الأحد 2024-11-24 09:20 ص

الرد الآلي

07:26 ص

قليلة جدا هي المؤسسات والمرافق الخدمية التي تستخدم أشخاصا للرد على الاتصالات التي يقوم بها الأفراد والمراجعون لهذه المؤسسات. غالبية المؤسسات استبدلت الرجال والنساء الذين كانوا يجيبون عن استفسارات المراجعين ومكالمات الأشخاص.



في كل مرة يحاول أحدنا الاتصال بالدوائر والمراكز الخدمية يصاب بالإحباط ويتملكه الغضب. فقد يمضي الواحد منا ساعات طويلة وهو يحاول الوصول الى المسؤول أو الشخص الذي يمكن أن يلبي حاجته للخدمة أو يجيب عن استفساراته.


ما إن نجري الاتصال بالرقم الخدمي المعلن عنه من قبل المرفق أو المؤسسة المعنية حتى تأتيك أصوات التسجيلات التي تشعرك بالغربة والبعد.. 'هذه المكالمة مسجلة لغايات ضبط الجودة' أو 'تكلفة الدقيقة الواحدة عشرة قروش..'، وبعد أن تستأنف تنهال عليك رسائل صوتية مسجلة تحاول إرشادك لما ينبغي عمله 'للاستمرار باللغة العربية اضغط رقم 1.. باللغة الانجليزية اضغط رقم 2'، وما إن تضغط حتى يجيبك التسجيل 'إذا كنت تعرف الرقم الفرعي المطلوب يمكن الاتصال مباشرة'، ليجري بعدها سرد الأرقام الفرعية لأقسام ووحدات الخدمات للإدارة.


إذا حالفك الحظ، قد تصل الى الجهة المقصودة بعد عشر دقائق أو محاولات عدة، أما اذا كنت مثل الغالبية العظمى من المتصلين، فقد تحاول لساعات بدون جدوى. تارة ينفصل الاتصال وأخرى قد يقرع جرس الهاتف على الطرف الآخر، ولا يوجد من يجيب الهاتف أو يرغب في الاستجابة الى طلب الخدمة.


قبل عقود من الزمن، كانت المؤسسات والدوائر تشتمل على وظيفة مأمور المقسم أو المستخدم الذي يستقبل ويوزع الاتصالات الصادرة والواردة للمؤسسة. الرجال والنساء الذين احترفوا مهنة الاتصال كانوا يحملون خصائص فريدة تسهم في تفعيل وتقوية صلة مؤسساتهم مع جمهورها والجهات كافة ذات الصلة بها.


استقبال المكالمات والترحيب بالمتصلين وإيصالهم بالجهات والوحدات التي يودون محادثتها والإجابة عن أسئلة الجمهور، كانت بعضا من المهام التي يقوم بها مأمور المقسم. الترحيب الحار ودفء الصوت والإجابة السريعة التي يوفرها المأمور للمتصل كانت عوامل مهمة في بناء الصورة الذهنية للمرافق والمؤسسات.


اليوم يشعر المراجع بالبرود وقلة الاكتراث وغياب الوجه الإنساني للكثير من المؤسسات التي تستخدم التسجيلات في الرد على استفسارات الناس. الأعطال المتكررة للتسجيلات وعدم معرفة المراجع بطبيعة التنظيم والجهات المسؤولة عن الخدمات، إضافة الى تباطؤ العاملين في الرد على استفسارات الجمهور، تضعف فعالية هذه الأنظمة وتقلل من جدوى استخدامها.


لا أعرف الأسباب التي دفعت بنا الى التوسع في استخدام تكنولوجيا الرد الآلي، خاصة ونحن نعيش في مجتمع لا ينتج تكنولوجيا الاتصال والرد الآلي، في الوقت الذي يعاني فيه غالبية شباب الأردن من البطالة والتعطل.
في كل مرة أضطر فيها للاتصال بمؤسسات خدمية، أتردد كثيرا وأعمل على تأجيل الاتصال خشية التعرض لسماع تسجيلات فيها من البرود والغرابة والبلادة ما يكفي لجعل الاتصال محاولة عبثية عديمة الجدوى...
في العالم، هناك استخدام واسع لتكنولوجيا الرد الآلي وهي فعالة ومجدية وعملية. نجاح المجتمعات الأخرى في توظيف التسجيلات للرد على الجمهور، عائد لوضوح التعليمات ووعي المراجع ووجود العاملين على رأس عملهم.


في سبعينيات القرن الماضي، كانت بعض التسجيلات الصوتية تقول 'استعلامات الدليل.. لحظة من فضلك.. نحن نجيب عن الطلبات بالدور'، المهم في هذه التسجيلات أن المأمور قد يباغتك وأنت تستمع الى التسجيل ليقول لك إنه أصبح جاهزا لاستقبال طلباتك.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة