الأحد 2024-12-15 17:28 م

هل القصة، يا لعّيب يا خرّيب؟

01:13 ص

كثيرا ما سألت-بحكم المهنة-المطالبين بحكومات انقاذ وطني عما يعنيه هذا المصطلح السياسي الامني الذي لم يعرفه تاريخ الدول الا في زمن الانقلابات والحروب الاهلية والكوارث التي تعجز الحكومات القائمة عن مواجهتها، ثم مؤخرا سمعنا المعارضة المصرية تطالب بحكومة انقاذ للبلاد من حكم الاخوان والسلفيين والجماعات الاسلامية, وحتى الان لم يقدم احد من المنادين بتشكيل حكومة انقاذ في الاردن شروحات للاسباب الموجبة التي علينا ان نقتنع بها لرفع الايدي مؤيدين ومهللين باعلان حالة الطوارئ وتشكيل حكومة من (المنقذين) المطالبين بها.

كيف تبدو حكومة الانقاذ شكلا، ومن هم وزراؤها، وما الذي ستنقذه وممن؟ هذه اهم الاسئلة التي لا نسمع اجابات عليها بل يكتفي المنظرون برمي الحجر في البئر وعلى العقلاء رفعه لمعرفة ما اذا كان مجرد حجر ام قنبلة، اما اذا كان المقصود مجرد تسمية فلتتشكل الان في البلد حكومة انقاذ وطني يتولاها من يتفق عليهم نواب الشعب، ولتسمى حكومة انقاذ وتضم الاسلاميين والقوميين واليساريين والعشائريين ايضا، المهم هو كيف لها ان تنطبق على الاردن الذي لا يعاني ازمة سياسية عميقة تتطلب الانجرار وراء طروحات ليس (الانقاذ) هدفها ولا اخراج البلد من حالة عدم التوافق، وانما الهدف اثبات وجهة نظر فشلت في الواقع خاصة بعد الانتخابات النيابية رغم علاتها وعيوبها واخطائها.
منذ سنوات طويلة والحركة الاسلامية تطالب بحكومات انقاذ في البلد، وكلما (دق الكوز بالجرة) سمعنا مطالبات بهذا الخصوص، تارة من قيادات تحدثت بلسان الجماعة وتارة أخرى من خطباء عاديين لا شأن لهم بالسياسة، وفي كل الاحوال لا تفسير لهذا المطلب الا التفسير المستتر خلف النوايا، والفكرة بكل وضوح لا تخلو من سوء النية بقصد او بغير قصد لا ندري، لان حكومات الانقاذ في حالة الاردن وصفة لتشويه الصورة لا تجميلها، وهي بالمفهوم السياسي مطلب المعارضات في الدول المأزومة عندما تخفق في تحقيق اهدافها بالوصول الى السلطة بالوسائل الدستورية والسلمية, فتارة يسمونها حكومات وحدة وطنية، كما هي المطالبات في فلسطين المحتلة لتخليص غزة من حكم حماس، وتارة تسمى حكومات انقاذ كما هي الحال في مصر في الوقت الراهن، فعندما تخسر المعارضة بريقها تسعى لمعركة اعلامية أخيرة للايهام بان البلاد بدونها تعيش لحظاتها الاخيرة على قاعدة ( يا لعيب يا خرّيب )، مما سيؤدي الى فزع الناس وهروب الاستثمارات بل والى رحيل رؤوس الاموال الوطنية ايضا، ومن مظاهر الدعاية الهدامة لحكومات الانقاذ تسريح العمال والموظفين واغلاق المصانع ومؤسسات الانتاج، ولكن الاخطر من هذا كله هو الفوضى وتدني منسوب هيبة الدولة الى اقصى الدرجات وتدخل البلاد في حالة تفكك اجتماعي ناجم عن الشعور بالاحباط والقلق والخوف من القادم.
نريد ان نصدق ان النوايا حسنة، وان المطالب بحكومة انقاذ تصل في اكثر حدودها تطرفا إلى المطالب بالاصلاح وبتغيير النهج والتفاهم الوطني مع وليس بدون الحركة الاسلامية وكافة اطراف المعادلة الوطنية الاردنية.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة