قال الشاعر يوسف عبد العزيز إن 'الشعر الفلسطيني في الداخل عليه تعتيم إعلامي'، مؤكدا أن بيت الشعر الفلسطيني والاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين في الداخل 'محصنون ضد التطبيع مع العدو الصهيوني'.
وأوضح أن 'الشعر الفلسطيني الحديث توجد به مفارقة واضحة نلمسها، بين قصائد الداخل وقصائد المنفى'، مبيِّنا أن تجربة الداخل ترصد عيانية حارة، وتتكئ على أرض صلبة، تقوم على المواجهة المباشرة مع الاحتلال، بينما قصيدة المنفى تصدر عن ذكريات أو وقائع متخيلة، ما يتسبب بوجود ترسبات ذهنية فيها أحياناً'.
ورأى عبد العزيز في الأمسية الشعرية التي أقامها منتدى الرواد الكبار للشاعرين مراد السوداني ويوسف المحمود من فلسطين، وأدارها الشاعر عبدالله رضوان، أنه من أجل معالجة ذلك الخلل القائم غالباً ما يلجأ شعراء المنفى إلى الاستعانة بالحنين 'حتى لتبدو القصيدة عندهم محمّلةً بتلٍّ عارمٍ من الأشواق'، وفق تعبيره.
وأشار عبدالعزيز إلى أن الشاعر مراد السوداني في ديوانه 'السراج عالياً' يشتبك الخاص بالعام، وتداخل قضايا الشاعر الشخصية بما تتضمنه من حب وتعب وهموم، بالحالة الوطنية العامة، أي حالة الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت الاحتلال.
وأضاف 'لا نكاد نعثر على قصيدة حب مثلا دون أن تقتحم ظلالها الوارفة بشاعة المحتلين الصهاينة، وبالمقابل فلا نكاد نقرأ قصيدة ترصد المأساة الفلسطينية، بمعزل عن الروح العاشقة المحبة المتمردة، التي صممت، حتى وهي في أقصى درجات العذاب والعزلة، إلا وأن تحتفي بالحياة'.
واستعرض عبدالعزيز العناصر الفنية التي اتكأ عليها السوداني في تجربته الشعرية في مقدمة تلك العناصر من الفضاء الفلسفي الذي تتحرّك فيه القصائد، والطبيعة الفلسطينية الغنية بالمشهدية والتشكيل.
وأرجع عبدالعزيز ذلك الميول عند السوداني للعلاقة بالفيلسوف والشاعر والروائي حسين البرغوثي، مشيرا إلى أنّ الرؤى الفلسفية في قصائد السوداني ليست موجودة ضمن إطارها الجامد، بل إنّها موجودة من خلال ذوبانها في ماء العبارة الشعرية، في قصيدة له بعنوان (هدوء) يقول الشاعر: 'أمشي لنبع الماء مقموراً
تتساقط الذّؤبان من عينيّ
والأيلُ المحبّكُ بالتعاويذ الرحيمةِ والصهيل
ترخي صلابتها الحجارةُ
في قصيدة شاعرٍ قلقٍ
فتسيلُ أشجارٌ معاندةٌ
ويكون مرموز الليونةِ جوهر الإيقاع والمعنى'.
ورأى عبد العزيز ان الطبيعة الفلسطينية، لها أثر عظيم في إثراء تجربة السوداني، مؤكدا ان هذه الطبيعة دخلت في نسيج الصورة الشعرية والمشهد الشعري الذي يرسمه الشاعر. ولفت إلى أن القارئ يشاهد في قصيدة السوداني كرنفال الزهور البرية، ويسحره طعم الهواء الذي وصفه الشاعر محمود درويش حين قال عنه 'والهواء يرى ويُؤكلُ مثل حبّ التّين'.
ووصف عبدالعزيز قصائد السوداني في تلك المجموعة بأنها تمتزج بمسحة من الأسى، مشيرا إلى ألم ما متغلغل في طيّات القصائد، قلق وتوجّس لا يغيبان عن بال القارئ، وهو يتأمّل أحوال هذا السراج الشعري، ولعلّ السبب الكامن وراء هذا الأسى والتّوجّس هو استمرار حالة الفقد والفجيعة التي ظلّت تعصف بالحياة الفلسطينية.
ورأى عبدالعزيز ان تجربة الشاعر الفلسطيني يوسف المحمود 'تنطلق من عمق الدّاخل الفلسطيني، الحار المتوثّب، الطافح بالمرارة، والمندلع بالأحلام، لتعزّز روح الصمود والمقاومة.
وأضاف أن 'قصيدة المحمود لا تقوم على التحريض، ولا تستمدّ شعريتها من الشعار السياسي الذي ترفعه، كما تعوّدنا عليه في الكثير من النماذج الشعرية القادمة من فلسطين، إنّها قصيدة تذهب بنا إلى البسيط والعادي في الحكاية الفلسطينية، وتحديداً إلى المحور الذي يدور حوله الصّراع والمتمثّل بالأرض'.
وتابع 'إن تلك القصيدة تحفر عميقاً، في طبقات تلك الأرض السحرية المعجّنة بالأحلام. ولعلّ الطبيعة الفلسطينية أن تكون، هي المسرح الأكثر فتنةً الذي تتحرّك في أمدائه تلك القصيدة، منوها إلى ان قصائد المحمود تحتفل بسحر هذه الطبيعة، في أعراسها الجديدة، وولاداتها المتكرّرة، الأمر الذي يشير إلى طارئيّة الاحتلال من جهة، وإلى جسارة الرّوح الفلسطينية وانتصارها من جهة أخرى.
يعد ديوان المحمود 'أعالي القرنفل' المحمود، وفق عبدالعزيز، إضافةً نوعيّة ليس إلى الكتابة الشعرية الفلسطينية فقط، ولكن إلى الكتابة الشعرية العربية أيضاً، وذلك لما فيه من مشهدية عالية تستفيد من جماليات السينما، والذي تمكّن المحمود فيه من بعث تلك الإيقونات الباذخة للمكان الفلسطيني، في بعده الريفي، بعدما مرّت عليها يد المحتلّ وعاثت بها تخريباً.
وفي كلمتها الترحيبية قالت هيفاء البشير:'إن نلتقي بمبدعين من فلسطين الشقيقة لنتعرف من خلالها على نخبةٍ متميزة من شعراء فلسطين من أصحاب الحساسية الشعرية الجديدة ، فهما يمثلان جيلاً شعرياً فلسطينياً جديداً ومختلفاً'.
وأكدت البشير على إلى ان انفتاح منتدى الرواد على التجربة الأدبية العربية، جزء من سياسة المنتدى للتعريف بعدد من التجارب الأدبية العربية، ومن منطلق الإيمان بوحدة الهم واللغة والتاريخ والحلم، وليظل المشهد الثقافي شمولياً ومتعدداً، مشددة على ان النشاط الثقافي هو جزء رئيس من أنشطة المنتدى التي تشمل أنشطة عديدة. وتخلل الأمسية قراءات شعرية للشاعرين وتوقيع الديوانين السراج عاليا وأعالي القرنفل.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو