لو اطَّلَّع الرئيس فلاديمير بوتين أو أُطْلع على ردود أفعال الرأي العام في الوطن العربي وفي العالم الإسلامي تجاه «غزوه» لسوريا فأغلب الظن أنه سيسارع إلى إغلاق قواعده العسكرية في هذا البلد العربي وأغلب الظن أنه سيسحب جيوشه من هناك وعلى جناح السرعة والمسألة هنا ليست استناداً إلى تنبؤات باراك أوباما التي قال فيها إنَّ هذا التدخل سيتحول إلى مستنقع ستغرق فيه روسيا كما كان غرق الاتحاد السوفياتي في مستنقع أفغانستان ودفع الثمن غالياً بانهياره اللاحق وانتهائه كتجربة تاريخية لم يأسف الشعب الروسي عليها ولم يذكرها بالخير حتى عندما ساءت ظروفه في تلك المرحلة الانتقالية الصعبة.
«السعيد من اتعظ بغيره والشقي من اتعظ بنفسه» ويقينا لو أن فلاديمير بوتين, قبْل أن يخطو هذه الخطوة, التي سيدفع ثمنها غالياً, توقف طويلاً عن تجربة «الغزو» السوفياتي لأفغانستان, الذي انتهى نهاية مأساوية كانت ذروتها انهياره وانهيار الحزب الشيوعي ومعهما المنظومة الشيوعية في أوروبا الشرقية كلها وفي بعض البلدان الأخرى, فلما أقْدم على ما أقْدم عليه ولحاول البحث عن أسلوب آخر لتعزيز أوراقه المتعلقة بالمشكلة الأوكرانية التي غدت تشكل استنزافاً موجعاً لروسيا وبخاصة في المجالات الاقتصادية.
إنَّ ما مِنْ المفترض أن الرئيس الروسي يعرفه ويتابعه هو أن العرب والمسلمين, إنْ على صعيد الشعوب وإن على صعيد بعض الأنظمة, قد نظروا إلى غزو القوات الروسية لسوريا ومنذ اللحظة الأولى على أنه احتلال على غرار احتلال القوات السوفياتية لأفغانستان وأن هذا الاحتلال يستدعي «النفير العام للجهاد» وهذا في حقيقة الأمر لن يستفيد منه إلَّا تنظيم «داعش» الذي من المؤكد أنه كان ينتظر مثل هذا الخطأ الذي وقع فيه فلاديمير بوتين ليرمم مواقعه الإسلامية وليلجأ إلى الانطلاق في ما يسميه «وثبة جديدة» تحت شعار: مواجهة الغزو الروسي لدولة إسلامية وعربية!!
من المعروف أن الروس بحكم علاقات قديمة تعود لنهايات أربعينات القرن الماضي يعرفون الأوضاع السورية الداخلية معرفة أكيدة ويعرفون أن الغالبية «السنية» في هذا البلد تعمق شعورها, بعد تمادي نظام بشار الأسد في بشاعاته وبطشه على مدى الأعوام الخمسة الماضية, بأنها مستهدفه بوجودها في وطنها التاريخي وأن دفْع أبنائها إلى الهجرة على هذا النحو يعني زعزعة المعادلة «المذهبية» الحالية وبخاصة وأن هناك عمليات «تجنيس» على نطاق واسع لإيرانيين وأفغان.. ومن كل الملل والنِّحلِ على أسس طائفية معروفة.
ثم وإن على بوتين أن يعرف والمفترض أنه يعرف أن التحاق ألوف الشبان المسلمين من مناطق القوقاز ومن روسيا كلها بتنظيم «داعش» الإرهابي قد جاء كردٍّ على المذابح التي أُرتكبت في الشيشان وفي العاصمة «غروزني» على وجه التحديد وهذا يعني أنَّ الردَّ على ما تفعله القوات الروسية في مناطق الغالبية السنية في سوريا بالنسبة لنحو عشرين مليون مسلم في روسيا سيكون بالمزيد من الالتحاق بهذا التنظيم الإرهابي وباحتمال أن يبدأ العمل السري لعمل ما هو أسوأ في روسيا الاتحادية وعلى غرار ما حدث بعد المأساة الشيشانية الموجعة والمؤلمة.
لهذا وللخروج من هذا «المستنقع» فإنه لا بد من الإسراع في الانسحاب من سوريا وإعادة القوات الروسية إلى بلادها وذلك لأن سياسة «ركوب الرأس» ستكون نتائجها كارثية بالفعل فالعرب والمسلمون ينظرون إلى هذا التحالف الذي يضم روسيا وإيران ونظام بشار الأسد وأصحاب القرار الفعلي في العراق على أنه تحالف ضد «السنة» فهذه هي الحقيقة وهي حقيقة يجب أن يعرفها فلاديمير بوتين وبخاصة وأن حلفاءه يعرفونها بل وهم يسعون لمزيد من التمادي على هذا الطريق الذي يسيرون عليه والذي أصبح ومنذ الآن يؤدي إلى ردود أفعال معاكسة ستتجاوز كل ما هو معقول إنْ لم تستجد معجزة فعلية وينتهي كل هذا التحشيد الطائفي المتبادل !!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو