الأحد 2024-12-15 14:38 م

الطفيلة تودع شيخ حراكها: محمد العوران بذمة الربيع الأردني

12:38 ص

الوكيل - ودعت الطفيلة قبل أيام شيخ نضالها الحاج محمد سالم العوران، الذي أمضى حياته مغموسا بتراب الوطن وهمومه، فلم يصرفه شبابه عن حمل رايته، ولا منعه خريف شيخوخته من أن يكون من طلائع الربيع الأردني إلى جوار ناشطي مدينته العريقة.


وهكذا لم تمنع الفقيد العوران سنواته الكثيرة عن مشاركة أهله وناسه همومهم ومطالبهم، فكان في مقدمة المطالبين بحقوقهم، وإذا كان عمره يقدر بـ97 عاما عند رحيله؛ فإن أهله يصرون أنه تجاوز المائة عام، استنادا إلى أنه كان ينقل روايات يتذكرها من عهد العثمانيين منذ عهد ما قبل تأسيس الإمارة الأردنية مطلع القرن الماضي.

ذلك هو ماضي العوران؛ أما حاضره فينبئ أنه رجل التزم بأبجديات الانتماء لوطنه عن حب وكرامة، إذ حركته مشاعره الوطنية ليكون ناشطا في حراك الطفيلة.

وعلى هذا الأساس كان شيخ المعمرين في الطفيلة الحاج العوران؛ واحدا من صفوف الحراكيين رافضا أن يعيقه عمره عن مزاحمة الشباب على الصفوف الأولى، ليهتف بحياة الوطن وترابه، وليطالب بحمايته بالإصلاح والعدالة.

واستذكر شباب حراك الطفيلة شيخهم ومعمرهم وهم يصطفون في وداعه الأخير، بعد أن غادرهم هذه المرة إلى رحلته الأخيرة للقاء ربه، تاركا سنواته المائة شاهدة له وعليه.

وقال أحد أبناء عمومته صالح العوران إن الراحل كان حريصا على صلاة الجماعة في المسجد، ولم تمنعه شدة مرضه في أيامه الأخيرة من ارتياده في كل صلاة، مبينا أن لسانه كان دائم الذكر لله طول مسيره من البيت إلى المسجد.

ويبين العوران أن الحاج محمد كان 'ذا وضع مادي جيد، وأبناؤه يمتلكون آلاف الرؤوس من المواشي، كما أن أحدهم مقاول كبير في المحافظة، لكن الراحل اختار أن يكون جنديا في حراك الطفيلة، ملتزما بالانتماء لوطنه وقضاياه'.

ولم تثن الراحل سنه من الخروج في المسيرات المطالبة بـ'الإصلاح ومحاربة الفساد والظلم والاستبداد ونهب العباد'، في الطفيلة كل يوم جمعة، حيث كان يرافقه أحد أبنائه أو أحفاده.

ومنذ بدء فعالياته قبل ثلاثة أعوام، ظل حراك الطفيلة حراكا وطنيا مسؤولا، وفق مراقبين عديدين، ولم يخرج عن سلميته ووطنيته، والذي كان من أبرز مطالبه تحقيق العدالة، خاصة أن الطفيلة تعاني من فقر مدقع.

ووفق مسوحات رسمية، فإن المحافظة تضم ثلاثة جيوب للفقر، أكثرها سوءا في لواء بصيرا؛ الذي تبلغ نسبته نحو 44.1 %، ثم الحسا 19.8 %، فقصبة الطفيلة 17.3 %، وبنسبة إجمالية قدرها 21.1 %، وفق إحصاءات رسمية في العام 2008، بحسب وحدة التنمية في المحافظة.

كما أن الواقع يقول أكثر من ذلك، حيث يعاني السكان في أغلب المناطق من توسع الفقر وتعمقه إلى درجة باتت معها الطبقة الوسطى في المحافظة مهددة بالتلاشي.

وتشكل البطالة بين الشباب والمتعلمين من الجنسين في المحافظة نسبة مرتفعة، وتعد من أسباب زيادة ظاهرة الفقر، والتي قدرت وفق دائرة الإحصاءات العامة للعام 2011، بنحو 17.5 %.

كما تعد الطفيلة المحافظة الثالثة من حيث نسبة الفقر في المملكة؛ بحسب دراسة أجرتها وزارة التخطيط والتعاون الدولي، حيث سجلت في العام 2004 نسبة تقدر بـ10.6 %، وارتفعت هذه النسبة إلى 19.1 % العام 2008.

وهكذا لم يكن غريبا على الراحل العوران، وسط هذه الحالة القاتمة التي تعيشها المحافظة، أن يكون صوتها المنافح عن قضاياها والمطالب بتحقيق العدالة لها، خاصة أنه يحمل حساسية وطنية مضاعفة تتعاظم كلما تعاظم الغبن واشتد السواد.

الغد


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة