كلما خرج قرار أو فتوى تتعلق بأموال الضمان الاجتماعي واستثماراتها، وضع الأردنيون أيديهم فوق قلوبهم خشية على مصير أموالهم، خصوصا أن تلك الأموال بما تمثله من تحويشة عمرهم لم تكن محصنة في عديد أوقات، ولطالما لجأت إليها الحكومات لحل مشكلات مالية على حسابهم.
الأردنيون لا يلامون، ففجوة الثقة واسعة وعميقة، وترميمها يحتاج إلى أكثر من حكومة تعمل بجد لردم جزء من الهوة، ولذلك تراهم ينتفضون كلما استشعروا محاولات حكومية لاستخدام أموالهم، أو التلاعب بها.
موجودات صندوق استثمار أموال الضمان التي تقدر اليوم بحوالي 9.6 مليارات دينار، هي ما تبقى للناس من أمل، بعد أن اتسعت الأزمة المالية في البلاد، وزاد الدين إلى حدود خطرة؛ إذ إن حجم الدين العام فاق 27 مليار دينار، ولأسباب متعددة ترتبط، ليس بأزمة الطاقة وانقطاع الغاز المصري قبل سنوات، بل يدخل في ذلك أيضا السياسات المالية الخاطئة والتوسع في الإنفاق بدون أدنى حساب لموارد البلد.
اليوم الشعور نفسه يسود، والأردنيون قلقون على تحويشة عمرهم، وهواجسهم تتسع بأن الحكومة ربما تفكر في الاقتراب من مدخراتهم وضمان شيخوختهم حتى تمول بعضا من مشاريعها وتخرج من أزمة الخزينة الخانقة.
الهواجس قد لا تكون قائمة على حقائق، فربما لا تنوي الحكومة ذلك بالفعل، لكن كل ذلك لا يخفف من حساسية الناس تجاه موضوع الضمان، خصوصا أن الحكومات المتعاقبة فشلت كثيرا، حتى عندما استخدمت أموالهم في تعظيم المنافع منها، والأدلة على ذلك ما تزال قائمة وتعبر عنها نماذج فاشلة لاستثمار أموال الضمان على مدى السنوات الطويلة الماضية.
اليوم تثير فتوى ديوان تفسير القوانين مخاوف الناس مجددا، وهي الفتوى التي تحكم العلاقة بين مجلس إدارة الضمان الاجتماعي الذي يرأسه وزير العمل وبين صندوق استثمار أموال الضمان.
الموضوع باختصار أن ثمة فتويين صدرتا في الأشهر الماضية تثيران الريبة والشك؛ إذ ترى الفتوى الأولى أن القرار الاستثماري للصندوق لا يمر من دون مصادقة مجلس إدارة الضمان عليه، وهذه صدرت في شهر كانون الثاني (يناير) الماضي، فيما تنص فتوى ثانية على أن مجلس الإدارة لا يملك الصلاحية في اتخاذ القرار الاستثماري، بل تتحدد مساحة مسؤولياته بوضع السياسات العامة للاستثمار.
وتقول الحكومة إن الفتوى الجديدة لم تغير من آلية اتخاذ القرار القائمة، لكنها تؤكدها فقط لتوضيح الصورة، والرد على طلب مجلس إدارة الضمان بهذا الخصوص.
عند هذا الحد ينتهي الخبر ويقفل الملف، لكن ذلك ما لم يحدث، فتكرار طلب الفتوى أثار حفيظة الناس وأيقظ مخاوفهم مجددا على أموالهم، وبصراحة لا يبدو الأمر مريحا، لأن النتيجة تقود إلى أن صندوق استثمار الضمان يتخذ قراراته بمعزل عن مجلس الإدارة، وهذه القاعدة صحية لأنها تكرس استقلال القرار الاستثماري، لكنها ومن الناحية الأخرى لم تحصن الصندوق وأعضاءه من اتخاذ قرارات تخدم شخصا بعينه أو مشروعا غير ذي جدوى اقتصادية.
القاعدة السليمة الآمنة أن تقدم حكومة د. هاني الملقي، كل أساليب التطمين للناس بأن أموالهم فعلا خط أحمر، وأنها حريصة على مدخراتهم أكثر منهم، ولذلك لا يبدو موعد ومواقيت الحصول على الفتاوى السابقة خادما لهذه الفكرة.
قصة أموال الضمان وحكاية الأردنيين مع محاولات مسؤولين ومتنفذين التطاول عليها، ليست جديدة، كما أنها لا تقوم على أوهام بل على تاريخ سيئ من مسؤولين لطالما سعوا للسطو على قرارات المؤسسة الاستثمارية، ولم يدركوا أن هذه الأموال ليست لهم.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو