الأحد 2024-12-15 20:48 م

يحدث في الاردن .. صغار يدخنون الأرجيلة ويقودون السيارة وسط مباهاة الأهل

11:59 ص


الوكيل- لم يتنبه الثلاثيني أبو رامي لمخاطر فعلته في تقديم سيجارة لطفله الصغير الذي لم يتجاوز الأربعة أعوام في جلسة ضمت عددا من الأصدقاء، وما كان من الجميع سوى الضحك والتصفيق لهذا الطفل، ومحاولة تعليمه الإمساك بها بالطريقة المثلى، والتشجيع على سحب دخان السيجارة أكثر فأكثر لتعلو الضحكات على ما يقوم به هذا الصغير!

إعجاب والد الطفل وأصدقائه بتدخينه طال والدته أيضا، التي طلبت من والده تصويره في تلك الجلسة لتبادر بإنزالها على الصفحة الخاصة بها على موقع “الفيسبوك”، معلقة (فرفشوا مع رامي) لتنهال التعليقات بين المؤيدين والمعارضين لهذا الفيديو.
تقول الوالدة “علمت مؤخرا عواقب هذا المزاح مع صغيري، فأصبحنا عندما نذهب إلى أي مكان يبادر أصدقاؤنا بإعطاء رامي سيجارة، ويسارع لقبولها وتدخينها، حتى إنه أصبح يطلبها أحيانا من الأشخاص الغرباء، والآن استخدم وسائل عدة كي أمنعه من ذلك، لكنه يبدأ بالصراخ والبكاء”!
بهدف المزاح والضحك يقبل العديد من الأهالي على توجيه أبنائهم لسلوكيات سلبية قد تمتد معهم للكبر، وتصبح اعتيادية في حياتهم كأن يعطى للطفل سيجارة، أو وضع (بربيش) الأرجيلة بين يديه الصغيرتين ليبدأ باستنشاق السموم بأجواء القهقهات والتعليقات من الكبار، أو قيادته للسيارة وهو لم يتجاوز العاشرة من عمره، ليدرك الأهل لاحقا عواقب أفعالهم هذه عندما يرون ردات فعل الصغار وتطبيقهم لها في مواقف مختلفة هم السبب في وقوعها.
وكذلك الحال للأربعينية سهاد التي لا يكاد يمر يوم إلا وتحضر الأرجيلة في شرفة المنزل، وتبدأ بتدخينها مع إحدى الجارات، لتشاركها ابنتها الصغيرة ذات السبعة أعوام، التي تطلب خصيصا من والدتها أن تحضر (المعسل) بالنكهة التي تفضلها!
تقول الابنة الصغيرة “لست الوحيدة التي تدخن الأرجيلة، فعندما أخبرت صديقاتي في المدرسة بذلك، عرفت أن صديقتي هالة تدخن مع والديها أيضا”.
أما الوالدة فتقول “كل ممنوع مرغوب، لذلك لا أمنع صغيرتي من الأرجيلة، حتى لا يبدو الأمر غريبا وممنوعا أمامها، وأنا لا أسمح لها بالتدخين، لكنها بعض السحبات”!.
أبو فؤاد ينتقد تصرفات بعض الأهالي في تربية أبنائهم ومنهم شقيقه وحرصه على تعليم ابنه الصغير الذي لم يتجاوز الثمانية أعوام قيادة السيارة، وتصويره له بين الحين للآخر وهو يقود السيارة بمفرده في أحد الشوارع.
يقول أبو فؤاد “أنا لست ضد تعليم الطفل أي مهارة لكن أرى ضرورة اختيار المهارة الصحيحة وفي الوقت المناسب، فابن أخي أصبح لديه ولع شديد بقيادة السيارة، ويعتقد بأنه محترف يمكنه قيادة السيارة بمفرده، وعلمت قبل فترة قصيرة بأنه خرج من المنزل وحركها من مكانها لمكان آخر، وبفضل الله لم تنجم أي كارثة”.
ويضيف “يعتقد الأهل أنهم يصنعون شيئا مميزا عندما يقبل طفلهم الصغير على سلوك لا يتناسب مع عمره، بل ويتباهون به ويصورونه، ليصبح سلوكا حقيقيا في حياة الطفل ويتعلق به سواء في التدخين أو الأرجيلة وغيرها من التصرفات التي يقبل على فعلتها الصغار بتشجيع أوليائهم، لا يعون تبعاتها إلا مؤخرا”.
وفي هذا السياق تلفت الاستشارية الأسرية والإرشاد التربوي سناء أبو ليل إلى أن هناك الكثير من السلوكيات الخاطئة التي يرتكبها الأهالي بتربية أبنائهم تبدأ بصور وتصبح واقعا، نفس المبدأ الذي يصنع الخيال، فينتظر الصغير الواقع حتى يطبقه بالفعل، عكس الابن الذي يبنى له أهداف، وقد تكون لدى الأهل حركة عفوية أو جو مرح، لكنه يطبع سمة داخل نفس الطفل ويمتد معه للكبر، وعندما يصبح واقعا حقيقيا يتناسى الأهل أنهم السبب في وقوعه.
وتلفت أبو ليل، أن التربية بالقدوة حتى لو أن أحد الوالدين أو كليهما مدخن فيجب تجنب الجلسات السلبية بالتدخين أمام الأبناء أو الأصدقاء، كما أن المدخن الذي لا يستطيع مفارقة هذا السلوك وبذات الوقت ينصح ولده بالإقلاع عنه، يجب أن يكون له وسيلته في الإقناع على الأقل بعدم التدخين أمامه، وبذات الوقت من يعلم ولده قيادة السيارة بسن صغير، وعندما يصل لسن معين مثلا تراه يسرق المفتاح ويذهب للخروج وقيادة السيارة دون رخصة، فجميع الأبناء يخرجون حصيلة تربية والدهما.
وتشير إلى أن تربية الطفل تبدأ منذ الحضانة في الطعام والشراب والاعتماد على النفس وتعليمه السلوكيات الصحيحة، فإذا قرر الأهل تخريجه متهورا فيخرج كذلك أو عزمت على إخراجه قائدا فيربى هكذا، وإذا نشأ في بيئة مدخنين فلن يتردد في الانضمام إليهم.
وتبين أبو ليل كيف يمكن للأهل تدارك مزاحهم المقترن بسلوكيات خاطئة، مثل إعطاء الصغير السيجارة أو الأرجيلة أو قيادة الطفل للسيارة، عن طريق تغيير السلوك أمامهم، وعدم الثناء على افعالهم إن حاولوا تجريبها مرة أخرى، وتوضيح أن الأمر كان مزاحا والاعتراف أمامهم بأخطائهم في السماح لهم القيام بها، وطرح خبرات وأمثلة لمواقف إيجابية أخرى أمامهم لتغير صورة هذا الموقف مثلا (تصوير الصغيرة وهي تقوم بموقف ضاحك واستعراضه أمام الآخرين بدلا من تصويرها وهي تمسك السيجارة وتدخن)، فالإنسان بحاجة إلى المزاح ولكن ليس بالسلوكيات السلبية.(الغد)


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة