الأربعاء 2024-11-27 05:44 م
 

قمة تونس: لا حیاة لمن تنادي

08:12 ص

لیس ثمة شيء یمكن الرھان علیھ في قمة تونس بقدر السوء الذي كانت علیھ الأوضاع العربیة في قمم سابقة، إلا ان الحالة الراھنة ھي الأسوأ على الإطلاق.

اضافة اعلان


مسودة البیان الختامي للقمة وإعلان تونس یعطیان الانطباع بأن ھنالك اتفاقا عربیا وافیا وشاملا على الأولویات، وتطابقا في المواقف. لكن ذلك في الحقیقة على الورق فقط، أما في الواقع فالخلافات والتباینات في المواقف ھي الحقیقة الثابتة.

المستجدات على المسرح الدولي والإقلیمي كانت تستدعي قمة عربیة بمنھجیة مختلفة وقرارات تتجاوز الأسلوب التقلیدي المتبع في قمم سابقة، غیر أن الانقسامات الحاصلة في الجسم العربي، والانشغال في الأزمات یربك الجمیع ویحول دون بناء مواقف صلبة ومتماسكة.


تنعقد القمة قبیل أیام من انتخابات إسرائیلیة تعد بعودة قویة للیمین المتطرف، وبعد أیام على قرار أمیركي یعترف بضم الجولان السوري لدولة الكیان الصھیوني، وعلى مشارف صفقة أمیركیة موعودة لتسویة القضیة الفلسطینیة وفق مصالح إسرائیل وخلافا لقرارات الشرعیة الدولیة.


 دول عربیة قلیلة تستشعر ھذه الأخطار في مقدمتھا الأردن الذي بذل في الآونة الأخیرة جھودا دبلوماسیة جبارة لحشد عناصر القوة العربیة في مواجھة الأخطار الداھمة، دفاعا عن ثوابت الحل العادل وعروبة القدس، لكن صیحات الأردن كأنھا في صحراء لا یسكنھا أحد.


دول العالم العربي في معظمھا تعاني من أزمات وحروب وصراعات، لكنھا الیوم أكثر ارتباكا من أي وقت مضى. فبینما تلتئم القمة في تونس تخوض الجارة الجزائر صراعا داخلیا مریرا ربما یتحول إلى أزمة كبرى لدول المغرب العربي إذا لم تتمكن القوى الحیة في الجزائر من إدارة المرحلة الانتقالیة على نحو صحیح یجنب البلاد والمنطقة سنوات من الدم والخراب. یضاف إلى ذلك جرح لیبیا المفتوح وسط عجز الجراحین الدولیین والعرب عن مداواتھ.


الخلیج العربي یمر بحالة غیر مسبوقة من عدم الیقین. حرب الیمن الدامیة والأزمة المستفحلة مع قطر، والمواجھة المفتوحة مع إیران، وفوقھا أزمة السعودیة على خلفیة مقتل الخاشقجي، تترك دول ”التعاون الخلیجي“ بلا دلیل.


 الإصرار على استبعاد سوریة من منظومة العمل العربي، یضعف الدور العربي مستقبلا لصالح أدوار قوى اجنبیة وإقلیمیة استثمرت في الأزمة لسنوات، وتستعد للاستثمار في الحل لعقود مقبلة.  بالكاد تسیر دولة مثل السودان أعمالھا، وفي موازاة أزمتھا الداخلیة، نذر أزمة مزمنة مع مصر تصعد وتھبط وفقا لمقیاس حلایب الحدودي.


سادت قناعة في الأعوام الماضیة بأن التعاون الاقتصادي والتكامل بین الدول العربیة كفیل بتعویض الأمة عن خلافاتھا السیاسیة. لكن نتائج القمم الاقتصادیة جاءت متواضعة، والنیة تتجھ لدمجھا بالقمة العربیة الدوریة لتضاف إلى رصیدنا من الفشل.


كیف سیواجھ العرب صفقة القرن وعنجھیة الیمین الصھیوني بھذا المستوى المتدني من اللیاقة السیاسیة؟ وأي دور محتمل لھم في تثبیت الاستقرار السوري، وسط غیاب في التواصل بین العواصم المعنیة؟


كیف لدولة مواجھة مثل الأردن أن تصمد في وجھ الضغوط وتتحدى سیاسات قوى عظمى، وھي لا تجد من العرب من یساندھا لعبور أزماتھا؟ وكیف للشعب الفلسطیني أن یصمد على أرضھ وسط حصار اقتصادي ومالي؟


لن تحمل قمة تونس إجابات على ھذه الأسئلة وغیرھا من اسئلة الوضع الراھن العربي.ھذا ما عودتنا علیھ القمم العربیة.

 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة