خلال الأيام الماضية انشغل اللبنانيون، ومعهم نسبة كبيرة من الشارع العربي، بمتابعة ما يحدث في شوارع بيروت (انتفاضة الداون تاون)، عبر الفضائيات؛ من مواجهات بين المحتجّين الغاضبين وقوى الأمن، ما أدّى إلى إصابة العشرات من الجانبين.
أصحاب الحملة الاحتجاجية، كما تشير التقارير الصحفية، هم جمهور عابر للطوائف، وخارج نسق الصراع السياسي القائم هناك، والذي أفرز مشهداً سياسياً متعطّلاً، ومنظومة مستقطبة عاجزة عن اختيار رئيس للجمهورية. وفوق هذا الركام السياسي، تجلس نخبة سياسية من الطوائف المختلفة، تمتلك السلطة والنفوذ والمال، بينما الشعب يعاني من الفقر والبطالة والحرمان الاجتماعي، حتى وصل الأمر إلى تكدّس النفايات بصورة غير حضارية ولا مسبوقة في شوارع بيروت، وأصبحت الشاغل الأول للشارع هناك، بالإضافة إلى القضية التقليدية وهي انقطاع الكهرباء!
نسي اللبنانيون الصراع الداخلي المحتدم حول الموقف مما يحدث في سورية، ولم يلتفت المتظاهرون في الشارع إلى الطوائف والملل والمذاهب، فكان موضوع العيش الكريم والخدمات المتردية هو الشرارة التي وحّدت الجميع، وتمّ اختيار اسم طريف للحملة، على عادة اللبنانيين، وهو 'طلعت ريحتكم'!
في الحقيقة، فإنّ الريحة طلعت من زمان؛ وعجز النخب السياسية العربية وفسادها واستبدادها، هو ما أوصل الشارع العربي في العام 2011 إلى الانتفاضة والثورة، التي ركبت عليها القوى السياسية المختلفة، ما أدى إلى إسقاط رئيسين من أكثر الرؤساء العرب استبداداً وفساداً. لكن عربة التغيير انحرفت لاحقاً لمّا دخلنا في النفق الطائفي في سورية خصوصاً، وعندما تحولت الثورة السلمية تحت الضربات والقتل والتعذيب إلى ثورة مسلّحة، ولمّا وضع المعسكر المحافظ العربي كل ما يملك في خدمة الثورة المضادة خشية من التغيير!
لكن أحداث لبنان اليوم، بعد أحداث العراق بالأمس، هي بمثابة رسالة مهمة ورئيسة بأنّ الاستمرار في هذا النمط من الحكم الفاسد والاستبدادي لا يمكن أن يستمر، في ظل تردّي الخدمات الأساسية والفجوة الطبقية وغياب أسس العدالة والنزاهة والحاكمية والشفافية. فكل من العراق وسورية يعيشان حالة انقسام واستقطاب طائفي حاد، وهما مشروعان مرشّحان للتقسيم، وبالرغم من ذلك انتفض الشيعة على حكّامهم الفاسدين في العراق واندمجوا مع أطياف الشعب الأخرى ليقولوا 'طفح الكيل'!
من المهم جداً إعادة ما جرى في العراق أيضاً خلال الأيام السابقة من زوايا مختلفة ومتعددة. فرئيس الوزراء حيدر العبادي كان محاصراً بنفوذ نوري المالكي، المدعوم إيرانياً، ولم يلتفت الساسة العراقيون إلى حجم التذمر الشعبي ومستوى خيبة الأمل واليأس اللذين أصابا المواطنين في البصرة والأحياء المختلفة في بغداد، نتيجةً لسرقة ونهب الثروات هناك من قبل النخبة الفاسدة، بالرغم من أنّ ثروة العراق النفطية تؤهل العراقي بما يمتلكه من حضارة وثروة بشرية، لأن يكون في صفوف العالم الأول، لكنه يدفع ثمن السياسة والاستبداد والفساد والهيمنة منذ عقود إلى اليوم. ولو كنت أؤمن بنظرية المؤامرة، لكان ذلك بسبب ما يحدث في العراق تحديداً!
انقطاع الكهرباء، تراكم القمامة، وسوء الخدمات، هي عناوين أولى للأزمة العميقة المقبلة في العالم العربي؛ فالأنظمة الفاسدة والفاشلة لا يمكن أن تنتج حياة كريمة للمواطنين، من قال لكم إنّ القصة انتهت؟!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو