هيبة الدولة، مثل هيبة الأب، لا أحد منا يريد أن يرى هيبة أبيه وقد كسرت، أو يراه الناس صغيراً ومحطماً بلا هيبة.. وإذا هيبة الأب، في الأساس، فعل أخلاقي وقيمي، فهيبة الدولة كل ذلك، وفعل قانوني أيضاً.
للدولة، أيّ دولة، هيبة يأخذها
مواطنوها بالحسبان، حتى وهم يختلفون معها، يبقون الأشد حرصاً على عدم المسّ بها،
فهيبتهم، بالمحصلة، من هيبة دولتهم، أمام أنفسهم وأمام دول العالم وشعوبها.
نعم، نختلف، ويجب أن نختلف، مع
المؤسسات، على أيّ شأن وطني، وندعو بأعلى الصوت، لإصلاحها، ونحتج ونعترض لتصحيح
مساراتها الماليّة والإداريّة، لكن دون أن نحطم هيبتها. فهكذا تحطيم، يفتح ثغرات في جدار الوطن، ويضعف مؤسساته، ويهز
المسؤولين ويدفعهم للإنطواء، فيتسلل المتآمر والمتربص، دولاً وأفراداً، كل يحاول
أن يمدّ يده داخله ليتلاعب به وينفث سمومه وشره.
المعنى، أن في كل دولة رموزاً
ورمزيات، مهما بلغ الخلاف والاختلاف داخل أيّ منها، يبقى في محيط تلك الرموز
والرمزيات، دون مسّها أو النيل منها وتصغيرها، أو التجاوز عليها بما يفضي إلى
تحطيم صورتها وخدشها.
مثل هذا الحرص، يعكس، بلا مواربة،
وعياً متجذراً وتقديراً عميقاً لخطورة المسّ برموز ورمزيات الدولة، أو النيل من
هيبة مؤسساتها، خصوصاً تلك السياديّة والحساسة الضامنة للاستقرار والاستمرار.
هذا الوعي هو نتاج طبيعي لحسّ وطني
عالٍ، وإدراك عميق لما يحيط الدولة من تحديات وصعاب، وما تواجهه من تآمر ومخاطر.
ومن يحمل مثل هذا الوعي، ستكون
حساباته عميقة دقيقة، وخطوطه الحمر واضحة جلية، لا لبس فيها أو التباس، وخلافه مع
مؤسسات وطنه محسوب ومقدر تقديراً دقيقاً وصحيحاً، فهو يقول ويفعل، يؤيد ويعارض، من
منطلق واحد هو أن يرتقي بالوطن لا أن يهشمه. وحتى
ينضبط المعنى من كل ذلك، ويتحمل كل طرف مسؤوليته، لا بدَّ ونحن نطالب الناس، على
اختلاف مواقفهم السياسيّة، حفظ هيبة الدولة، أن نطالب، أيضاً، القائمين على
المؤسسات ذاتها بالحرص على هيبتها، وألا يتصرفوا بما يسهم في نزعها.
ذلك مدخله، وأساسه، التزام الدستور
والقانون، والشفافيّة، ومعاملة الجميع بسواسية، وأن تكون المؤسسات عادلة في
قراراتها وسياساتها، وتتوافر على مبررات كافية ومقنعة لكل قرار وتصرف. وعندما نقول إلتزام الدستور والقانون، نعني التزاماً جمعياً، فهما
يرسمان العلاقة بين السلطات، وبينها وبين الناس، وأيّ طرف يعتدي عليهما، فهو يضرب
جوهر هذه العلاقة وقيمها.
مرة أخرى، من حق الناس أن تعبر وتنتقد
وأن تدبّ الصوت احتجاجاً واعتراضاً، ومن حق الوطن على الناس أن يصونوا مؤسساته
ورموزه ورمزياته ويعلوا من هيبتها. إن إضعاف المؤسسات وتحطيم صورتها إضعاف للدولة.. فمن منا يريد أن يرى
بلده ضعيفاً مهشماً..؟!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو