الحكومة الحالية لا تتحدث كثيرا عن مشكلة الفقر. فيما المعالجات تقليدية؛ تستند إلى آليات بائدة، محورها صندوق المعونة الوطنية الذي يكرس الفقر واقعا لا يحبذ المرء الاستغناء عنه، إذ يصبح معتمدا على مبلغ مالي يغنيه عن التفكير في العمل والإنتاج.
أما تطبيق استراتيجيات مكافحة الفقر، فمسألة مؤجلة، ولتتفاقم المشكلة أكثر مع تباطؤ النمو الاقتصادي، وضعف تنظيم وسوق العمل؛ فيصبح المعرضون للفقر أكبر، بأن تتسع الشرائح التي يهددها العوز، بعد أن عجزت مداخيلها عن الوفاء بالتزامات معيشية أساسية.
ذلك أن القدرة على محاصرة الفقر وانتشال شرائح منه، تتقلص مع ضعف سياسات التشغيل للأردنيين. وثمة تشكيك في عدد فرص العمل التي تقول الحكومة إنها وفرتها للمواطنين، بالتزامن مع حالة إنكار رسمي كبيرة لاتساع مدى مشكلة البطالة، لاسيما بين الشباب.
الحقيقة تتكشف بالنظر إلى أرقام منظمة العمل الدولية، التي تؤكد أن البطالة مرتفعة في المملكة، وتصل إلى 20 % كنسبة عامة، وليس
12 % كما تشير الأرقام الرسمية. فيما تقفز هذه النسبة لدى شريحة الشباب لتلامس 40 %، مع الأخذ بعين الاعتبار خطورة هذا الرقم، بحكم ماهية هذه الشريحة ضمن المجتمع.
سبب آخر لتعمق مشكلة الفقر، يتأتى من الإخفاق بتحقيق التنمية في المحافظات، من خلال الارتقاء بالخدمات العامة الأساسية، بل هي تراجعت، للأسف، نتيجة تصاعد الضغط على الموارد بحكم الزيادة السكانية غير المتوقعة نتيجة اللجوء السوري.
بصراحة، ثمة إهمال حكومي كبير لملف الفقر، فلا يكاد يظهر اهتمام بالمشكلة، كما مخاطرها السياسية التي لا تؤخذ بالحسبان من قبل الحكومة. وهذه المشكلة هي بالتأكيد ليست مسؤولية المؤسسات الدولية، لاسيما صندوق النقد الدولي الذي ينصب اهتمامه على الأرقام المطلقة للسياسات المالية والنقدية.
مساكين الفقراء! الإهمال يحاصرهم، والظروف الإقليمية تشتت الاهتمام بهم، فيصبحون مجرد رقم تتداوله الحكومة بسطحية؛ من دون شعور بتأنيب الضمير، وضرورة إعانتهم وإنقاذهم من واقعهم المظلم. وتتعمق المشكلة في ظل ضعف شبكة الحماية الاجتماعية التي تطبقها الحكومة لمساعدة الفقراء، وحمايتهم وغيرهم من قراراتها الاقتصادية القاسية.
اليوم، لم يعد الفقراء أولوية، تماما كما هي حال الطبقة الوسطى، وتحديدا الشريحة الدنيا منها التي من السهل أن تنزلق وتترك مكانها خاليا، وبما يعمق حجم التشوهات، ويوسع الفجوة بين الطبقات الاجتماعية.
فاليوم أيضاً، تقاتل الطبقة الوسطى بدورها لتصمد وتجابه التحديات. وجزء منها يخسر المعركة بفداحة، لتتسع شريحة الفقراء، فنصبح إما فقراء أو أثرياء، إلا من رحم ربي من الشرائح العليا للطبقة الوسطى.
إعادة بناء الطبقة الوسطى وتوسيعها، أمر غير ممكن إلا بسياسات حقيقية لمعالجة الفقر، وإخراج جزء من الفقراء لينضموا إلى الطبقة الوسطى، أو بحماية تقوي موقف 'الفقراء العابرين'. وهذه الفكرة تحتاج إلى أكثر من معونة وطنية وشبكة حماية لا تحمي؛ هي تتطلب تطبيقا واقعيا لفكرة دعم المشاريع المتوسطة والصغيرة.
هنا تبرز الحاجة لقطاع خاص يدرك مخاطر اتساع ظاهرة الفقر عليه، فيؤمن أن مجتمعات بأعداد كبيرة من الفقراء والمهمشين، لن تكون آمنة على حاضرها ومستقبلها، لأن الجوع ظلم، والظلم موجع.
وعلى كل مسؤول يهمل الفقر ويضعه على الرف، إدراك أن أرقام الإنجازات الصماء التي يفرح بها، لا تعني شيئا، طالما أن فشلا كبيرا سجل باسمه تنمويا. وعلى المسؤولين عموما تذكّر أن انعكاسات الفقر كبيرة، فلا تنفصل عن ارتفاع عدد الجرائم، والتطاول على هيبة الدولة، والاعتداء على الممتلكات العامة.
وعلى من يديرون ملف الفقر أن يعلموا أن الفكر الراديكالي، ولو في جزء منه، هو انعكاس لتفكك الطبقة الوسطى وارتفاع أعداد الفقراء، وأنهم بإهمال المهمّشين يزرعون التطرف، ويوفّرون بيئة مواتية لنموه وتفشيه.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو