كما علّق الصديق مارك لينش في مقالته الأخيرة (في الواشنطن بوست) فإنّ قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل لن يؤثّر على عملية السلام، التي هي غير موجودة أصلاً، منذ انهيار محادثات العام 2000، خلال إدارة الرئيس بيل كلينتون.
النتائج الحقيقية المترتبة على القرار مرتبطة بالسياسات الإقليمية، وبديناميكياتها. ويمكن أن أضيف إلى ما ذكره لينش ثلاث نتائج رئيسة ترتبت، مباشرةً، على قرار ترامب تجاه القدس، على صعيد المنطقة..
النتيجة الأولى/ هي أنّ القرار عزّز من ديناميكية الفوضى والتطرف والعنف. ومن يرون بأنّ ردود فعل الشارع العربي ليست على مستوى الحدث، فهم مخطئون، ذلك أنّ المسيرات السلمية والمظاهرات لم تعد الخيار الاستراتيجي لشريحة عريضة من الشباب العرب، فمنهم من يتجه إلى التطرف والراديكالية، وآخرون إلى تخليق أنواع أخرى من الاحتجاجات. فمبدئياً الخطاب الغاضب والجماعات المحبطة من الوضع القائم هما المستفيد الأول، بالإضافة إلى إيران التي توظف شعار القدس والقضية في مواجهة النظام الرسمي العربي.
النتيجة الثانية/ هي أنّ القرار عمّق من ديناميكية انهيار النظام الرسمي العربي، وجذّر القناعات الشعبية بفشل الدول العربية في القيام بأيّ شيء، فهذه الدول التي فشلت في مواجهة إيران إقليمياً في العراق وسورية واليمن، وعبرت من كارثة إلى أخرى، ولجأت إلى إدارة الرئيس ترامب بعدما وصلت إلى مأزق مع سلفه الرئيس الأميركي، باراك أوباما.
هذه الدول التي سعت إلى وضع 'الخطر الفارسي' على أولوية اهتماماتها، وتحالفها مع الإدارة الجديدة، في مواجهة إيران، هي نفسها اليوم في 'خانة اليك'، وقد عرّاها قرار ترامب أكثر من أيّ وقت مضى، وفضح النظام الرسمي العربي، ولم يبق له حتى 'ورقة التوت' كي يستر نفسه بها.
الشعوب لا تظن بأنّ الجامعة العربية يمكن أن تصنع شيئاً، ولا ترى في الاجتماعات والمواقف العربية أي نتيجة، ويمكن التقاط حالة الغضب الشديد في الشارع العربي تجاه النظام الرسمي العربي، الفاشل، العاجز أكثر مما هو غضب من إدارة الرئيس الأرعن، فترامب طعن الحلفاء العرب 'طعنة قاتلة'، وبدلاً من أن يساعدهم على النهوض لمواجهة إيران، وضعهم في قلب أزمة أكبر بكثير من أزمتهم مع إيران، وهي الأزمة مع الشعوب، وإشعال الشارع العربي مرّة أخرى.
النتيجة الثالثة/ ما سبق يقودنا إلى النتيجة الثالثة، وتتمثل في أنّ قرار الاعتراف الأهوج ردّ الحياة إلى الشارع العربي، بعد 4 أعوام من الوفاة الاكلينيكية، نتيجة الصدمة مما يحدث في سورية والعراق، وصعود تنظيم داعش، وأجندة الثورة المضادة التي ملأت المشهد، وعملية الشيطنة المستمرة للربيع العربي ولحق الشعوب في الحرية والديمقراطية.
قرار ترامب بالتزاوج مع عجز النظام العربي وانسداد الأفق السياسي، والصعود الإيراني الإقليمي، كل ذلك أعادنا إلى لحظة الربيع العربي، عندما وجدت الشعوب هذه الأنظمة عاجزة عن تقديم أي إجابات أو ردود فعل مقنعة على التحديات الكبرى التي تواجه المنطقة العربية.
مرّة أخرى، ليس صحيحاً أنّ ما يحدث هو نتيجة الربيع العربي، بل على النقيض من ذلك تماماً هو نتيجة الثورة المضادة ومحاولة إجهاض حلم الديمقراطية والحرية والخروج من النفق لدى الشعوب العربية، إذ أثبتت الأعوام الأخيرة أنّ البديل عن ذلك ليس ترميم النظام السلطوي العربي، بل ديناميكيات الفوضى والانهيار والحروب الأهلية ومزيد من التطرف والعنف البنيوي بأشكالٍ متعددة!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو