في خطابه الأخير في الجمعة الأخيرة من رمضان، بمناسبة ما يعرف بيوم القدس العالمي، قدم حسن نصر الله مقاربة جديدة لحروب الولي الفقيه، بدت أكثر وضوحا، وربما فضائحية من المقاربات السابقة التي كانت تتدثر بلبوس الأمة كحالة جامعة، مع أن الأمر لم يكن يقنع أحدا، ربما باستثناء بعض من غُيّبت عقولهم، وربما ضمائرهم أيضا من المحسوبين على الغالبية في الأمة، أعني أهل السنّة الذين لم ينظروا إلى أنفسهم يوما كطائفة، وإنما اعتبروا أنفسهم الأمة التي تستوعب جميع أقلياتها.
في الخطاب قال نصر الله إن أي “حرب تنوي إسرائيل شنّها على لبنان وسوريا لن تبقى محصورة في هذين الميدانين، بل إنها ستفتح الباب أمام انضمام آلاف المقاتلين من العراق واليمن وإيران وأفغانستان وباكستان وبقاع أخرى في العالم”.
هنا والآن؛ يتحوّل محور ما يسمى المقاومة والممانعة إلى محور مذهبي (شيعي)، وليس محورا للأمة، ولاحظوا أنه تحدث عن حرب على سوريا ولبنان، لأن الحرب على الشعب الفلسطيني قائمة عمليا باحتلال أرضه وتهويد مقدساته، لكنها لا تستحق الرد، وليست ضمن حروب الولي الفقيه، إلا في سياق من الاستغلال لترويج المشروع الأصلي.
الدول التي تحدث عنها بالاسم لم تذكر سهوا، بل كانت مقصودة لأنها فيها أقليات شيعية (أغلبية كما يرون في العراق، وقد يضيفون اليمن معتبرين أن الزيدية شيعة أيضا مع أن الحوثيين الإثني عشرية أقلية).
ولكي لا يدع مجالا للشك في الدلالة، كانت وقفته عند اليمن بالقول إن ما سمّاه العدوان عليه (قال على الشعب اليمني، كأن من يقاومون الحوثيين والمخلوع من شعوب الواق واق!!)، سببه “أنه (الشعب اليمني) يقف إلى جانب فلسطين”، وهي مقولة تثير السخرية، بل أقصى درجات السخرية، لأن الحوثيين لم يكونوا أكثر انحيازا لفلسطين من السنّة أو الزيدية في اليمن، وإن تاجروا بشعار “الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل”.
هكذا يفصح نصر الله الذي طالما أعلن أن خامنئي هو “وليه الفقيه”، بل “ولي الأمر المسلمين”، حسب تعبيره.. يفصح الآن، أن محور المقاومة والممانعة الذي يتحدث عنه هو محور شيعي، وأنه مشروعه طائفي بامتياز، وأن هذا المحور “يتمدد” بتعبيره، وأن على العالم والإقليم أن يتعامل مع هذه الحقيقة، مع التذكير بأنه محور يهاجم فقط في المحيط الإسلامي، لكنه يكتفي بالرد فقط حين يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني.
بعد الخطاب مباشرة، ضرب الصهاينة مرتين أو ثلاثا في سوريا، لكن ردا لم يحدث من قبل النظام السوري، ولا من قبل نصر الله وأتباعه الكثر في سوريا، وهذا دليل جديد على أن أولوية نصر الله لا صلة لها بمواجهة إسرائيل، ولا بتحرير فلسطين، وما هو سوى جندي في مشروع خامنئي الذي يستعيد ثارات “مذهبية”، ويريد إعادة النظر في حقائق التاريخ والجغرافيا في المنطقة، ولن يتم الرد على الصهاينة إلا إذا تم التأكد أن ذلك سيصب في صالح المشروع.
كان على أدعياء المقاومة والممانعة، من المحسوبين على الغالبية في الأمة أن يتأملوا جيدا في خطاب نصر الله الجديد، كي يتأكدوا أنهم خارج حساباته، وإذا دخلوا فيها فمن باب التبعية ليس إلا، وأن مشروع خامنئي ونصر الله والحوثي و”الحشد” والبقية لا صلة له بمواجهة أمريكا وإسرائيل، بل هو مشروع للتمدد والسيطرة على أسس مذهبية لا أكثر ولا أقل.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو