في غياب التفكير الاستراتيجي لا توجد حلول للمشاكل عندما تتراكم لتصنع أزمة ، ويظل التعامل العلاجي أقرب ما يكون إلى نوع من تضييع الوقت ، إذا لم يكلف المعالج نفسه معرفة التاريخ الصحي لمريضه ، وتلك هي مشكلة المخططين الجدد الذين ينظرون إلى الماضي وكأنه زمن مقطوع عن الحاضر ، ولذلك تراهم يستخدمون تعبير " تغيير النهج " ومصطلحات أخرى تحمل في طياتها الانقلاب حتى على النظريات الاقتصادية والإدارية وتجارب الدول عبر حقب زمنية متعاقبة ، دون أي أثر ملموس لوجهات نظرهم ، سوى أنهم يريدون القول على أي أساس تنتقدون أداءنا ؟
أكاد أجزم أن
الأردن عرف الحكمة والحوكمة في إدارة شؤونه عبر تاريخه أكثر بكثير مما نطمح إليه
الآن ، ولعل في سجلات الوزارات والدوائر ، وديوان المحاسبة من الوثائق ما يرينا أن
الشفافية في اتخاذ القرار كانت سائدة ، وأن المساءلة بلغت حد استرجاع بضعة قروش ،
وأن التشاركية بمعناها التضامني بين صناع القرار قد أوصلت الأردن إلى شط الآمان
مرارا وتكرارا !
لا عودة إلى الخلف
، ولكن الذاكرة الجماعية ما زالت تحتفظ بصورة الدولة المتينة ، وما يجب فهمه بكثير
من التأمل والعمق أننا نعيش اليوم زمنا بات فيه الجميع تحت المجهر ، إنها شفافية
غير مسبوقة نتيجة ثورة الاتصالات والمعلومات ، شفافية تقابلها الريبة والشك ، بحيث
أصبحت الحكومات والشركات مطالبة بقول الحقيقة وتقديم الإثباتات ، وإلا سيقول الناس
أي شيء عندما تمس الأزمة جميع شؤون حياتهم وتجعلها قلقة وبائسة .
التفكير المنهجي ،
وليس تغيير المنهج هو الذي يقودنا إلى الطريق الصحيح ، فعلى مدى السنوات القليلة
الماضية تعاقبت ثلاث حكومات على الأزمة الاقتصادية المستمرة ، وجميعها تعرف جيدا
التحديات التي يمر بها الأردن ، وكلها عملت وفق نظرية خفض النفقات وزيادة
الايرادات ، تلك النظرية التي يعرفها حتى التاجر الصغير !
ما كنا بحاجة إليه
وما زلنا هو إعادة بناء المؤسسات العامة والخاصة وفق قواعد الحوكمة التي سبقتنا
إليها حكومات كثيرة لمواجهة الضغوط الناجمة عن التشريعات والقوانين الجديدة ، وعن
التقشف في الموازنات الحكومية ، فضلا عن التطورات السياسية والاجتماعية التي جعلت
المجتمعات أكثر إلحاحا لمعرفة الحقائق ، والاطمئنان على حاضرها ومستقبل أبنائها.
ما هي فائدة
السياسات إذا لم تجد من ينفذها بإتقان من خلال المؤسسات التي تعمل بانضباط على
أساس الإستراتيجيات والخطط المدروسة ، وحسن الأداء ، وجودة المدخلات والمخرجات والشفافية
والمساءلة ، وكيف يمكن معالجة الأزمة الحالية ، إذا كانت الحلول كما نراها مجرد
زيادة في الضرائب والأسعار ، مقابل مزيد من الهدر والتضخم والبطالة والفقر ،
وتراجع في الانتاج ، والأخطر من ذلك المزيد من الغضب الشعبي !
هذه نهاية الطريق
لسياسات لم تفلح ، ولا يتوقع لها أن تعالج الأزمة من جذورها ، نحن أمام اختبار
حقيقي ، تكمن الإجابة عليه في سؤال مركزي ، متى سنتفق جميعا على أننا بحاجة إلى
وقفة صارمة مع النفس ؟ فليتواضع المسؤولون
قليلا لكي نقر مبدأ التشاركية في اتخاذ القرار من خلال اطار وطني ، فيه من الخبرة
والمعرفة والقدرة ما يكفي لكي نسير في الاتجاه الصحيح .
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو