الخميس 2024-12-12 06:28 ص

الإعلام التونسي بين التجاوزات المهنية وهيئات التعديل

10:25 ص

الوكيل - أثارت الإجراءات الجديدة التي أعلنت عنها الهيئة العليا للإتصال السمعي البصري جدلا في الساحة الإعلامية التونسية بين مؤيد ومعارض لكراس الشروط المعمول به، تزامنا مع مطالبات بإصلاح القطاع والحد من التجاوزات لأخلاقيات المهنة.


شهد القطاع الإعلامي بعد الثورة حركية هامة في اتجاه ضمان حريته واستقلاليته. وتزامنا مع المخاض العسير الذي خاضه المهنيون في الإعلام بمختلف وسائله من أجل الحفاظ على الحريات المكتسبة، أفرزت الطفرة الإعلامية فلتانا ساهم في بروز العديد من التجاوزات لأخلاقيات المهنة وقواعد المسؤولية القانونية تزامن مع الإجراءات الجديدة التي أعلنت عنها الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري 'الهايكا' والتي أثارت جدلا على الساحة الإعلامية التونسية بين مؤيد و مشكك.

وتؤكد شيراز الرحالي، صحفية بجريدة المغرب اليومية لـDW عربية، من أن المرحلة الانتقالية التي يمر منها الإعلام اليوم، على غرار باقي المجالات، تتوجب الحذر من أهل القطاع أنفسهم، مع وجود استخفاف في بعض الأحيان من قدرة القضاء على ملاحقة التجاوزات ومعاقبة المذنب.



رغم ذلك، يجمع أهل القطاع على ضرورة أن تصحَب حرية الإعلام وعي مهنييها بأخلاقياتها، إذ بعد أن أشادت سيدة الهمامي بالي عضو مكتب تنفيذي بنقابة الصحفيين التونسيين، بكثرة الوسائل الإعلامية لضمان التعددية الإعلامية، حذرت من أن الكثرة دون قواعد وقوانين تنظمها، من شأنها أن تؤدي إلى الفوضى وتسيء بالبلاد عموما، مؤكدة لـDW عربية أن ما حصل في تونس كان طفرة كمية و ليس نوعية.

الإصلاح الأكاديمي

وترى سيدة الهمامي أن الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري والتي أنشأها صحفيو تونس من أجل تنظيم القطاع، هي سجينة لوبيات وتنقصها الكفاءة، بل وأن لأعضائها علاقات مشبوهة مع أحزاب يسارية ويمينية، تجعل من 'الهايكا' أداة للتحكم في بعض الأمور، تقول عضوة نقابة الصحفيين. وطالبت الأخيرة بمراجعة كراس الشروط الذي تضمن مجموعة قوانين منظمة تمّ ضبطها من قبل 'الهايكا'.

في المقابل، تؤكد الدكتورة سلوى الشرفي، صحفية وناشطة في مجال الدفاع عن حرية الإعلام على ضرورة تقنين العمل الإعلامي، لكنها في الوقت ذاته تشير إلى أن هذه القوانين غير كافية لردع بعض الصحفيين الذين يعتمدون على عنصر الإثارة في عملهم، طالما أنها وسيلة تدر عليهم أرباحا بقيمة أكبر من العقوبات المالية التي قد يتعرضوا لها، فضلا عن أن الإثارة تزيد من شعبيتهم وشعبية برامجهم.

وتدعو المتحدثة لـDW عربية إلى إعادة تكوين الصحفيين بما يتلاءم مع الأوضاع المستجدة على غرار تنظيم دورات تدريبية حول الإعلام الأمني وكذلك ماجستير مهني مخصص لنفس الموضوع حتى يتمكن الصحفيون من تغطية الأحداث الإرهابية دون السقوط في فخ الدعاية للإرهاب أو عرقلة عمل رجال الأمن بهدف إبراز إعلام مهني متميز.

الإعلام في خدمة الحرية المسؤولة

وإذا كان لكل إعلامي تونسي رؤيته بشأن مستقبل القطاع في ظل التغييرات الجديدة التي شهدتها تونس ما بعد الثورة، فإن لـ'الهايكا' رؤيتها وتفسيراتها لكراسات الشروط على ضوءها تقضي بمنع بث برنامج على سبيل المثال، تماما كما حدث حين قضت بإيقاف إعادة أحد حلقات برنامج 'عندي ما نقولك' في قناة 'التونسية'.

وحول ذلك، يقول الدكتور النوري اللجمي، رئيس الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري لـ DW إن من مهام 'الهايكا' الضغط على وسائل الإعلام للاستجابة لحق الجمهور في معلومة جيدة والعمل على ضمان حرية التعبير وتعددية المشهد الإعلامي على أساس احترام الحياة الخاصة للفرد وفق تصور الحرية المسؤولة.

ويفسر رئيس الهيئة قرار منع البرنامج الاجتماعي بقناة 'التونسية' بأنه جاء بعد عرض الحلقة وإعادة بثها، لكون أن الهيئة طلبت مسبقا من إدارة البرنامج عدم إعادة بث مقاطع تضمنت تجاوزات لكن إدارة البرنامج لم تلتزم بالقرار.

وحول ذلك، يرد هشام السنوسي عضو الهيئة عن نقابة الصحفيين بأن ثقافة التعديل غائبة وجديدة في تونس حيث أن المعايير المعتمدة من الهيئة في ضبط كراسات الشروط أو قرار إيقاف البرنامج هي معايير دولية متعارف عليها في الدول الديمقراطية. كما أن ضبط الإشهار في ثماني دقائق لكل ساعة بث، ورفض المزج بين العمل الحزبي وبين امتلاك وسائل إعلام سمعية بصرية، هي أمور ليس الهدف منها السيطرة على الإعلام بقدر ما هي إجراءات تعديلية لتنظيم القطاع.

ووسط المعركة التي يخوضها المشهد الإعلامي التونسي من أجل حرية الإعلام، تسعى الهيئات إلى تنظيم القطاع بمعايير يقول عنها البعض إنها دولية ويجري العمل بها في العديد من الدول الديمقراطية، في حين يرى آخرون أنها لا تستجيب إلى واقع الإعلام التونسي حتى وإن كان متعارف عليها دوليا.


المصدر : DW


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة