كلما عدت من سفر وقعت في شرك المقارنة بين ما عشته لأيام، وما نعيشه هنا طوال الوقت. لكني هذه المرة سأقارب هذه المشاهدات، بعد زيارة عمل دراسية برفقة معهد الإعلام الأردني إلى النرويج بلاد الفايكنج. ولربما تطول لتمتد على أكثر من ثلاث مقالات قد لا تكون متراتبة زمنياً. النرويج أو طريق الشمال، هكذا يعني الإسم، لقربها من القطب الشمالي.
تعيش يوماً مختلفاً ربما كان سبباً في ما تنعم به من تقدم وهدوء وسعادة، فهي تتمتع بنهار طويل يصل إلى تخوم العشرين ساعة في فصلي الربيع والصيف، ويخيّم فوقها ليل مثله في الطول خريفاً وشتاءً. ولأن النهار بهذه السعة اعتقدت أن الإزدهار هو واحد من خلاصاته، والهدوء والطمأنينة من بصمات ليل ممتد.
ويبقى المهم إحتكامهم لعقربي الساعة فهي الفيصل. فلا شيء يقدر لديهم كالوقت. وهنا السر. قبل مائة عام كانت النرويج في طابور الدول المتلقية للمعونات، وهاجر ما يقرب المائة ألف من أبنائها هرباً من الفقر والبرد إلى أمريكيا تحديدا.
وصاروا محركا في تنميتها. بعد اكتشاف النفط ارتفعت إلى مصاف الدول الغنية، لكنها بدل أن تبدده على العنتريات الواهية والتسليح الفشنك رغم وجودها جوار دولة تكن لها العداء التاريخي (السويد)، إلا أنها إستثمرته في بناء الإنسان وتحقيق سعادته ورفاهه. زرنا البرلمان في العاصمة أوسلو وكان محتفلاً بعيد الدستور (مستمد من الدستور الأمريكي ومبادئ الثورة الفرنسية).
ولفتني خارجه أطفال جاءوا يحتفوا بالمناسبة وتستطيع أن تميز من ألوانهم وسحناتهم أنهم من أصول مختلفة يميزهم ويبوتقهم هدف واحد. يؤمنون بنرويجيتهم ويحتفون بتريبة ديمقراطية حققت لهم هذا الفرق.
سألت صديقي (فروده ريكيه) وهو عميد معهد الإعلامي النرويجي في فريدركستاد عن سبب غياب رجال الأمن الذين لم ألحظ وجودهم طيلة تواجدنا. فقال لي هذا صحيح، وحتى أنك لو زرت مركزاً للشرطة لربما وجدته مغلقاً وعلى الباب رقم يمكنك أن تتصل بها للحاجة. ثم أضاف: لدينا ستة ملايين رجل أمن. ألم تشاهدهم؟.
وبدأ لي الأمر منطقيا. فكل مواطن هو حارس بوابة (على حد تعبير التحرير الصحفي) أي كل يحرس القانون ويرعاه من جهته. وجرب أن ترتكب مخالفة ولو بسيطة، لنجد الشرطي فوق رأسك. الناس لا تسكت على اختراق القانون.
النظافة بلا عمال وطن على حد تسميتنا. ولربما ينطبق عليها ما انطبق على حراس بوابة الأمن، فالكل منظف ولا يزبّل (لا يرمي قاذورة من شباك سيارة). فإن كنت نظيفاً فما الداعي لوجود من ينظف وراءك.
بلاد شاسعة (أربع أضعاف مساحة الأردن تقريبا) تمتد خضراء مزركشة بالأزهار والورود. وكان يمكنهم مثلاً ألا ينحرطوا في زراعة القمح التي تعمر الحقول. لكنهم لم يتكئوا على حائط النفط وحده، بل نوعوا مصادر دخلهم. فكان القمح والسمك والورد وغيرها مصادر تدر عليهم ما يتحول فوراً إلى رفاهة الناس والحياة.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو