الجمعة 2024-09-20 20:25 م

وحش الجوع والفقر

07:39 ص


لسنا بحاجة للكثیر من العناء لإثبات أن الاوضاع الاقتصادیة في البلد لیست على ما یرام، ولسنا بحاجة للكثیر لاكتشاف ان نسب الفقر ترتفع بشكل ملحوظ، وان القطاعات الاقتصادیة بكل انواعھا تعاني ركودا قاتلا، وكسادا بات یعصف بھا.



ربما ارقام وزارتي المالیة والتخطیط التي تتحدث عن تحسن ھنا او ھناك لیست مقنعة في مشاھدات بأم العین حجم التدھور الذي لحق بالناس وملامسة معاناة التجار والقطاعات المختلفة الاخرى، وتدني مستوى الاجور التي بات لا یسد رمق الكثیر من العائلات المستورة في ظل ارتفاع تكالیف المعیشة.


واذا سلمنا ان عمان یسكنھا ما یقرب من 3 ملیون شخص ویزید، وفي ظل معرفتنا أن عاصمتنا من أعلى العواصم العربیة من حیث تكالیف المعیشة، فإن ذاك یجعلنا نستشعر أن أكثر بكثیر من 2 ملیون فقیر یعیشون بیننا، وربما یزید العدد، خاصة أن الرواتب سواء في القطاع العام أو الخاص لم ترتفع منذ سنین، فیما ارتفعت تكالیف الحیاة مرات ومرات ومرات.


مؤخرا نشرت صحیفة الإندبندنت تقریرا عن المملكة قالت فیھ أن أردنیین بشكل لافت باتوا یكسبون قوت یومھم من خلال النبش في حاویات القمامة، وقبل ان نغضب من قساوة العنوان، فإنھ یكفي أن نجوب شوارع العاصمة أو شوارع مدن كبرى اخرى لنرى بأم العین فعلا أناسا كثرا یمتھنون ذلك.


الظاھرة لیست بحاجة لتفسیرات اقتصادیة والكثیر من التنظیر، ولیست بحاجة لانتظار تأكید او نفي حكومي بأن ذلك لا یعني توسع الفقر او تقلصھ، فلو خرجت علینا الحكومة لتقول خلاف ذلك فإن مشاھداتنا الیومیة تنفي ما ستذھب إلیھ، سیما واننا لم نكن نشھد مثل تلك الظاھرة في سنین سابقة، والیوم بتنا نلحظھا بكثرة، وھذا یجعلنا نقر ان الظروف الاقتصادیة ھي التي افرزت اشخاصا یمتھنون النبش في القمامة، واشخاصا یتسولون، وسواد الناس ما یزالون ینتظرون یعضون على فقرھم بالنواجذ دون ان یئنوا او یشتكوا.


بحسب الصحیفة العالمیة فإن ما یقرب من ستة آلاف شخص ینخرطون یومیا في تلك العملیة سوادھم ان لم یكن اغلبھم اطفالا ونساء، واولئك یبحثون بین القمامة على علب مشروبات عازیة او بلاستیك لإعادة تدویرھا من خلال بیعھا والاستفادة من المبالغ التي یحصلون علیھا لاحقا لسداد جوعھم.


مواصلة الكلام عن أوضاع اقتصادیة صعبة، وموازنة تترنح، ودین عام مرتفع، دون حلول إبداعیة تكفل إدارة عجلة الانتاج، وتؤمن تشغیلا للعاطلین عن العمل، وتخفیض حجم الفقر سیكون كمن یدق الماء، وستكون الكلمات الحكومیة عن تحسن مجرد كلمات تذروھا الریاح لا أثر ولا قیمة لھا إن لم یلمسھا المواطن ویشعر بھا الفقیر.


الحقیقة المرة ان الموضوع لا یقف عند حد نبش الحاویات، بل ان قطاعات اقتصادیة كثیرة اصبحت تعاني، ومعاناة تلك القطاعات اثرت على فكرة التكافل الاجتماعي التي كنا نلمسھا سابقا، فبعض القطاعات الاقتصادیة التي كانت تخصص من اموالھا لصندوق الزكاة مثلا، او لدعم عائلات مستورة بشكل مباشر خفضت من ذلك الدعم في ظل تدھور اوضاع تلك الشركات والمؤسسات نفسھا.


عوامل كثیرة تراكمت فأظھرت لنا مشكلة ارتفاع منسوب الفقر والتي طالما حاولنا غض النظر عنھا، والیوم باتت الظاھرة واضحة للعیان دون مواربة او تجمیل، ولذلك فإن الحكومة مدعوة لقراءة الأمر جدیا والتعامل معھ بمنتھى الشفافیة والبحث عن وسائل علمیة واقتصادیة للحد من توسع الظاھرة، التي طالما حذرنا منھا وكتبنا عن خطورة انھیار الطبقة الوسطى بفعل عوامل الضغط التي تعرضت لھا من خلال الضرائب المتزایدة والتضخم وخلافھ، والیوم بتنا نشھد بأم العین خطورة انھیار الطبقة الوسطى التي باتت فقیرة، واثرھا على المجتمع.

gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة