الأحد 2024-12-15 15:48 م

نيسان أبو سلطان بقلم ( لانا الطوباسي )

08:49 م

الوكيل

'نيسان أبو سلطان'



تستهويني وأشتاق جدا لأيام وليالي رمضان وجلستنا على الإفطار والسهر مع 'أبو جانتي'
نعم! لقد اشتقت له كثيرا ،فقد شعرت معه بواقعي ومعاناتي .لكنني أختلف عنه بعض الشيء ففي الواقع أنا أيضا( أبو سلطان) وأقود سيارة (النيسان) !!!

أباشر عملي صباحاً بالاتكال على رب العباد والدعاء بالرزق الواسع والهم الزائل والفرج القريب ثم أقبل أبنائي وأغادر...
أقود النيسان وذهني يعصف بكّم الديون المتراكمة فوق رأسي وقلقي على مستقبل أبنائي والقلق لإبقاء زوجتي أسعد الزوجات وعدم إشعارها بأي تقصير فهذا هو همي الكبير!
في هذه الأثناء استوقفتني رجلا فمن هنا بدأت القضية .




تابعو معي...




القضية رقم'1:
يستوقفني رجلا طاعنا في السن ملّ من الحياة يإس من كل المخاليق لأنه قد عاش وعاشر الكثيرين.يصعد ويكاد الباب أن يقع أرضاً فور جلوسه على المقعد!
يجلس ويقول :
_'امش امش'
_'وين يا حج؟'
_ 'حكيتلك امشي يعني امشي'

أصمت طويلا خوفا من أن أتفوه بكلمة عكس مزاجه يعكر بها صفو مزاجي ويقطع باب رزقي بكشرته التي تنصب جبالا عنيدة
أواصل الصمت وهو يواصل 'أوووووف' ويردد كلمات تودي بي إلى التهلكة ك 'يلعن أبوها من عيشة' 'الله يغضب عليهم' ويشكو من ديق الحال وقلة الترحال! ولا نستطيع حتى السؤال نصمت وننتظر حتى يصل إلى المكان ويبقى يأمرني على'روح يمين' و'روح شمال' وعندما يقارب على الوصول بأمتار : 'شايف الخزان إلي عند الباب إلي واقف عندها الصبي هظاك وقف عندو'ويغادر دون أن يسأل عن تكلفة هذا الحال ويرمي لي أجرة (دراهم معدودة)لا تساوي القلق والاكتئاب لا أريد بديلا لنكده واكتئابه فأنا أطالب أجرة بدل (الكشرة) !!! ينزل وأنا أردد (أشهد أن لا إله إلا الله)(لا حول ولا قوة إلا بالله) عند نزوله أبقى واقفا مكاني وينظر من حولي إلي ظانين بأني (شفير العيلة) ولازم أستناه!وعندما ألمح تلك النظرات أنوي الرحيل بعيداً جداً عن تلك المنطقة التي نزل بها ولا أريد العودة إليها مرةً أخرى!
أقود النيسان وقلبي يمتلئ بالنكد العارم ما هذا الحال؟هل هو دائم؟أو عله هماً زائل؟
فأنا لا أريد السؤال،هذا فقط مثال ...!

القضية رقم '2 ':
يصعد شاب بعمر الزهور يحمل كتبه وهو مشغول أيرد على الهاتف أم يكمل ما بقي في السطور حتى لا تفوته أي علامة ،يبهرني بنظراته الجذابة الدالة على الحكمة والفطانة،يسلم بطريقة لبقة مهذبة يجعلني بها أنتظر منه أي تفصيل عنه.
أسأله:ماذا تدرس؟ أجابني:هندسة بحرية.
أنيق في المظهر لبق في الكلام والكلمات يذهب ذهني بعيدا جدا لأتخيل إبني (سلطان )وأخاه(ريان) وقد صنع منهم الزمان شابان مهمان لديهم علماً لا يقاس بأي ميزان.وليسا رسامان أو بائعا أي كلام.
فأشتاق لهم كثيرا وأتمنى لو أنني قريبا منهم الآن كي آخذهم في الأحضان فبارك الله لي بهما وأهداهم الله العلم والأدب وأدامني فوقهم حاميا وحانيا.

القضية رقم'3'
صعدت معي امرأة تحمل ابنها مرتدية ملابس الصلاة وتحمل حقيبة يبدو أنها قد ملأت بها الكثير من الملابس ما يلزمها لمدة طويلة نوعا ما.
بقيت صامتة طوال الوقت تبكي !!! وشعور داخلي يقهرني أتمنى لو أعلم ما بالها؟! وقبل نزولها بلحظات أهدتني نصيحة قالت لي:(أمانة يخوي تدير بالك ع الولايا اللي عندك).نزلت وتركت لي القضية وبقيت صامتا أخرج أنفاسي التي تهد الجبال .
أتأمل حالنا لماذا نقوى على بعضنا البعض أتساءل بيني وبين نفسي هل سيأتي يوم من الأيام وأضطر بها أن أضرب زوجتي ؟ما الجرم الكبير الذي ستقترفه حتى أضطر لفعل ذاك وإن حصل هل سأكون قادرا على الاعتذار منها أم سأكابر حتى تبقى تراني رجلا كما عهدتني...
أتسائل أيضا ماذا حصل مع تلك المرأه ؟لكنني متأكد بأنها ربما تعرضت لإهانه أو عنف أو إساءة أضطر بها الأمر بأن تغادر منزلها وترحل بعيدا جدا لكن أتساءل من الجاني في هذه القضية؟أتمنى بأن نصلح أنفسنا حتى يصلح المجتمع.فقد رأيت الكثير وأتمنى ألا أواصل التبرير لأنه قد يمحي إثما عظيم .
أقود النيسان أعاود التفكير بزوجتي مما يضطرني الأمر بأن أتصل بها أطمئن على حالها ثم أطريها بكلمتان تجعلانها تنتظر حضوري بشوق كبير.

القضية رقم'4':
أكمل طريقي مكملا عنائي تستوقفني أزمة السير والطرق المتعرجة والأطفال في الشوارع أنظر إليهم ثم أبتسم ابتسامة سخرية ! أراهم جميعهم قد أصبحوا Messi وأنهم حتى الذي يشجع Madrid قد أصبح برشلونيا بحتا بلبسه للكلر .والكرة تطير وتحلق في الهواء فالملعب أصبح في السماء ! أتسائل ما الشيء العظيم الذي فعله Messi حتى يحبونه بهذا القدر ؟لكنني أعلق وأقول بأن الرسول قد فعل أعظم العظائم و'دون تشبيه' طبعا نحن حتى لا نعرف ما ديانته فقد تأثرنا به ولم يتأثر بنا فهو لا يعرفنا حتى ! فماذا نستطيع أن نفعل ؟؟؟

القضية رقم '5':
في هذه الأثناء تستوقفني نظرة إلى عداد البنزين أراه فقد قارب على الإنتهاء وأقصد طريق(الكازية) لأملأ خزان النيسان.
أصل (الكازية) أطلب من العامل هناك أن يملؤه لي يرد علي قائلا :'ضروري أنا أقوم أعبيلك إياه' أرد عليه بنظرة قاهرة تملأ قلبي بالحقد الطبقي : شووو ولا شفير التكسي Self Service ! كلمته تلك تعني لي إذا وافقتموني الرأي أنه رجل لا يعطي أي إحترام أو أي تقدير لشفير التكسي وينظر إليه نظرة دونية لا أدري لماذا؟؟؟ فلو أنني أقود سيارة خاصة لم يكن ليرد علي هكذا طبعا إذا وافقتموني الرأي...؟
أستاء لبعض الوقت وأستسلم للواقع بأنه 'ياما رح أشوف كمان'...
يملأ لي خزان البنزين وعند الرحيل الله العليم ماذا قال عني ذاك اللئيم..
جلست يوم أمس أطالع النت وأنظر إلى (برنامج خرابيش المتحركة) 'على راسي' واحد من الكاريكاتير المدرجة (العالم بدون حوا) في هذه الأثناء أدعوكم لتتخيلو معي 'العالم بدون أي نيسان أو أبو سلطان' أي العالم بدون أي تكسي
تخيلو وحدكم فأنا راض عما قد تتخيلونه...

القضية رقم '6'
أتنهد تنهيدة عميقة قد تحرك جبالاً حين أنظر إلى ما قمت بجمعه في هذا اليوم أقوم بتصفية النقود كالتالي:
*22دينار ضمان
*من 15 إلى 20 دينار بنزين للنيسان
*ثم أتذكر صاحب النيسان فأنا لم أخبركم بأنني انا صديق النيسان ولست صاحبها!!!!!!! فهنا القضية:
أعاني ما أعانيه مع صاحب النيسان وأذوق مرارة غيظ الأيام من قهر هذا الزمان ومن صاحب النيسان ...
عنده فقط عاد زمن الاستعباد بعد أن ولدتني 'أمي' حراً
أخاف على النيسان أكثر مما قد أخافه على 'ريان وسلطان' هذا ليس مثال هذا وعزة القادر الحال الحاصل .........!!!لأنه إن تعطل النيسان يوماً حرم أطفالي من أبسط حقوقهم
وهذا عداكم عن 'أسلوبه الفظ في التعامل' فهو لا يمتلك أي صفة حسنة للتعامل معي أبدا فأنا فقط أشفق على النيسان و أشفق على 'ريان وسلطان'
أصبحت أفكر كيف لي أنا أتخلص من هذا الحال
القضية رقم'7':
يصعد معي شابا حسن المظهر لم أستطع أن أحدد هل هو لبق في الكلام أم لا،لأنني لم أفهم عليه سوى'ع السوق Please بعد هذه الجملة قلت في نفسي:(يرحم جدك)وأصبح يلاخم على Excuse Me بأدر أفتح الشباك وExcuse Me في مجال أدخن.هل هذه الطريقة تجعل منه إنسانا متحضرا؟اسمحوا لي، تكفيني هنا وجهة نظري 'طبعا لأ'.

...تابعوا معي...
قبل حوالي الأسبوعان غادر عمي إلى ألمانيا فهو مستقر هناك منذ (40)عاما ويستطيع أن يتكلم 4 لغات وهي:الألمانية ،الإنجليزية،الروسية،الدنمركية.
جلست معه كثيرا وفي أثناء حديثي معه لم أسمع منه أي كلمة بغير العربية وبصراحة لا أخفيكم بأن (إنجليزياتي على قدي)فعمي يعلم هذا الشيء ولم يضطر إلى إحراجي معه بالتفوه بأي كلمة قد لا أعلم معناها فهذه الطريقة التي تجعل منك (إنسانا متحضرا) إذا وافقتموني الرأي طبعا؟؟؟

'دعونا نتحضر بالعربية'

القضية رقم '8:'
يصعد شابا في الثلاثين من عمره لا يطرح السلام عند دخوله يبقى صامتا طوال الوقت لا أطلب بأن يتكلم معي لكنني أتمنى أن يسلم علي.
عند نزوله يعطيني الأجرة ثم ينزل دون أي كلمة
أقف عند هذه القضية طويلا ثم أعقب قائلا :نحن خلفاء رسول الله ماذا يحصل لو أفشينا السلام بيننا،لماذا لا نتبع سنة رسول الله؟لماذا لا نبتسم ونتبعد عن الغضب؟ فقد قال الرسول(ص):تبسمك في وجه أخيك صدقة.
ولماذا لم يشكرني أو لم يقل لي أي كلمة تثني علي (فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله)
دعونا أخوتي نصلح بأنفسنا حتى يصلح مجتمعنا.
'نقطة تغيير تنقي نهرا كبير'
'نحن لسنا بعاجزين عن التغيير'

القضية رقم'9':
كان يوم الجمعة فجميع المخاليق تأخذ إستراحة نوعا ما في هذا اليوم أما النيسان وأيو سلطان فإنهم يعملان.
صعد معي شابا يوحي لي مظهره بأنه سكران أو ربما أنا غلطان فقد إستنتجت بأنه كذلك فعلا..
دار بيني وبينه حوار _سألني :بتشرب؟
_أجبته:بشرب مي !
أبتسم لي ،صدقوني بأنني ظننت أنه داعية إسلامي فإنه يتحدث بطلاقة عن الدين وعن الله ويفتي ويأمرني بأن أقول ما يرضي الله وأن أبتعد عن أي كلام قد يغضب الله فعندما سألته: إنت بتعرف أنه حرام؟
أجابني :أه بعرف بس شو بدي أعمل .
عرفت منه أنه غير متزوج وذلك خوفا من أن يظلم بنت الناس معه وذلك لأنها (روح) وخوفا من أن يظلم الأطفال معهم فهم أيضا أرواح!
لم يعي هذا الشاب بأن نفسه أيضا روح فقد ظلم نفسه أيضا فهذا جرم وليس قضية !!!
أتسائل ما الذي أوصله إلى هنا؟
كنت أتحدث معه وبطلاقة ودون أي خوف ففي لحظة من اللحظات شعرت أنني في خطر داهم وربما أنني سأنام الليلة بعيدا عن عائلتي وأطفالي فقد سألني أين الكيس الأسود وهو لم يكن معه أي كيس بالأصل!
وعندما رأيت صديقي سلمت عليه وطلبت منه أن يصعد معي حتى أوصل ذاك الشاب 'احتياطا' بعد ذلك وقبل صعود صديقي انسحب ذاك الشاب ونزل من النيسان بحجة (صار البيت قريب)
أتسائل أعزائي ما بالنا ؟ لماذا نؤذي أنفسنا ؟ فهو لا يستطيع إيذاء الناس وأصبح يؤذي نفسه فهذا جرم كبير يعاقب عليه الرب الرحيم

القضية رقم '10'
صعد معي رجلا كبيرا في السن فمن لحظة ما صعد معي وهو يتكلم بالسياسة!

لكن ما السياسة الحالية؟
دعوني أنا أخبركم السياسة الحالية هي كحال ذاك الشاب السكران الذي لم يستطيع أن يؤذي غيره فقرر إيذاء نفسه.
نعم نحن هكذا لا نقدر أن نقوى على غيرنا وللأسف نحن نقتل بعضنا البعض...!

القضية رقم '11':
تعال أيها الإنسان وأنظر ماذا حل بالنيسان
فأبو سلطان مرضان
فلديه ألم كبير في وجهه الهزيل
قرر أن يوقف التفكير ويذهب إلى بيته الصغير
ففي لحظة جد نظر إلى حاله وتذكر أيامه
فقسى على نفسه وأراد أن يكمل مشواره
قرر أن يكمل العناء مع النيسان
تذكر سلطان الكبير ومستقبله الثمين
عدت بتفكيري إلى زوجتي فإنني أكن لها كل التقدير .
لا أخفيكم أعزائي فأبو سلطان مريض لعل المرض لا يطول فالدنيا تحتاج إلى رجل بصحة الحديد...

القضية رقم'12':
أنظر إلى من حولي أرى الدنيا ربما قد شارفت على الإنتهاء .
أدعوكم أخوتي بأن نعمل معا حتى نصلح من أنفسنا حتى نصلح مجتمعنا قدر الإمكان .
أن نتوحد حتى تتوحد جميع الشعوب العربية

أن نرتقي بإسلامنا حتى يرتقي بنا إلى أعلى المراتب
دعونا أخوتي نهتدي بنور الإسلام .

*إنتهى الفصل الأول من نيسان أبو سلطان ترقبوا الجزء الثاني .............................................



gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة