السبت 2024-12-14 06:08 ص

هيئة تشجيع الفساد!

07:18 ص

بالمنطق هل يمكن أن نصدق أن يتقاضى إمام راتبا مقداره 48 ألف دينار؟! علما أن غزوة بدر أولى معارك المسلمين التي فرقت بين الحق والباطل، وأسست غنائمها لقيام الدولة الإسلامية، لم تصل تكلفتها الإجمالية لراتب هذا الأمام، فقد كان مع المسلمين 70 بعيرا، وفقط فرسان، وكان الصحابة وعددهم 300 يتناوبون على ركوبها، وإذا ما حسبنا السيوف والدروع والرماح بسعر حديد اليوم، والبعير والفرس بسعر السوق اليوم، لن تصل التكلفة الاجمالية لغزوة بدر إلى 48 ألف دينار!



لو أقنع هذا الإمام هيفاء وهبي بلبس الحجاب واعتزال الغناء، ولو أقنع بابا الفاتيكان أن يؤدي الحج هذا العام، ولو أقنع ترامب أن يدفع الجزية، لو فعل كل ذلك وأردنا مكافأته لما استحق 48 ألف دينار، لأن أجر الدعوة عادة عند الإمام يكون في ميزان الحسنات، وليس الآلاف في الحسابات!


لن أصدقها بالطبع، لأن الامام الذي سيتقاضى 48 ألف دينار لن يكون إماما أصلا، فقط إذا أراد سحب الملبغ من البنك لن يصلي الظهر والعصر في جماعة لانشغاله مع مدير البنك بعّد المبلغ، ولن يستطيع قيام الليل والتسبيح بخشوع ومعه 48 ألف دينار لأن تقسيم المبلغ وإخراج الزكاة منه يحتاج الى أن يتفرغ لسبع ليالٍ لحسابها!


لو كانت الشيكات في وزارة الأوقاف تدقق بالقلوب المؤمنة الصادقة، لتم اكتشاف تلك الشيكات المصروفة في لحظتها، فمن المستحيل أن يتم صرف مثل هذا المبلغ لإمام يقيم الخمس الصلوات ويخطب يوم الجمعة، ولا يتقاضى الرئيس الأميركي مثل هذا الراتب الضخم وهو يحكم خمس قارات ويخطب كل يوم!


المعيب فيما حصل، أن يصل الفساد الى وزارة ننظر لها بعين الإجلال والاحترام، وإنْ أظهرت نتائج لجنة التحقيق وجود سلسلة فاسدة في تلك الوزارة كانت تلعب بالشيكات المصروفة للأئمة، فالكارثة ستكون أكبر وأعمق، وهي أن الفساد استشرى وأصبح لا يقف بمواجهته وجود هيئة لمكافحة الفساد تملك سلطة العقاب الدنيوي، ولا وجود قلوب عامرة بالإيمان تخاف العقاب الإلهي.


الحكومة حين تشجع على الاستثمار، يفشل الاستثمار، والحكومة حين تشجع المزارعين على زراعة الحبوب، تمحل الدنيا، والحكومة حين تشجع على تنمية الصادرات الوطنية، تغلق 1000 منشأة صناعية أبوابها بسبب ارتفاع التكاليف، لذلك أدعو الحكومة لتشجيع الفساد بدلا من محاربته، صدقوني في أسبوع سيتم القضاء على الفساد!


نعم نريد هيئة لتشجيع الفساد، فلم يعد لدينا خبرات في الاقتصاد ولا في النقل ولا في الزراعة، بل أصبحت لدينا خبرات وعقول أردنية فريدة في الفساد، كل يوم تبدع لنا أسلوبا عبقريا في نهب المال العام، وأصبح لزاما أن تستغل هذه العقول في التنمية، فهي مثلما تبدع في أساليب النهب العام، بكل تأكيد لديهم حلول للعجز والبطالة والمديونية!


حين تُنشَأ الهيئة يكون من ضمن قانونها 20 % إيرادا لأولئك الفاسدين ويكون مجلس الهيئة مشكلا من كبار فاسدي البلد، وتُحوّل للهيئة جميع المشاريع والخطط الحكومية، وبذلك بدل أن يخططوا لسرقتها، سيكون تخطيطهم لنجاحها طالما في النهاية سيحصلون على حصتهم!


البلد واقتصاده اليوم، ليس بحاجة الى حكومات نزيهة لايوجد لديها أي حل، بل البلد فعلا بحاجة لعبقرية أولئك الفاسدين طالما لديهم مليون حل!


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة