الأحد 2024-11-24 10:20 ص

هي خط أحمر بالفعل

09:01 ص


قبل یوم واحد فقط من زیارة مبرمجة للملك عبدالله الثاني إلى رومانیا أدلت رئیسة الوزراء ھناك بتصریح متھور حول نیة حكومتھا بنقل سفارة بلادھا في إسرائیل إلى القدس المحتلة، خلافا لموقف رئیس الجمھوریة الروماني الذي سارع إلى توبیخھا علنا.

لكن موقف رئیس الجمھوریة على أھمیتھ لم یكن كافیا لإقناع جلالة الملك بإجراء الزیارة في موعدھا.



اللیلة التي سبقت موعد الزیارة شھدت اتصالات دبلوماسیة مكثفة بین عمان وبوخارست لإنقاذ الزیارة الملكیة المنتظرة، خاصة وان الطرفین یعولان علیھا لتنشیط التبادل التجاري، وقد توجھ إلى رومانیا بالفعل وفد اقتصادي أردني من القطاعین العام والخاص، لتوظیف زخم الزیارة اقتصادیا.


لكن عندما یقول الملك إن القدس خط أحمر بالنسبة لھ وللأردن، فھو یعني ما یقول، ولھذا تقرر إلغاء الزیارة احتجاجا على موقف رئیسة الوزراء الرومانیة، بصرف النظر عما یترتب على ھذا القرار من تأثیر على المصالح الاقتصادیة.

القدس بالنسبة للملك خارج الحسابات الاقتصادیة، وقد كان وما یزال مستعدا لتحمل أكلاف باھظة، ثمنا لالتزام أردني تاریخي بأولویة القضیة الفلسطینیة والقدس والحق العربي الفلسطیني، وثوابت الوصایة الھاشمیة على المقدسات الإسلامیة والمسیحیة.


وفي أكثر من مناسبة قال الملك أن الأردن سیوظف كل أدواتھ الدبلوماسیة والسیاسیة والقانونیة دفاعا عن القدس والمقدسات وقضیة الشعب الفلسطیني العادلة. وقد استخدم الأردن ھذه الأدوات في عدید المحطات التاریخیة، وفي مختلف المحافل الدولیة. ففي الأشھر القلیلة الماضیة عملت الدبلوماسیة الأردنیة بأقصى طاقتھا لاحتواء القرار الأمیركي بشأن القدس، وإقناع دول عدیدة بألا تحذو حذو واشنطن، ومواجھة سیاسة إسرائیل الرامیة لتھوید القدس والمقدسات میدانیا ودبلوماسیا.


المساھمة الفعالة في قمة المؤتمر الإسلامي تركیا كانت مثالا قویا على التحرك الملكي لحشد التأیید دعما للقدس.


وفي كل المناسبات كان الملك یوظف ثقلھ الدبلوماسي وعلاقاتھ الواسعة مع قادة العالم بوصفھا أداة من أدوات القوة الدبلوماسیة الناعمة، لكسب التأیید لموقفھ المستند لقرارات الشرعیة الدولیة، لكنھ في حالة رومانیا لجأ لما یمكن وصفھ بالدبلوماسیة الخشنة والصارمة، ردا على موقف استفزازي یتناقض مع القرارات الدولیة من قبل رئیسة الوزراء التي تحابي حكومة الاحتلال لحسابات انتخابیة ومصالح سیاسیة ضیقة، على حساب علاقات رومانیا القویة مع الدول العربیة وشبكة المصالح الاقتصادیة.


خطوة الملك ھى الأولى من نوعھا التي یقدم علیھا زعیم عربي نصرة للقدس والحق الفلسطیني، ویمكن أن تؤسس لسلوك دبلوماسي عربي جدید في التعاطي مع الدول التي تنوي نقل سفاراتھا للقدس المحتلة.


وفي القمة العربیة المقررة بعد أیام في تونس، تستطیع الدول العربیة أن تتخذ من موقف الملك منھجا للتعامل والقیاس لعلاقاتھا مع دول العالم، وتفعیل أدوات الدبلوماسیة العربیة لتجرید القرار الأمیركي حول القدس من شرعیتھ السیاسیة، لأنھ في الأساس باطل من الناحیة القانونیة، ولا یترتب علیھ أیة استحقاقات سیاسیة تمس بالوضع الحالي لمدینة القدس كونھا تقع تحت سلطة احتلال لا یعترف العالم بھا.

gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة