الإثنين 2024-11-25 01:47 م
 

قذائف الرمثا .. حدود الرد الأردني

09:53 ص

الاحتمالات كلها واردة؛ نيران صديقة من جانب الجماعات المسلحة أخطأت هدفها، أو قذائف طائشة، وربما خطأ مقصود يحمل رسالة دلالاتها معروفة.اضافة اعلان

أيا يكن، فإن حادثة الرمثا، والتي راح ضحيتها شاب جامعي، تذكرنا بأننا أقرب ما نكون إلى ميدان المعركة في سورية.
ينتشر الجيش الأردني على طول الحدود الشمالية، ويحكم السيطرة على جميع النقاط، ويبادر إلى الرد الحاسم كلما اقتضت الحاجة. لكن ذلك لا يمنع أبدا تكرار حادثة سقوط القذائف على الرمثا وسواها من البلدات الحدودية.
'عاصفة الجنوب' التي أطلقتها تنظيمات المعارضة المسلحة للسيطرة على درعا 'البلد'، وبعض البلدات الاستراتيجية، قد تطول لأسابيع. والجيش السوري لن يسلم بسهولة. هذا يعني أن معارك شرسة ستدور قرب حدودنا. وإذا ما شعر النظام السوري أنه سيخسر مواقعه في محافظة درعا، فقد يلجأ إلى خيار إشعال الحدود مع الأردن، بوصفها الرئة التي تتنفس منها قوات المعارضة، كما يؤكد إعلام النظام السوري مرارا.
وفي هذه الحالة، سنرى مزيدا من القذائف 'الطائشة' تتساقط داخل البلدات الأردنية. ليس ثمة خيار مستبعد؛ الحرب في سورية لا تترك مجالا لتجاهل أي احتمال، فكل ما شهدناه ونشهده حاليا، كان ضربا من الخيال قبل سنوات، لكنه تحول إلى حقائق ماثلة أمام أعيننا.
يتعين على الأردن أن يبدي أكبر قدر من الحذر في الأيام المقبلة، وأن يتمسك بمواقفه الحكيمة التي تحلى بها طوال سنوات الأزمة. ليس مطلوبا منه أن يتراجع خطوة واحدة، وفي الوقت نفسه، لا يتقدم خطوة واحدة إلى الأمام.
التراجع عن سياسة تأمين الحدود غير وارد إطلاقا، لكن التقدم خطوة يعني الدخول إلى ميدان المعركة. ودرعا لن تكون سوى البداية للتورط في الوحل السوري.
يعرف الأردن حدود قدرته، وعليه أن يضبط طموحه بحدود هذه القدرة. تجاوز هذه المعادلة يعني التضحية بالمصالح العليا للبلاد، وتعريض الأمن الوطني للخطر.
الجانب الأردني يطل بشكل كامل على مجريات المواجهة العسكرية في درعا وجوارها. وأكثر ما يعنيه، ضمان عدم تدفق مزيد من اللاجئين إلى أراضيه، وعدم تمكين جماعات إرهابية من السيطرة على مناطق محاذية لحدوده.
فائض الصراع في سورية يكفي لإشعال الفوضى في عدة بلدان. لبنان لم يعد يحتمل الضغوط، وقد ينفجر في أي لحظة. تركيا تدفع ثمن سياساتها المتهورة؛ أفواجا من اللاجئين، وحراكا كرديا يهدد السلم الأهلي داخل مدنها. ومصير العراق صار مرهونا بنتائج الحرب في سورية.
الأردن هو الدولة الوحيدة التي تمكنت من الصمود في وجه إغراءات الفوضى، وتحييد العامل السوري في معادلة الأمن الوطني، رغم ما تحملت من تداعيات اللجوء، ومخاطر نشاط الجماعات الإرهابية، والمشكلات الاقتصادية الناجمة عن الحرب.
هناك في سورية، وخارجها، من لا يريد للأردن أن يبقى خارج دائرة الفوضى. بعض الأطراف تشدنا بقوة للانخراط في الحرب، بذرائع مختلفة. وثمة من يداعب خيالنا بمشاريع كبرى لا نقوى عليها.
ينبغي أن نحذر من هؤلاء، وأن لا نسمح لقذيفة طائشة بجرنا إلى حرب مدمرة.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة