يدور الخطاب الرسمي هذه الأيام كما هو حال الخطاب الإعلامي على وصف مهمة الحكومة الجديدة وأحيانا حصرها باجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة التي اصبحت استحقاقا دستوريا خلال الاشهر الاربعة القادمة، وهي المهمة المناطة دستوريا بالهيئة المستقلة للانتخاب، وهي الجهة المخولة بموجب الدستور باجراء الانتخابات والاشراف عليها وتوفير الضمانات لتسير الانتخابات بجودة وكفاءة؛ بينما تتلخص مهمة الحكومة الانتقالية في مجال الانتخابات البرلمانية في تيسير مهمة الهيئة المستقلة وكف يد الجهات الرسمية عن التدخل في الانتخاب، وضمان أمن الانتخابات وسلامتها وبالتالي لا توجد للحكومة مهمة تنفيذية في الانتخابات، ما يذهب بنا إلى أن المهمة الانتقالية للحكومة في مرحلة ما بين البرلمانين من منظور دستوري هي ضمان الأصول الديمقراطية الدستورية وحمايتها لا أكثر.
إن تشكيلة الحكومة الموسعة وخطابها لا يعكس هذه المهمة فقط، ما يعني أن تسيير الانتخابات سيكون إجراء روتينيا تملك الدولة الأردنية خبرة سارة وغير سارة فيه كما نعلم جميعا. لذا، فمهمة الحكومة بالمفهوم السياسي الواضح في الانتخابات شكلية لا اكثر، وبالتالي سوف يتبادر الى الذهن أن المهمة هي اقتصادية بالدرجة الأولى وهذا ما يدركه الجميع من ثقل الملف الاقتصادي وحجم الاشتباك والتعقيد وتعدد الفاعلين فيه، لكن برنامج الحكومة الاقتصادي معد مسبقا؛ وهو أقرب ما يكون برنامج الدولة لأن الخيارات الاقتصادية في هذه اللحظات التاريخية للاسف محدودة، فإن فرص الابتكار في برنامج اقتصادي جديد تبقى محدودة ايضا ما دامت المهمة الاقتصادية ستستمر في متابعة مسارات ثلاثة بدأتها الحكومة السايقة؛ وهي استكمال التفاهمات مع صندوق النقد الدولي وبرنامجه الجديد، ومتابعة ملف مؤتمر لندن الخاص بالاستجابة الدولية لمطالب الدول المستضيفة للاجئين السوريين، واستكمال ملف مجلس التنسيق الأردني السعودي والصندوق الاستثماري الأردني. وكما يبدو فالمهمة الاقتصادية في جلها موجهة نحو الخارج وليس الداخل.
تزامن اليوم الأول للحكومة مع رفع أسعار الوقود وهو الرفع الأعلى منذ نحو عامين، وسيبدأ عملها الفعلي هذا اليوم باستكمال إجراءات قرض ياباني جديد، ان الدولة مدركة تماما ثقل الملف الاقتصادي واحتمالات تداعياته الاجتماعية، لذا فالقراءة الثانية لتشكيلة الحكومة الموسعة تعكس هذه الهواجس، فالحكومة مفصّلة بدقة لتعكس التوازنات الاجتماعية والجهوية، وأعادت بشكل واضح فرضية التوازن الجهوي التي طورها المرحوم الملك الحسين وأفادت البلاد في زمانها، لا يعني ذلك بالضبط أن هذه التشكيلة تعكس وصفة أمنية تماما، بل الأمر الواضح أن الدولة مدركة لحساسية التداعيات الاجتماعية للملف الاقتصادي وتتوقعها خلال السنوات الاربع القادمة، بينما ستكون أشهر المرحلة الانتقالية للانتخابات مجرد اختبار لقدرة اعضاء الفريق الحكومي في الاستمرار في المهمة الاطول والاصعب والتي ستشهد قرارات اقتصادية ذات حمولة اجتماعية قاسية.
صحيح ان الدولة الأردنية تملك خبرة في ادارة التداعيات الاجتماعية سواء المطلبية أو الاحتجاجية، ومكّنتها هذه الخبرة من امتصاص تلك التداعيات وكانت حريصة في الكثير من المحطات على الحيلولة دون ان تتحول تلك التداعيات الى تعبيرات سياسية؛ إلا ان هذه الخبرة تمنهجت تاريخيا وفق اساليب التهدئة والامتصاص والتأجيل والترحيل وهذا ما يجيده رجال التوازنات.
في هذه المرحلة لا توجد ضمانات على نجاح هذه الوصفة؛ فالاستحقاقات قاسية بعدما وصلت المديونية مستويات غير مسبوقة ولا يمكن التعامل معها بالأدوات التقليدية كما هو الحال في عجز الموازنات ومشكلات المالية العامة المتراكمة؛ فهل تستطيع هذه الحكومة إعادة تعريف مهمتها، فهذا المكتوب أعقد وأصعب من أن يقرأ من عنوانه!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو