السبت 2024-12-14 07:08 ص

هل "التديّن الشامي" في خطر؟

07:06 ص

قدّم صد?قنا الباحث ا?ردني المتم?ّز مراد الش?شاني، المختص بالجماعات ا?س?م?ة في تلفز?ون 'بي. بي. سي' في لندن، أمس،

محاضرة عم?قة، مدعّمة با?رقام والمعلومات والوقائع حول طب?عة وجود 'القاعدة' وحضورھا في سور?ة، والدور الذي تقوم بھ حال?اً.
المحاضرة انتھت بنقاش ش?ّق مع الحضور في مركز الدراسات ا?سترات?ج?ة بالجامعة ا?ردن?ة. وربما المساھمة النوع?ة التي قدّمھا
الش?شاني تتمثّل في المقارنة التي عقدھا ب?ن أجندة 'الدولة ا?س?م?ة في العراق والشام' (داعش)، وب?ن 'جبھة النصرة' التي عملت على
ا?ستفادة من ا?خطاء السابقة للقاعدة وتجنّبھا، وتعكس حرص'القاعدة' المركز?ة، بق?ادة أ?من الظواھري، على 'توط?ن السلف?ة
الجھاد?ة' في المجتمعات المحل?ة.
ربما ھذا ?قودنا إلى الخش?ة التي طرحھا البعض، وھي مشروعة وواقع?ة، من اختطاف مسار الثورة الذي تأسس على مطالب الناس
بالحر?ة والد?مقراط?ة والعدالة ا?جتماع?ة، وقد انتھ?نا با?مس إلى ب?ان ?صدره 13 فص?? إس?م?ا، تتقدمھم 'جبھة النصرة'، ?تحدث
عن إقامة دولة إس?م?ة في سور?ة.
وربما، أ?ضاً، ?قودنا ھذا الھاجس إلى سؤال آخر؛ ف?ما إذا كان نمط التد?ّن السوري المعتدل المنفتح، التار?خي المعروف، في خطر ال?وم
نت?جة صعود الحركات المتشددة، وتحد?داً ذات الطابع السلفي الجھادي أو حتى التقل?دي، ب?نما تمر الصوف?ة في حالة أقرب إلى الكمون
والركود العام في المجتمع السوري؟!
ھذه الھواجس والتساؤ?ت ناقشتھا بصورة مفصّلة في كتابي ا?خ?ر 'ا?س?م?ون والد?ن والثورة في سور?ة' (الصادر عن مؤسسة
فر?در?ش إ?برت). إ? أنّ ما تجدر ا?شارة إل?ھ ھنا، ھو ضرورة التم??ز ب?ن اللحظة ا?ستثنائ?ة الراھنة وح?ث?ات الثورة المسلّحة وما
?رتبط بھا من ظروف وشروط، وب?ن الوضع الطب?عي العام.
ھذا التم??ز مھم في تفس?ر ا?سباب الكامنة وراء صعود الت?ارات السلف?ة؛ فالثورة المسلّحة انطلقت من ا?ر?اف وا?طراف نحو المدن
الكبرى، مثل دمشق وحلب؛ وأ?ضاً لطب?عة التمو?ل الخارجي الذي ?ذھب أكثر نحو الت?ارات ا?س?م?ة ا?ح?ائ?ة، ما ?عزّز حضورھا في
الثورة المسلحة.
و?ُنظر إلى الصعود السلفي في المشھد السوري الراھن بوصفھ نق?ضاً للصوف?ة التي تعاني حالة من الركود، ?ح?لھ مراقبون إلى أنّ
الت?ارات وا?تجاھات الصوف?ة البارزة عقدت، خ?ل العقود الماض?ة، 'ھدنة' غ?ر معلنة مع النظام السوري، فض?ً عن أنّ ھنالك
اتجاھات منھا، تحالفت معھ ضد الفصائل ا?س?م?ة ا?خرى، وطغت الصبغة الصوف?ة على المؤسسة الد?ن?ة الرسم?ة.
بالطبع، مثل ھذا الصعود السلفي مؤقت؛ محدّد بالظرف الراھن، و?رتبط عمل?اً بس?نار?وھات المستقبل الس?اسي في سور?ة. فإذا
استمرت الفوضى والحرب الداخل?ة، فإنّ ذلك س?عزز ا?تجاھات المتطرفة عموماً. أمّا إذا انتقلنا إلى الحل الس?اسي وعودة الح?اة
الطب?ع?ة، وانتعشت مسارات الح?اة مجدداً في المدن السور?ة، فإنّ الت?ارات ا?س?م?ة 'المد?ن?ة' المعروفة، مثل الحركات الصوف?ة،
كجماعة ز?د وا?خوان والش?وخ المعروف?ن بحما?ة تقال?د التد?ّن الشامي، س?ستع?دون زمام المبادرة، و?ملؤون الفراغ.
حتى في ا?وساط السلف?ة، فإنّ الص?غة الشام?ة التار?خ?ة المعروفة، التي تعود إلى بدا?ات القرن العشر?ن، وإلى المدرسة ا?ص?ح?ة،
ستع?د ھ?كلة وجودھا وقوتھا؛ إذ ھي تمتلك م?راثاً كب?راً لعلماء من أمثال بھجة الب?طار، ومحمد رش?د رضا، وكامل القصاّب، وجمع?ات
إص?ح?ة لعبت دوراً ح?و?اً في النصف ا?ول من القرن العشر?ن في الح?اة العامة والس?اس?ة، مثل جمع?تي التمدن والغرّاء.
نمط التد?ّن السوري الشامي المنفتح مرشّح للتطور وا?نتشار والصعود، ول?س ا?نحسار. لكن ذلك مرتبط بتحرر الشعب السوري
وتمكّنھ من بناء مستقبل ?رسم بنفسھ، من خ?لھ، نظامھ الس?اسي وا?جتماعي والثقافي.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة