الإثنين 2024-11-25 03:00 ص

تقرير يعيد إطلاق الدعوة لاتخاذ إجراءات فاعلة لإنقاذ نحو مليوني حياة من تبعات الأمراض المرتبطة بالتدخين بحلول عام 2065

ديريك ياتش
01:00 م
الوكيل الإخباري-   كشف تقرير نشر مؤخراً على موقع صحيفة "ذا ناشيونال"، بأن منطقة الشرق الأوسط لا تزال تحتل مرتبة متأخرة على قائمة مناطق العالم في مجال الحد من التدخين بالاعتماد على المنتجات البديلة الخالية من الدخان، والتي يمكنها إنقاذ حياة ما يقارب مليوني شخص بحلول عام 2065، وذلك بعد تحليل واسع النطاق لتأثير التدخين في 7 دول شملت: الباكستان، ومصر، ولبنان، والأردن، والكويت، والسعودية، والإمارات. وبين التقرير أن حوالي 61 مليون بالغ يستهلكون التبغ من أصل 390 مليون شخص من المنطقة، فيما أن حوالي 384 ألف مدخن بالغ يفقد حياته سنوياً كنتيجة للأمراض المرتبطة بالتدخين.

وبحسب التقرير، فإن توقعات منظمة الصحة العالمية، تشير لتسجيل انخفاض طفيف في معدل التدخين على مستوى الشرق الأوسط، وذلك من ما نسبته 33.3% كما في العام 2020، إلى 31% في العام 2025، في الوقت الذي تشير فيه البيانات التي يتضمنها التقرير إلى تسجيل زيادة متوقعة في معدل الوفيات الناجمة عن الأمراض المرتبطة باستهلاك التبغ خلال العقود المقبلة، بما في فيها أمراض سرطان الرئة والفم، وأمراض الانسداد الرئوي المزمن، وأمراض القلب والسكتات الدماغية، ما لم يتم اتخاذ أي إجراء.
ونقل التقرير عن خبراء في مكافحة التبغ ومجتمع الصحة، بأن إجراءات مكافحة التدخين في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي قد توقفت مع توافر بدائل قد تكون أقل خطورة، كلصقات وعلكة النيكوتين والتبغ الرطب والسجائر الإلكترونية التي توفر وسائل محتملة للمساعدة في الإقلاع عن التدخين، وبالتالي الحد من الوفيات.
وبين التقرير بأنه على الرغم من ندرة الدراسات طويلة الأجل حول المنتجات البديلة والتي قد تكون أقل خطورة، إلا أن الأبحاث حول المؤشرات الحيوية للأمراض المستقبلية على مستخدميها، تظهر نتائج واعدة.
وفي إطار التقرير، قال مؤلفه، ديريك ياتش، وهو مستشار الصحة العالمية والمدير السابق في مجلس الوزراء في منظمة الصحة العالمية، إن تبني المنتجات البديلة مخفضة المخاطر والخالية من الدخان، إلى جانب تحسين العلاجات الموجهة لسرطان الرئة، يمثل فرصة كبيرة للشرق الأوسط لتحسين صحة السكان بشكل كبير. وتوقع ياتش انخفاض التدخين بأقل من 2%، وأضاف: "ينبغي لهذه الكارثة التي يمكن الوقاية منها، أن تثير الغضب وتدفع لاتخاذ إجراءات فورية. وقد جاء إعداد هذا التقارير لتقديم رؤية بديلة لما هو ممكن الوصول إليه."
وبين التقرير بأن هناك العديد من الافتراضات والنتائج الواعدة التي تبناها الخبراء من المشاركين في إعداده لدى إحصاء الأرواح المحتمل والممكن إنقاذها للمدخنين ممن يتحولون إلى المنتجات البديلة الخالية من الدخان. هذه الافتراضات والنتائج تشمل: تسجيل انخفاض بنسبة 80% في التعرض للمواد السامة، وزيادة معدلات البقاء على قيد الحياة لمرضى سرطان الرئة بحلول عام 2050 من خلال تحسين التشخيص والعلاج وخدمات الإقلاع عن التدخين الأكثر فعالية، وتعزز الاتجاه العام لتقليل استخدام السجائر الذي تم الإبلاغ عنه بالفعل.
هذا وقد دعى مؤلفو التقرير صناع السياسات في جميع أنحاء المنطقة إلى تحسين الوصول إلى المنتجات البديلة الخالية من الدخان، وإلى زيادة الاستثمار في العلوم والبحوث الوطنية لاستبدال التبغ بمزيد من بدائل النيكوتين، فضلاً عن الدعوة لتأسيس وإنشاء مجموعات مستقلة من المستهلكين، قائمة على العلم؛ للدفاع عن احتياجاتهم في المنطقة، كما دعوا الجهات الشرعية المرجعية لتوجيه المجتمعات المحلية للإقلاع عن التدخين ودعم الحد من مخاطر التبغ بالاستفادة من المنتجات البديلة، في ضوء وجهة النظر الشرعية في إجازة استخدامها إن كان الضرر الحاصل منها أخف من الضرر الناجم عن التدخين التقليدي وكان القصد من التحول إليها يتمثل في العلاج والإقلاع عن التدخين بمشورة المختصين، وذلك وفقاً لدار الإفتاء المصرية في إحدى الفتاوى التي كانت قد أصدرتها.
وأبرز التقرير تجربة الإمارات في مكافحة التبغ، مع الاستراتيجية الصارمة التي تقودها وزارة الصحة ووقاية المجتمع، والتي أعادت مؤخراً التأكيد على أحكام التدخين في مكان العمل عبر الدليل الإرشادي لأماكن عمل خالية من التبغ، والذي أطلقته في وقت قليل سابق، والمتضمن توضيحاً لفوائد الإقلاع عن التدخين، وكيفية التعامل مع الانتهاكات، إلى جانب تعليمات وآليات خلق بيئات عمل خالية من التدخين. المفارقة أن هذا الدليل يأتي في الوقت الذي يعد من غير القانوني في الإمارات تدخين منتجات التبغ في مكان عام بموجب القانون الاتحادي منذ عام 2009.
في هذا السياق، قال وكيل وزارة الصحة ووقاية المجتمع المساعد للصحة العامة في الإمارات، الدكتور عبدالرحمن الرند: "سيتم استخدام دليل أماكن العمل الخالية من التبغ كمرجع أساسي وأداة لمساعدة كل من الجهات الحكومية والخاصة في تعزيز بيئات عمل خالية من استهلاك جميع منتجات التبغ."
وأضاف الرند بأن هذه الخطوة تتماشى مع التزام الدولة باتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ، التي كانت الإمارات قد انضمت إليها في عام 2005، بهدف تنفيذ تدابير فعالة للحماية من التعرض لدخان التبغ في أماكن العمل ووسائل النقل العام والأماكن العامة، مبيناً أن سياسة الحكومة خفضت بشكل فعال التدخين بين السكان من 11.1% كما في العام 2010، إلى 9.1% في العام 2018، وفقاً للمسح الصحي الطبي.
وأشار التقرير بأنه على هذا الرغم من اتخاذ مثل هذه التدابير، إلا أن المنطقة ككل تبقى الأسوأ أداءً على مستوى العالم على هذا الصعيد، وفقاً لمعايير منظمة الصحة العالمية.
وبحسب التقرير، فإن تبني المنتجات البديلة في السويد ضمن سياسة الصحة العامة، ما أسفر عن انخفاض معدلات التدخين إلى 5.6% فقط، كما أسفر عن تمكين الدولة من المضي قدماً في الاقتراب من إعلانها دولة خالية من الدخان بحلول عام 2040، وهو ما يعتبر من أهم الأهداف التي يسعى الاتحاد الأوروبي لتحقيقها، وهي المتمثلة في تقليل عدد المدخنين عن ما نسبته 5% من السكان. وكان انخفاض الضرائب على منتجات مثل التبغ الرطب، مقارنة بالسجائر التقليدية، قد شجع المدخنين على البحث عن بدائل أرخص لتوصيل النيكوتين، والتي تكون أيضاً أقل خطورة.
في سياق متصل، اتبعت نيوزيلندا الاستراتيجية المبتكرة للحد من المخاطر؛ حيث شجعت تبني المنتجات البديلة بما فيها السجائر الإلكترونية، على اعتبار أنها قد تكون أقل خطورة بالرغم من عدم خلوها من المخاطر، ما أسفر عن تخفيض معدلات التدخين إلى 6.8% من السكان.
وفقاً لمعهد القياسات والتقييم الصحي، يعد التبغ السبب الرئيسي للوفاة والمرض والإعاقة في لبنان، وثالث أكبر عامل في مصر والإمارات العربية المتحدة، أما في الأردن والكويت، فيعد السبب الرئيسي الرابع لمثل هذه الحالات، وخامس أكبر عامل مساهم فيها في باكستان. وتعد أنظمة توصيل النيكوتين البديلة، مثل لصقات وعلكة النيكوتين، أقل خطورة بشكل ملحوظ من السجائر القابلة للاحتراق، وإن لم تكن تخلو تماماً من الخطر، إلا أن التصورات حول المنتجات البديلة العاملة بالتبخير والسجائر الإلكترونية مختلطة إلى حد ما. وقد وجدت دراسة حديثة أجرتها شركة IPSOS  أن ثلثي المدخنين الذين شملهم الاستطلاع في جميع أنحاء العالم يعتبرون السجائر الإلكترونية خطرة، أو حتى أكثر خطورة من السجائر.
في الإمارات، تم تقنين وتنظيم السجائر الإلكترونية والتبغ المسخن في عام 2019 وأصبحت سوقاً سريعة النمو للنيكوتين الجديد، بينما في مصر منذ انتهاء الحظر على السجائر الإلكترونية في عام 2022، نمت السوق بنسبة 43%. وفي الأردن، يتم فرض ضريبة على منتجات التبغ المسخن بنسبة 150%، وبنسبة 200% على السجائر الإلكترونية، وفي السعودية، يمكن أن تؤدي الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التبغ والتي أطلق عنوان "لعبة نهاية التبغ 2030" عليها، لضرائب أعلى على جميع المنتجات.
وقد أبدى أحد الخبراء استغرابه من عدم مبادرة دول الشرق الأوسط إلى تبني بدائل للسجائر التقليدية، فيما قال استشاري الأورام في مستشفى زليخة الشارقة، الدكتور روشان كوشي جاكوب، أن الإمارات رفعت الحظر عن السجائر الإلكترونية ومنتجات النيكوتين الأخرى منذ عام 2019، ولكن في بعض دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى لا يزال ذلك غير مسموح به، مشيراً إلى أن ذلك يعد من أسباب عدم التحول إليها، وأن منظمة الصحة العالمية تحاول خلق الوعي حول السرطان ومخاطر التدخين، ولكن لم يكن هناك انخفاض كبير في هذه المنطقة.
وأكد الدكتور جاكوب أن الناس يحتاجون إلى المعلومة ومعرفة ما هو خطر، مبيناً أن التحول إلى البدائل ليس آمناً 100% لكنه أكثر أماناً من التبغ. وقد قال أخصائي الطب الباطني في عيادة أستر رويال، في وسط دبي، الدكتور سواتي براساد، إن حملات التوعية العامة حول التحول إلى البدائل الأقل خطورة يمكن أن تكون مفيدة للغاية.

gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة