الأحد 2024-12-15 21:48 م

إعلامنا إلى أين ؟

01:59 م

لا أعتقد أن الاستراتيجية الإعلامية يمكن أن تفسر الطريقة والأسلوب اللذين تتعامل بهما مؤسسات الإعلام الرسمية مع استحقاقات المخاض الوطني ومتطلبات العمل المهني التي ركزت عليها الرؤية الملكية للإعلام.


القائمون على الإعلام مدعوون قبل غيرهم إلى الارتقاء بمستوى الخطاب الإعلامي الرسمي ومضامينه ليتناسب مع ما يشغل الناس و تطلعاتهم الفكرية حتى الانطباعية. فليس من المعقول أن أفرد ساعات بث أو صفحات نشر حول موضوعات يحتج الناس من أجلها لتأتي شخصيات هي جزء من الخلاف تُنَظِّر علينا وتذرّ الرماد في أعيننا .

دعونا نقول بكل صدق وشجاعة إن إعلامنا لم يصل حتى الآن إلى مستوى يصبح فيه منافسا ومسموعا لدى أبناء منطقتنا ، يؤثر فيهم بمثل ما نتأثر بوسائلهم ، فليست الامكانات أساس الإعلام فقط ، بل إن الصدق والحقيقة ووضوح الرؤية وحسن المسير هي مقدمات حقيقية لديمومة أية منظومة إعلامية . والسؤال أين نحن من ذلك ؟ لعل معالي وزير الإعلام يدرك أن الوصول لمثل هذه الثوابت يتطلب إضفاء وتطبيق روح الاستقلالية في مؤسساتنا الإعلامية الرسمية حتى وشبه الرسمية .فالاستقلالية التي هي مفتاح الحرية وبالتالي الانطلاق ، تحتاج إلى التخلي عن هيمنة الحكومات ممثلة بوزراء الإعلام من أن يجثوا على صدر ونَفَس الإعلام والإعلاميين في مؤسساتنا الرسمية .

مطلوب ترسيخ جَهده نحو الإعلام الحر وفتح آفاقه وأجنحته نحو الإعلام المهني، حيث ما زال مفهوم إعلام الدولة غائبا عن فكر وذهن مخططي الإعلام الأردني وأصحاب قراره ، كونهم ما زالوا منغمسين في إعلام الوزير والحكومة . وقد دلت الممارسات الإعلامية خلال الفترة الأخيرة على أن ما تطرحه بعض مؤسساتنا الإعلامية الرسمية يشكل تحديات سافرة في حق المواطن ، فبدل أن تكسب ثقته وصداقته كما هي الحال بأبجديات الرؤية الملكية في الإعلام ، أساءت إلى مشاعره وأحاسيسه وكبريائه الوطني وكرامته كمواطن ، والأدلة كثيرة ومتعددة .
الإعلام الرسمي للمواطن لا للأشخاص ، ولهذا فإن اختيار البرنامج أو الموضوعات أو حتى الأشخاص يجب أن يتلاءم مع تطلعات الناس وافكارهم وانطباعاتهم. لا أعرف أية سياسة تلك التي تُفرض على مدراء مؤسساتنا الإعلامية لاستضافة أشخاص والحديث في موضوعات معظمها يدافع عن سياسات حكومية معينة أساءت أكثر مما نفعت؟ وهنا يأتي سؤالنا : متى سيتم احترام المواطن في المضمون الإعلامي ؟ متى سيتم إدراك أن المواطن الأردني واع وذكي ولماح و'يفهمها على الطاير' وأن أبسط الطرق في الوصول إليه هي الحقيقة وبأفواه لا شائبة عليها ولا غبار .
الإعلام ليس مجرد كلمات منمقة ،ولا فبركات تُمارَس لتبرير قرارات أو مواقف أو لتخفيف حدة ممارسات طالما أنها أغضبت الناس وأحرقت أطراف ثيابهم . فالأساس في الإعلام أن يكون مرآة الناس قولا وسلوكا ، وأن يعكس نبض الناس قولا وسلوكا ، وأن يكون لسان حال الناس قولا وسلوكا . فمن الذي أعطى الشرعية لوزراء الإعلام أن يكونوا أوصياء على إعلام الدولة وأن يقرروا ويحللوا ، ويحرموا ما يشاءون، بعيدا عن المهنية التي مبتغاها الحقيقة ويمكن أن تأتي من أبسط شخص في الحراك الوطني أو فلاّح يريد أن ينتخب من يُمثِّله أو تاجر يدفع الضرائب ويريد بلدا آمنا مستقرا أو تلميذا يريد أن يشعر أنه يرتقي بفكره عندما يُسخّر جَهده للعلم والمعرفة ...أو...أو!
رحم الله وصفي التل مدير التوجيه الوطني وأذكر صلاح أبو زيد أول وزير إعلام أردني وعدنان أبو عوده صاحب مدرسة الإعلام المواجه كيف صنعوا للإعلام هوية وهيبة وأبجدية . وأترحم على هذا الزمان الذي ضاعت فيه المهنية بعد أن صلبوا مفهوم الحرية ووأدوا أبجديات الديمقراطية .

Ad_alzoubi@alarabalyawm.net
عدنان سعد الزعبي


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة