الأحد 2024-09-22 14:39 م

الصناعة السياحية في الأردن

07:29 ص

تم التبشير منذ سنوات طويلة بتطوير عالم السياحة في الأردن، من أجل أن تصبح رافداً مهماً من روافد الاقتصاد الوطني الأردني الحديث، وتم تخصيص وزارة مختصة لهذا المجال من أجل التفكير في طرق تطوير عالم السياحة لدينا وتحديثها، والبحث عن عوامل الابداع والابتكار وصناعة الفرص من الظروف المتاحة في ظل قراءة المشهد المحلي والإقليمي على مختلف الصعد، وكان من المتوقع أن تحل السياحة بالمرتبة الأولى من حيث حجم إدخال العملة الصعبة من الخارج، وتشغيل الأيدي العاملة وفتح آفاق العمل أمام الشباب.



لكن الملاحظ بقوة أن السياحة لم تتطور لدينا، بل على العكس تماماً، هناك تأخر كبير في عالم السياحة في الأردن عما يجري في بعض دول الجوار، وفي بعض دول الإقليم، فلو تمت المقارنة مع دخل السياحة لدى الكيان الصهيوني مع دخل السياحة لدينا من حيث حجم الأرقام لوجدنا فجوة هائلة تدعو إلى الدهشة، مع أن الأردن يحوي من الكنوز الأثرية أعظم وأكبر مما هو لديه او يماثله على الاقل، بل إن المفارقة أن بعض الآثار المهمة في الأردن مثل (البتراء) على سبيل المثال التي تعد من عجائب الدنيا على مستوى العالم يجري تسويقها لجذب السياح إلى (إسرائيل) وتصبح جزءاً من رحلة القادمين إليها دون أن يعود علينا أي فائدة في هذا السياق.


الأماكن السياحية مهملة وتظهر عليها علامات الهجران، والمناطق السياحية في الأردن ذات المناظر الخلابة والأجواء اللطيفة ليست جاذبة لأنها لم تخضع لأي عملية تطوير أو تحديث على صعيد الطرق والمواصلات، أو على صعيد ايجاد مرافق سياحية محترمة، فلو ألقت وزيرة السياحة نظرة إلى عجلون والكورة على سبيل المثال فسوف تجد أنها ما زالت تعيش في القرون الوسطى، وبلا فنادق ولا مطاعم ولا استراحات، ولا عناية، ولا مواقف للسيارات، وهذه حال بقية المناطق أيضاً، فلا يكاد المواطن الأردني يلمس أي ملمح من ملامح التطوير والتحديث بعد مرور ما يزيد عن عشر سنوات من جعل عجلون منطقة خاصة.


يذهب اغلب الأردنيين لقضاء إجازاتهم وأعيادهم في تركيا أو طابا وشرم الشيخ في مصر بأعداد كبيرة، ولا يتم جذبهم للاستمتاع بأجواء وطنهم، ونسمع من أصحاب الاختصاص ومن المواطنين أن التكلفة بالذهاب إلى مصر أو تركيا أقل من تكلفة سياحة المواطن الأردني في وطنه.


لم يتم الاستثمار جيداً في المواقع الدينية في الأردن ولم يتم تسويقها بطريقة سياحية معقولة، والأردن في هذا السياق يملك ما لم تملكه دولة في العالم، فهناك مقامات مشهورة لمجموعة من الأنبياء، مثل شعيب وهود وهارون ويوشع بن نون، وهناك مقامات مؤكدة لعدد من الصحابة الكبار الذين يحتلون مكانة عالية ومحترمة في نفوس مليار من البشر، مثل أبو عبيدة عامر بن الجراح، وضرار بن الازور وشرحبيل بن حسنة، وجعفر بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، وعبد الله بن رواحة، ومعاذ بن جبل، وغيرهم كثير، وهناك مقام أهل الكهف، وأماكن دينية مسيحية أيضاً..


الأردن يحوي أخفض منطقة في العالم (البحر الميت) الذي يشكل كنزاً ثرياً نادراً، وقد استطاعت (إسرائيل) أن تستثمر في هذا الكنز ما يعادل (100) ضعف ما يفعله الأردن.


هناك خلل كبير وواضح وجلي في موضوع السياحة الأردنية من حيث النظرة ومن حيث الفلسفة ومن حيث الأداء ومن حيث الواقع، وما يستحق الحوار في هذه النقطة الجوهرية أن يتم تسويق الأردن سياحياً من حيث ما يحوي حقيقة وواقعاً، وليس المطلوب من أصحاب هذا الشأن خلق وجه غريب للأردن لا يمثل ثقافته ولا هويته ولا واقعه، كما يحدث أحياناً في استقدام فرق غنائية أو ثقافة بعيدة كل البعد عن الحياة الأردنية والواقع الأردني لتجلب لنا السياح الأجانب ونحاول تكرار التجربة للمرة العشرين دون تحقيق أي نجاح، ولذلك فإن فكرة السياحة تقوم على مجيء الآخرين لرؤية الأردن الأصيل كما هو بثقافته وآثاره وكنوزه وتاريخه وتقاليده، فالغربيون لا يريدون القدوم للأردن لرؤية من يقلدهم بفجاجة وسذاجة.


صناعة السياحة في الأردن يجب أن ترتكز في جوهرها على تسويق أصالة الأردن وجذوره التاريخية، ومسح التطور الحضاري عبر مراحل الزمن من الرومان والعرب الأنباط وآثار الفتح الإسلامي والدولة الأموية، وازدهار الدولة الأيوبية التي كانت عاصمتها ومنطلقها من الأردن، مع توفير وسائل الراحة والاستجمام والطرق والمواصلات والفنادق والمطاعم التي توفر أفضل مستويات الخدمة.


السؤال الموجه لوزارة السياحة بالتحديد: كم حجم الدخل القومي من السياحة ؟ وما هو الرقم المستهدف؟ وما هي نسبة النمو في الدخل السياحي؟.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة