الخميس 2024-12-12 13:19 م

التطرف من أدوات الربيع

08:14 ص

الضربات العسكرية الأمريكية المحدودة على بعض مواقع داعش في العراق لم يتأكد بعد إن كانت ستحدث تحو?ً في ميزان القوى في المواجهات بين « شركة داعش لمهام التطرف « أم هي نوع من عملية رسم الصورة لهذا التنظيم، لكن مهما كانت حقيقة الأمر فإنها جاءت متأخرة جداً، وعلى عكس حماس أمريكا وحلف الأطلسي للتدخل كما كان الحال مثلاً في ليبيا حيث كان تدخل حلف الأطلسي هو الأمر الحاسم في إسقاط نظام القذافي ومقتله، وهذا الأمر ينطبق على تحرك الإتحاد الأوروبي وربما على قرار مجلس الأمن الخاص بداعش والنصرة.

كذلك الأمر بالنسبة لحماس أمريكا في تقارير مؤسساتها دفاعاً عن حرية الأديان حيث يكون التدخل السياسي في دول المنطقة بناء على شكاوى عادية حول التضييق على بعض المجموعات الدينية بينما لم نشهد تحركاً سريعاً إنتصاراً لعشرات الآ?ف من المسيحيين العرب في العراق الذين تم تهجيرهم من مدنهم على أيدي داعش، وكأن المطلوب صناعة أجواء وظروف تشجع المسيحيين العرب على الهجرة من المنطقة، وهو الهدف الذي تتحدث عنه بعض الجهات، وكأن داعش تقوم بمهمة التضييق على المسيحيين العرب لجعل الهجرة أو التهجير هو الخيار للمسيحيين العرب، وربما لو أمتلكنا دراسات عن نسب وأعداد من هاجروا من سوريا والعراق من المسيحيين العرب خلال السنوات الأخيره لوجدنا أرقاماً تثير التساؤل.
إنها حكاية واحدة تنتجها كل المشاهد العربية حيث يتم تهشيم الدول ونزع عوامل الوحدة داخل المجتمعات العربية، أو ربما هو التمزيق للنفس العربية عن طريق النزاعات والحروب والفتن وتنظيمات التطرف من كل المذاهب والملل، والمدخل نبيل وهو الإصلاح ومحاربة الظلم والإستبداد والفساد.
وإذا كانت الإدارة الأمريكية قد وجهت ضربات جوية محدودة لداعش في العراق، وأعلن الرئيس أوباما أنه لن يسمح بإقامة خلافة في سوريا والعراق فكيف سينعكس هذا على الملف السوري، وهل من الممكن أن يكون هناك تعاون مع النظام السوري لتوجيه ضربات لداعش في سوريا كما هو التعاون القائم اليوم بين الإدارة الأمريكية والحكومة الكردية والحكومة العراقية !!.
وإذا عدنا إلى الضربة الأمريكية المحدودة لمواقع داعش في شمال العراق والتي تواجه إنتقادات أمريكية داخلية لمحدوديتها، فإنها تعبر عن حالة الحذر التي تغلف سياسة إدارة أوباما تجاه التدخل العسكري في دول أخرى، لكنها سياسة لا تعفي الإدارة الأمريكية من مسؤوليتها عما يجري في العراق حيث غياب الأمن وانتشار التطرف القادم من أكثر من طائفة، وحيث التقسيم العملي للعراق بين مناطق قومية وطائفية للسنة والشيعة والأكراد، فضلاً عما تتعرض له الأقليات الدينية الأخرى وعلى رأسها المسيحيون من تهجير وتشريد.
ربما تكون الخشية في بعض الأوساط إذا ما وسعت الولايات المتحدة من عملياتها في العراق وكسرت قاعدة الإنسحاب من الحروب أن يكون هذا مدخلاً لتدخل عسكري في سوريا، لكن قرار مجلس الأمن الخاص بالنصرة يخدم منطق النظام السوري.
أوباما والغرب يصفون داعش بأنه أغنى وأقوى تنظيمات التطرف، لكن التعامل مع هذه التشخيص لم يتجاوز حتى الآن ضربات جوية محدودة ومساعدات إنسانية تقدم لعشرات الآلاف من العراقيين الذين شردتهم داعش التي تتحول من عصابات مسلحة إلى جيش تقليدي نتيجة سيطرتها على أسلحة الجيش العراقي.
وأخيراً فإن خطر داعش ليس على الدول والشعوب فحسب بل أيضاً على تنظيم القاعدة الذي يتراجع حضوره لمصلحة داعش ليس في سوريا والعراق بل أيضاً داخل التيار المتطرف.
داعش في سوريا والعراق، وداعش التي تستهدف المسيحيين وتنكل بالمسلمين، جزء من أدوات مرحلة ما يسمى بالربيع العربي، وربما يكون من مصلحة العديد من الدول أن يستمر حضور داعش حتى تحقيق الغاية التي جاءت من أجلها.
gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة