميل له ممازحاً ....

وتعود بي الذاكرة إلى أوائل السبعينيات ، وما كنا نطلق عليه آنذاك ( استديو قرمز )، كاميرا قديمة ترتكز على ثلاث أرجل طويلة ، تكاد تكون أطول من صاحبها ، في عمان تجدها قرب الجامع الحسيني ، وفي الزرقاء في شارع السعادة ، وما على الزبون الذي اضطر أن يحضر مجموعة من الصور لأحدى المعاملات الرسمية ، إلا أن يجلس على كرسي خلفه قطعة قماش بيضاء أو سوداء حسب الملابس التي يرتديها الشخص ، ليعلم المصور أنه قد حظي بزبون ألحت عليه الظروف لأخذ صورة ما ...
وهنا يتدخل المصور ليعدل من جلسة الزبون ، بمسك وجهه وتحريكه يمنة ويسرى ، ثم يأمره بالثبات التام وعدم الحركة ، ثم يتحرك المصور ببطء شديد ليضع رأسه بالكيس الأسود الطويل ، وقد تتكرر هذه الحركة أكثر من مرة ، ويغيب أكثر من نصفه الأعلى في ذاك الكيس ، ويبدأ بإصدار الأوامر والتعليمات من جديد...بعدم الحركة والنظر إلى اليد المرفوعة لتخرج الصورة في أحسن حال ، وتبقى ساكنا وعيناك ترقب المارة الذين يرمقونك بنظراتهم ، وما هي إلا لحظات حتى تتلقى إشارة من يد المصور الذي ظننت أنت لوهلة انه اختنق داخل الكيس الأسود ، فتقف بانتظار الصورة ، وتخرج الصورة ( النيجاتيف) ، ينظر إليها المصور بعناية شديدة ثم يضعها أمام الكاميرا مرة أخرى لاستخراج الصور الجديدة ، وتكون أنت في غاية الغرابة والدهشة ، والمصور يستخرج صورك من درج صغير قد امتلأ بالماء ، هكذا تحسبه أنت لأنك ضعيف في مادة العلوم ، يقوم بتعليقها بواسطة ملاقط ( ملاقط غسيل) في أماكن معينه لتجف ، ثم تأخذها أنت والفرحة والدهشة تغطي وجهك ...وتنقده سبعة قروش ...تسعيرة محددة ومعروفة ، وللمصور الاحتفاظ (بالنيجاتيف) ..لماذا لا تعلم !!!


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة