الإثنين 2024-11-11 01:32 م
 

الاستقلال .. تاريخ وطن ومسيرة بناء

01:06 ص

الوكيل - يحتفل الأردنيون، في الخامس والعشرين من أيار الحالي، بالعيد التاسع والستين لاستقلال المملكة الأردنية الهاشمية، والذي تتجدد فيه معاني الاعتزاز والفخر لدى الأردنيين بتحمل مسؤولياتهم تجاه وطنهم، وحماية مكتسبات الاستقلال ومنجزات الوطن، متطلعين بعزم وثقة إلى المستقبل الأفضل بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني.اضافة اعلان


ويستذكر الأردنيون هذا اليوم الخالد والمشرّف، في تاريخ الوطن، عنوانا لحريتهم ومجدهم وفخرهم، مجددين العهد بأن يبقى التاج الهاشمي درة على جباههم العالية، مستمدين عزيمتهم من الآباء والأجداد في مسيرة بطولية، منذ انطلاقة الثورة العربية الكبرى، في العاشر من حزيران عام 1916، بقيادة الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه.

ويأتي هذا العيد الغالي على قلوب الأردنيين جميعا وهم يواصلون مسيرة البناء والعطاء والإصرار على الانجاز، وتقديم الأردن أنموذجا للدولة الحضارية التي تستمد قوتها من تعاضد أبناء وبنات شعبها، والثوابت الوطنية والمبادئ والقيم الراسخة التي حملتها الثورة العربية الكبرى، ويلتف حولها الأردنيون كافة.

ويفخر الاردنيون، في هذا اليوم الأغر، بأن يعيدوا قراءة التاريخ منذ أن التأم المجلس التشريعي الاردني الخامس، بتاريخ الخامس والعشرين من ايار عام 1946، معلناً الاردن دولة مستقلة استقلالا تاما، مع البيعة لصاحب الجلالة عبدالله بن الحسين ملكاً للمملكة الاردنية الهاشمية، حيث تواصلت مسيرة الخير والعطاء في عهد المغفور له جلالة الملك طلال وعهد المغفور له جلالة الملك الحسين طيب الله ثراهم، وصولا الى السابع من شباط عام 1999 حيث الحاضر والمستقبل بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه.

واراد الاردنيون ان يكون اعلان استقلال بلادهم محققا للاماني القومية وعاملا بالرغبة العامة، التي اعربت عنها المجالس البلدية الاردنية في قراراتها المبلغة الى المجلس التشريعي، واستناداً الى حقوق البلاد الشرعية والطبيعية، وما حصلت عليه من وعود وعهود دولية رسمية، فقد اصدر المجلس التشريعي الاردني بالاجماع القرار التاريخي باستقلال الاردن وتاليا نص القرار: «بناء على ما اقترحه مجلس الوزراء في مذكرته رقم 521 بتاريخ 13 جمادى الاخرة 1365 ه الموافق 15 أيار 1946 م فقد بحث المجلس التشريعي النائب عن الشعب الاردني امر اعلان استقلال البلاد الاردنية استقلالاً تاماً على اساس النظام الملكي النيابي، مع البيعة بالملك لسيد البلاد ومؤسس كيانها (عبدالله بن الحسين المعظم)، كما بحث امر تعديل القانون الاساسي الاردني على هذا الاساس بمقتضى اختصاصه الدستوري، ولدى المداولة والمذاكرة تقرر بالاجماع اعلان البلاد الاردنية دولة مستقلة استقلالاً تاماً وذات حكومة ملكية وراثية نيابية والبيعة بالمُلك لسيد البلاد ومؤسس كيانها وريث النهضة العربية عبدالله بن الحسين المعظم بوصفه ملكاً دستورياً على رأس الدولة الاردنية بلقب حضرة صاحب الجلالة عبد الله بن الح
سين ملك المملكة الاردنية الهاشمية». وبقيت هذه اللحظات عالقة في ذاكرة التاريح محطات عز وفخار لن تمحو الايام عطرها وستبقى في الوجدان انشودة وطن يتغنى بها كل المخلصين من ابنائه، وفي الساعة الثامنة من صباح 25 ايار 1946 اتجهت عشرات السيارات الى دار البرلمان التي كانت غاصة ليس بالنواب فحسب، لكن بكبار الوفود والمراسلين الاجانب والمصورين، وحمل رئيس الوزراء انذاك ابراهيم هاشم قرار البيعة في صندوق مرصع بالتاج الذهبي، وكتب بخط جميل ضمن اطار مزخرف وشحه المغفور له الملك المؤسس بتوقيعه السامي.

وفي تفاصيل ذلك اليوم، عاد رئيس الوزراء آنذاك الى البرلمان حيث ينتظر النواب وجمهور حاشد ليتلى القرار وتطلق المدفعية مئة طلقة وطلقة وتعلو الهتافات في وقفة تاريخية مجيدة.

وفي قصر رغدان العامر حيث اعدت قاعة العرش لاستقبال الوفود العربية والاجنبية والمهنئين من ابناء الاردن القى الملك المؤسس كلمة قال فيها «ابدأ بحمد الله على نعمائه واصلي واسلم على سيدنا محمد نبي الرحمة وعلى اخوانه من الانبياء والمرسلين جميعا صلاة دائمة طيبة مباركة ، ثم اشكر شعبي العزيز وحكومتي المؤتمنة لما بايعا به وما حقق بما ايدنا ووفقنا من امل البلاد واماني الثورة العربية التحريرية وذلك باعلان بلادنا الاردنية دولة مستقلة استقلالا تاما تعتز بأن تظل الوفية لميثاق الوحدة القومية والمثل العربية وانه لمن نعم الله ان يدرك الشعب بان التاج معقد رجائه ورمز كيانه ومظهر ضميره ووحدة شعوره ، بل انه لامر الله ووصية رسله الكرام ان يطالع الملك الشعب بالعدل وخشية الله لان العدل اساس الملك ورأس الحكمة مخافة الله».

وبتحقيق الاستقلال التام أخذت المملكة الأردنية الهاشمية دورا متقدما وبارزا عربيا ودوليا لتتبوأ مكانة متقدمة، موظفة استقلالها في الدفاع عن الأمة العربية والإسلامية وقضاياها العادلة، حيث شاركت المملكة، بعيد استقلالها بأيام، في مؤتمر قمة انشاص بمصر في الثامن والعشرين من أيار عام 1946. وتم وضع دستور جديد للدولة الأردنية وصادق عليه المجلس التشريعي بتاريخ الثامن والعشرين من تشرين الثاني من العام 1946 ، وبتاريخ الرابع من آذار عام 1947 تم تشكيل أول حكومة أردنية في عهد الاستقلال، وجرت في العشرين من تشرين الأول العام 1947 أول انتخابات برلمانية على أساس الدستور الجديد.

وحينما تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية، ملكا للمملكة الأردنية الهاشمية، في السابع من شهر شباط عام 1999، كان يعلن بقَسَمه أمام مجلس الأمة العهد الرابع للمملكة، التي كان تأسيسها على يد الملك عبدالله الأول ابن الحسين بن علي، ثم صاغ دستورها جده الملك طلال، وبنى المملكة ووطد أركانها والده المغفور له باذن الله الملك الحسين طيب الله ثراهم.

وفي عهد الملك المعزز عبدالله الثاني، غدا الاردن أنموذجا من العمل الجاد نحو حل القضايا التي تواجهه والامة العربية، فضلا عن عمل جلالته الدؤوب، على الساحة المحلية، لتطوير مختلف النواحي السياسية والثقافية والاقتصادية والامنية وبناء القوات المسلحة على اسس عصرية وعلى قدر من المهنية والاحتراف العالي، حيث عمل جلالته على تجذير الديمقراطية وحقوق الانسان والحرية، والامن والامان لكل المواطنين.

وحظي الدور الكبير الذي لعبه الملك عبدالله الثاني، منذ ان تبوأ سدة الحكم، بتقدير الاوساط السياسية العربية والدولية، لما لجلالته من اسهمات بارزة في دعم التعاون العربي وازالة الخلافات بين الدول الشقيقة للوصول الى استراتيجية تكفل للامة العربية تعاونها وتضامنها وبلوغ اهدافها القومية، حيث تتسم سياسة جلالته الخارجية بالصراحة والوضوح والدبلوماسية التي تعمل على تعزيز البناء مع جميع الدول، على أسس الاحترام المتبادل والمساواة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحل النـزاعات بالطرق السلمية، والحفاظ على استقلال الاردن وسيادته على أراضيه وثرواته وحرية قراره السياسي.

وسعت الرؤى الملكية إلى تحقيق التنمية الاقتصادية، وبذل جلالته، وما يزال، كل جهده لتؤتي برامج تحقيق هذا الهدف أُكُلها في تأمين مستوى معيشي أفضل للأردنيين، في عدة محاور أبرزها تحرير الاقتصاد وتحديثه، وتحسين مستوى معيشة جميع الأردنيين، وتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول العربية والأجنبية ومحاربة البطالة والفقر.

وتنطلق رؤية جلالته لإحداث التنمية الاقتصادية المستدامة وبناء مجتمع مدني عصري تسوده روح العدالة، والمساواة، وتكافؤ الفرص، واحترام حقوق الإنسان، ولتحقيق الأهداف الوطنية في التعامل مع هذه القضايا، تؤكد الرؤية الملكية في هذا المجال على ضرورة بناء شراكات حقيقية بين القطاعين العام والخاص، وبما يسهم في لعب دور حيوي في بناء سياسات واستراتيجيات الإصلاح الاقتصادي بمختلف جوانبه.

واتخذ الأردن خياراً استراتيجياً بالاندماج في الاقتصاد العالمي، عبر شراكات اقتصادية مع البلدان والمجموعات الدولية المؤثرة، قادت إلى توقيع عدد من الاتفاقيات المهمة على الصعيدين العربي والدولي، حيث وقع الأردن عدداً من الاتفاقيات الاقتصادية، في مقدمتها الإنضمام إلى عضوية منظمة التجارة العالمية، واتفاقية إقامة منطقة تجارة حرة مع الولايات المتحدة الأميركية، واتفاقية الشراكة مع دول الاتحاد الأوروبي، واتفاقية إقامة منطقة التبادل التجاري الحر بين الدول العربية المتوسطية (اتفاقية أغادير)

كما وقع اتفاقية مع رابطة الدول الأوروبية (الافتا)، واتفاقية إقامة منطقة تجارة حرة مع سنغافورة. وكان من أوائل الدول التي تنضم إلى اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية. وفي الدورة الستين للجمعية العمومية للأمم المتحدة عام 2005، أطلق جلالة الملك عبدالله الثاني مبادرة تسعى الى تأطير عمل الدول الأقل دخلا في فئة الدول متوسطة الدخل، التي تضم ربع سكان العالم، لإيجاد منتدى للتعاون وتبادل المعرفة بينها وحشد الدعم الدولي الضروري لتنمية اقتصادياتها.

كما برز الأردن في المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي استضافته منطقة البحر الميت، هذا العام، للمرة التاسعة، كدليل على ما تحظى به المملكة من بيئة مستقرة وأمنة وإصلاحات اقتصادية وسياسية واجتماعية قادها جلالة الملك، جعلتها نموذجا متقدماً في المنطقة.

وساهم حرص جلالته على المشاركة بشكل دائم في المنتدى الاقتصادي العالمي في أن يحتل الأردن مكانة بارزة في أوساطه، ما أسس لشراكة قوية بينهما قادت لأن يصبح الأردن موطنا ثانيا لهذا المنتدى الذي رأى جلالته أنه يوفر المنبر المناسب لمخاطبة النخب ومن خلفهم ملايين الناس حول العالم.

وفي كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى، في الثاني والعشرين من الشهر الجاري، قال جلالته «يجتمع المنتدى الاقتصادي العالمي هنا في البحر الميت للمرة التاسعة، إنطلاقا من فكرة رائدة ومبتكرة. وبعد اثني عشر عاما، فما كان في البدء مشروعا ناشئا أضحى اليوم محركا للنمو في قطاعات كثيرة. والشراكات التي ولدت هنا كبرت وتنامت.

ووجودكم اليوم هو دليل على الاستثمار من جديد في مستقبل غني بالفرص».

وأشار جلالته، خلال الحفل الذي حضره عدد من القادة والزعماء وشخصيات اقتصادية وسياسية عالمية، «قد يكون الأردن بلدا صغيرا في حجمه، لكنه غني في تعدد مزاياه الاستراتيجية.

ويعد وضع تصور جديد لهذه المزايا أمرا حيويا للنمو. فالأردن بوابة للأعمال والتجارة الإقليمية والعالمية. ونحن ندرك أن علينا أن نكون في الطليعة لمواجهة التحديات. ولهذا نسعى باستمرار لتوسيع ما يمكن لهذه البوابة أن توفره للأردنيين وشركائهم».

ومؤخراً رعى جلالته حفل إطلاق «وثيقة الأردن 2025» التي وضعتها الحكومة بالشراكة مع القطاع الخاص ومختلف الأطراف والجهات المعنية، بعد توجيهات ملكية بوضع خارطة طريق وتصور مستقبلي للاقتصاد الأردني للسنوات العشر القادمة.

وستسهم الخطة الاقتصادية العشرية «الأردن 2025» في تمكين الحكومة ومختلف المؤسسات من التحرك بسرعة لتنويع الموارد، وتطوير البنية التحتية، واستثمار نقاط القوة في الاقتصاد الأردني، بالشراكة بين القطاعين العام والخاص.

ووضع جلالته هدف تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية ورفع مستوى دخل المواطن على رأس سلم الأولويات، عبر توجيه الحكومات المتعاقبة لإيجاد آليات تنفيذية تسهم في تحسين مستوى حياة المواطن ومواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة من خلال شبكة الأمان الاجتماعي، وتشييد المساكن للشرائح الاجتماعية المستهدفة وبرامج تمكين الفقراء، من خلال التدريب والتأهيل، ومساندة الأسر الفقيرة عبر طرود الخير الهاشمية وتحسين واقع الخدمات التعليمية، والصحية وتقديم المساعدات العاجلة للحالات الأكثر إلحاحاً، وتوفير الحاجات الأساسية مثل المسكن، والسعي لتوفير فرص العمل عبر المشاريع الإنتاجية.

وتأتي مبادرات جلالة الملك في إطلاق منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، ومناطق تنموية في محافظات المفرق واربد ومعان والبحر الميت، ضمن سلسلة من المبادرات الرامية إلى تحقيق نهضة اقتصادية حقيقية، هدفها وأساسها تحسين معيشة الإنسان الأردني، لتكريس مبدأ التوزيع العادل لمكتسبات التنمية، حيث يقول جلالته في خطبة العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة الأردني الرابع عشر في كانون الاول 2004 «هاجسي الأول على الدوام هو تحسين نوعية الحياة لكل مواطن ومواطنة في هذا البلد، ولذلك لا بد من مكافحة الفقر والبطالة وتنفيذ الإجراءات الإصلاحية والتصحيحية التي تضع حلولاً جذرية ودائمة لهذه المشكلة».

كما اهتم جلالة الملك عبدالله الثاني بالجانب الصحي للمواطنين وأوعز بضرورة توسيع مظلة التأمين الصحي لتشمل شرائح أوسع واطلق جلالته عددا من المبادرات لتأمين السكن المناسب للمواطن الاردني، وفي مقدمتها إسكان أبناء القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية، وإسكان ذوي الدخل المحدود، وإسكان المعلمين، و»مشروع الملك عبدالله الثاني لإسكان الأسر العفيفة»، ومدينة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود السكنية في الزرقاء.

وبالنسبة للاعلام والصحافة في الأردن، تقوم رؤية جلالة الملك على مرتكزات أساسية، هي: أن يكون إعلاماً صادقاً ومسؤولاً، ديمقراطياً ومهنياً، يجسد التغيير بكل فاعلية وشجاعة ويبرز دور الأردن إقليمياً ودولياً، وفي سبيل دعم الحريات تأسس «المركز الوطني لحقوق الإنسان» عام 2003 الذي يستهدف حماية حقوق الإنسان والحقوق المدنية في الأردن وإنشاء صندوق مستقل لدعم الحركة الثقافية والنشر والإبداع وتنميتها ورفع مستوى الخدمة الثقافية والحفاظ على الآثار والمعالم التاريخية وصيانتها وإنشاء المتاحف وحماية المخطوطات القديمة وترميمها وانشاء «دارة الملك عبدالله الثاني للثقافة والفنون».

ومن منطلق سعي جلالة الملك لتحقيق مبدأ «العدل أساس الملك» تشكلت اللجنة الملكية لتطوير الجهاز القضائي في آب2000، التي عملت منذ ذلك الحين على تطويره وتحديثه وفق استراتيجية تطوير القضاء وسط قناعة ملكية بأن «لا تنمية سياسية وإدارية وتعليمية واقتصادية دون إصلاحات جذرية» تطال جميع محاور عملية التقاضي التي من شأنها تكريس الأمن والاستقرار والشعور بالطمأنينة، وتعزز المكاسب الاستثمارية في الدولة.

ولتحقيق التنمية بمفهومها الشمولي أولى جلالته عناية خاصة لتأسيس العديد من صناديق الدعم، وفي مقدمتها صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية الذي يستهدف زيادة الإنتاجية الاقتصادية والاجتماعية من خلال تأسيس مشاريع تنموية إنتاجية بمختلف مناطق المملكة، وصندوق الإسكان العسكري وتأسيس الصندوق الهاشمي لتنمية البادية الأردنية عام 2003 لجعل البادية منطقة جاذبة للسكان ومؤهلة للاستثمار وإطلاق عدد من الجوائز، التي تمثلت في»جائزة الملك عبدالله الثاني لتميز الأداء الحكومي والشفافية»، و»جائزة الملك عبدالله الثاني للتميز لجمعيات الأعمال» و»جائزة الملك عبدالله الثاني للتميز القطاع الخاص» و»جائزة الملك عبدالله الثاني للياقة البدنية».

أما الشباب، فتستند رؤية جلالة الملك إلى أهمية مشاركتهم والتواصل معهم وتنمية قدراتهم ورعايتهم وترسيخ جذور الثقة لديهم، لذلك أطلق جلالته العديد من المبادرات الرامية إلى تعزيز دورهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بدءا بالاستثمار في تعليمهم وتدريبهم وتأهيلهم، وحثهم على التفكير والتحليل والإبداع والتميّز، مرورا بتوفير البيئة المناسبة لمشاركتهم في العمل والبناء، وانتهاء بتعزيز انتمائهم الوطني وممارسة دورهم الفاعل والجاد في شؤون الوطن وتوفير فرص العمل للأردنيين والتركيز على مشروعات التدريب والتأهيل للحد من البطالة، فكان المجلس الوطني للتدريب المهني ثمرة اهتمامات جلالته بهذا المجال ليبدأ عمله بخطة طموحة هدفها تأهيل وتدريب الآلاف من الشباب الأردني تمهيدا لإدخالهم سوق العمل واطلاق جلالته عام 2007 المرحلة الأولى من مشروع الشركة الأردنية للتشغيل والتدريب.

وجاءت الاستراتيجية الوطنية للتشغيل في منتصف عام 2012، بهدف معالجة قضايا وسياسات التشغيل على المستوى الوطني، متضمنة ثلاثة محاور أساسية، هي البدء باستيعاب العاطلين عن العمل وتحسين التوافق في المهارات والنمو في الشركات الميكروية والصغيرة والمتوسطة وزيادة الانتاجية واعادة هيكلة راس المال البشري الاقتصادي، لتنفذ على ثلاث مراحل، قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى حيث تمكنت البرامج والمشروعات التي استهدفتها الحملة منذ بداية العام 2013 من تشغيل 30157 مشتغلا في القطاع الخاص وتوفير فرص عمل لـ 14700 عامل من خلال مشروعات التمويل الذاتي، إضافة إلى تدريب 1404 اشخاص.

وبالنسبة لقطاع التربية والتعليم أطلق جلالته «مشروع التطوير التربوي نحو الاقتصاد المعرفي» للارتقاء بمستوى النظام التعليمي في المملكة لمواكبة المتطلبات والاحتياجات المحلية والإقليمية والدولية وفي عام 2005 أنجزت مراحل متقدمة من مشروع حوسبة جميع المدارس الحكومية وربطها إلكترونيا وبات الاردن نموذجاً متقدما، استفادت من تجربته في هذا المجال بلدان كثيرة في الشرق الأوسط والخليج العربي.

وكان للقاءات جلالته مع الاهل والعشيرة وجميع الاردنيين في المضارب والبوادي والقرى والمدن والارياف والمخيمات والزيارات المفاجئة والمتتالية الى العديد من المؤسسات الخدمية الاثر الكبير في نفوسهم والتفافهم حول القيادة الهاشمية، كما كان رفقاء السلاح نشامى القوات المسلحة الاردنية محط اهتمام جلالته ورعايته على الدوام فهم سياج الوطن، كثيرا ما يزورهم ويلتقي بهم، ويهتم بتدريبهم وتأهيلهم وتعزيز قدراتهم وكفاءتهم اضافة الى دعمهم بكل الوسائل الممكنة.

وحمل جلالة الملك عبدالله الثاني على عاتقه مسؤولية وأمانة تقديم جانب مشرق إلى العالم يوضح فيه الصورة النقية والحقيقية للدين الإسلامي الحنيف حيث أطلقت عام 2004 رسالة عمان لتشرح منهج الإسلام القائم على احترام قيم الإنسان ونبذ العنف والتطرف والدعوة للحوار وقبول الآخر، وابراز صورة الإسلام الحقيقية المبنية على أسس الخير والعدالة والتسامح والاعتدال والوسطية ودافع جلالته العام 2002 أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في نيويورك عن الإسلام وحث على فهم رسالة السلام الإسلامية باعتباره دين السلام والمحبة والتسامح، كما اعلن جلالته تأسيس «معهد الملك عبدالله الثاني لإعداد الدعاة وتأهيلهم وتدريبهم» العام 2006 اما القدس والقضية الفلسطينية فكانت واستمرت على الدوام على رأس سلم الاولويات، والاردن يؤكد ضرورة حل القضية الفلسطينية على اساس حل الدولتين واقامة سلام شامل وعادل قائم على اعادة الحقوق الى الفلسطينيين باقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني وعاصمتها القدس الشريف حيث اعاد جلالته القضية الفلسطينية الى مركز دائرة الضوء العالمي بخطاب غير مسبوق (نص الخطاب التاريخي لجلالة الملك عبدالله الثاني أمام الجلسة المشتركة لمجلسي النواب والش
يوخ الأميركيين)، ألقاه في مبنى الكونجرس الأميركي في السابع من آذار عام 2007، أمام ممثلي الشعب الأميركي من شيوخ ونواب).

كما حافظ جلالة الملك عبدالله الثاني على انفتاح الأردن نحو جيرانه وأصدقائه، وتصدر الدعوة إلى ضرورة الوقوف بحزم، وبصورة حاسمة، في وجه التطرف والإرهاب. ووقع الأردن، منذ عام 1999، سبع معاهدات للتصدي للإرهاب الدولي، إضافة إلى ذلك يقوم الأردن بدور مهم في حل النزاعات على المستوى الدولي، ويشارك بنشاط في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ففي كل عام ينضم مئات العسكريين الأردنيين إلى القوات الدولية للقيام بالمهمات الموكولة لها في حفظ السلام في كل البقاع المضطربة، وفي الاستجابة لدعوات معالجة الأزمات الإنسانية، وفي توفير المساعدات الطارئة لدى حدوث الكوارث الطبيعية.

وفي اطار علاقات الاردن الخارجية حرص الاردن بقيادة جلالته على تعزيز العلاقات القائمة على اسس الاحترام والحرص على دعم كل الجهود الرامية الى انهاء دوامات العنف التي تجري في العديد من الدول ومن بينها دول المنطقة فقد سعى جلالة الملك عبدالله الثاني الى تطوير علاقاته في كل المجالات مع الدول العربية، انطلاقا من إيمانه بالمصير العربي المشترك، وأرسى تأكيد الأردن على الإلتزام بتحقيق التضامن العربي ورص الصفوف العربية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للأخرين.

ويؤكد الاردن على الدوام اهمية تفعيل منظومة التعاون والعمل العربي المشترك باعتباره السبيل إلى تحقيق تطلعات الشعوب في العيش بأمن وسلام، وبناء المستقبل الأفضل لها، ولم يتوان يوما عن القيام بدوره الأخوي والإنساني، والارتقاء والنهوض بالتعاون العربي المشترك، وتسخير جميع إمكانياته وطاقاته في جميع المنابر الدولية، وبشكل خاص في مجلس الأمن، لخدمة المصالح والقضايا العربية.

وعلى الصعيد العالمي، يتطلع جلالة الملك عبدالله الثاني الى نهج جديد في التعاون الدولي يقوم على أسس استقرت ببزوغ النظام العالمي الجديد القائم على الشرعية الدولية، والمحافظة على حقوق الإنسان ، ودور الأمم المتحدة بالحفاظ على الأمن والسلم الدوليين كما ويدعو الى تعاون دولي لتأمين الإنسانية أفرادا وجماعات من أخطار الإرهاب بكافة أشكاله.





 
gnews

أحدث الأخبار



 


الأكثر مشاهدة