الإثنين 2024-12-16 00:59 ص

إما حكمة أو فوضى

05:49 م

قد تكون عدم قدرة التيارات السياسية و الحراكات الشعبية على الاتفاق فيما بينها، لتعمل برؤية مشتركة، وتوحد جهودها في التعامل مع المعطيات الموجودة لديها بمرونة كافية، ساعد الحكومات الخمس التي عاصرت حراكات الشارع على التغلب على نشاطاتها، والحد من تأثيرها على مدى العامين الماضيين، فالحياة كلها قائمة على المسايسة واغتنام الفرص، والملاحظ أن النهج المتبع من كل الأحزاب والحراكات من جهة، والحكومة من جهة أخرى، تقوم على تصيد الأخطاء للآخرين.

ولو نظرنا للواقع الأردني لوجدنا أن الحراكات تطالب بالإصلاح ومحاربة الفساد والفاسدين، متخذة من قانون الانتخاب والتعديلات الدستورية ويضاف إليها قرار رفع الدعم عن المحروقات نقطة البداية للحل، وحجر الخلاف مع الحكومة في نفس الوقت، فإفراز قانون انتخاب لم يأتي متوافق مع رأي الأغلبية، هو نتيجة شرعية لمجلس نيابي منحل، أتى أصلا بطريقة يشوبها التزوير، فهذه حقيقة محل إجماع، ومع ذلك فالمطعن بصحة ما صدر عن هذا المجلس غير قانوني، والواقع العملي اليوم يحتم العمل بقانون الانتخاب المطروح رغم سلبياته، وكان أولى بالتيارات السياسية العمل على التأثير على الناخب، لكي يرشح أفضل الموجود، رغم وجود عقبة الصوت الواحد، مع احتفاظها بحقها في الامتناع عن الترشح والتصويت، للتقدم ولو بخطوات بطيئة لإفراز مجلس نيابي يكون أصلح حال من المجلس الذي سبقه، يكون قادر على تجاوز عقدة الخلاف بإفرازه قانون انتخاب يرقى لمستوى طموحات التيارات السياسية، ويستطيع تخطي نقاط الخلاف، ويمهد هذا المجلس لدخول مرحلة انتقالية في مسيرة الحياة السياسية في البلاد، تستطيع بعدها من إرساء أسس العدالة التي ترى أنها غائبة، وتعمل على إصلاح المؤسسات الحكومية التي بلغ منا التردي مبلغة، بفعل السياسات القديمة القائمة على الواسطة والمحسوبية والتوريث.
قد يكون هذا الطريق طويل، ولكن من المؤكد أنه سيكون الطريق الآمن، والذي سيعزز مصداقية هذه التيارات والحراكات عند المواطن، الذي ينأى بنفسه عن الدخول في سجال هذه التيارات السياسية والحراكات الشعبية مع الحكومة، وإتباع هذا المنهج سيعزز هذه المصداقية لدى الجميع بشكل ايجابي وقوي.
فنحن بحاجة ماسة في هذا الوقت للثقة المتبادلة، وبحاجة أيضا لان تكون نظرتنا واقعية، ومطالبنا في حدود الممكن والمتاح، وعدم تعمد استخدام طرائق الإرباك في القرارات والتوجيه، وتأجيج مشاعر الناس، وإخراجها من حالة ضبط النفس والتعقل، لحالة الانفعال والصدام المباشر، فكلفة هذا الانفعال والصدام باهظة على الجميع، فلم تزل دموع الحزن حارة على فقد المقابلة الذي كان من آخر ضحايا الفوضى العارمة، والذي لحق بصحبة ممن قضوا في مثل هذه الصدامات من مدنيين وعسكريين، عداك عن المصابين من أقرانهم.
فإذا كنا جميعا نبتغي الإصلاح، فنحن بحاجة إلى اتحاد في العمل، وتوحيد في الرؤية، واتفاق على المنهج، وبحاجة لنكون على قدر المسؤولية، لنتمكن من إحراز النجاح، وتفادي المعيقات بدون خسائر.

كايد الركيبات
kayedrkibat@gmail.com


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة