الأحد 2024-12-15 23:08 م

.. الذكاء السياسي كان مصدر زلزال آذار!

08:17 ص

بعد اكثر من نصف قرن على ذكرى احتفائنا واحتفالنا بقرار الحسين, رحمه الله, تعريب قيادة الجيش العربي الاردني, نقف على المعنى السياسي لتوقيت هذه الخطوة البالغة الجرأة, وأهمية اتخاذها الى جانب معناها الاستقلالي التحرري!!

فمنتصف الخمسينيات من القرن الماضي كان موعد العالم العربي مع بزوغ فجر التيار القومي الذي قاده جمال عبدالناصر, وكان وقتها النضال التحرري يتجه الى اكبر دولتين استعماريتين: بريطانيا وفرنسا. فقد كانت الاولى صانعة الكارثة الفلسطينية, وصاحبة الهيمنة في الاردن والعراق, وكانت فرنسا ما زالت تستعمر كل الشمال الافريقي. وكان الحسين الذكي الذي تردد, بان موقفه وموقف الاردن سيكون ضعيفاً جدا إذا استمر جون باغوث جلوب في موقع رئاسة الاركان, وإذا استمر عدد من نظرائه الانكليز في مواقع القيادة الحساسة.
لقد اتصل الحسين عبر عدد من الضباط بالقيادة المصرية, ليشاورها في الخطوة المقبلة.. مجرد تشاور, فكان الجواب: ليحذر الملك فهناك اكثر من خمسين الف جندي بريطاني على قناة السويس ومن الافضل الانتظار حتى يرحلوا. لكن الملك اتخذ قراره.. وكان حوله عدد من الشجعان الذين اخذوا مواقع تحوط وتنبه. ومرّت التجربة دون أي اشكال, ودون ان يتعرض امن الجيش للخطر, فقد كان الحسين يدرك ان ولاء جيشه مطلق. وان القيادة الاجنبية لا تعني شيئا, فنفذ بكل هدوء مخططه.. وأطلع مجلس وزرائه على القرار واخذ وزيرا الداخلية والدفاع قرار القائد الاعلى الى كلوب مع امر بالمغادرة خلال اثنتي عشرة ساعة!!
لقد كان للاستغناء عن القيادة الاجنبية, معنى واحد, هو ان المعاهدة الاردنية – البريطانية لم يعد لها مبرر. وقد سمعنا وقتها بعض الناعقين المرتجفين بان انهاء المعاهدة كان خطأ, لان بريطانيا كانت ملزمة بالدفاع عن الضفة الغربية لكن مذابح قبية, وبيت جالا, وقلقيلية, وعشرات القرى الحدودية التي شهدت اعتداءات الجيش الاسرائيلي تكذّب هذا الزعم وتجعله عهناً منفوشاً!!
ندعو الى قراءة بيان الملك الراحل الموجه الى شعبه فقد وصف الزلزال الذي احدثه بانه «مجرد اجراءات اتخذناها لمصلحة قواتنا المسلحة ومصلحة بلدنا».. لم يقل اكثر لإن الذكاء السياسي كان وراء الاجراءات!!


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة