الأحد 2024-12-15 13:37 م

العاصفة كشفت عيوبنا

06:05 م

مشكلتنا في غياب الهدف الوطني وخربطة الأولويات
كشف المنخفضان الجويان (السوري والتركي) عيوبنا في عمّان والمحافظات وضعف استعداد بنيتنا التحتية واستعداد الأمانة والبلديات وغياب حكومتنا، الأمر الذى أدى بجلالة الملك عبدالله الثاني إلى الإيعاز للقوات المسلحة الأردنية وقوات الدرك والأمن العام للتدخل وإنقاذ الموقف والتخفيف على المواطنين في أنحاء المملكة كافة. فماذا سيكون حالنا لو لم يوعز جلالته للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية بالتدخل؟

منذ يوم الأربعاء لم نر وزيرا في الميدان ، غير تفقد وزير المياه للسدود ومثلها زيارة لوزيرالنقل إلى دائرة الأصارد الجوية ، أما وزير الأشغال فكان في زيارة إلى السلطة الفلسطينية، في حين زار رئيس الوزراء مديريات الدفاع المدني والأمن العام والدرك ومركز طوارئ أمانة عمّان مُطّلِعًا خلالها على استعداداتها للتعامل مع الظروف الجوية السائدة في المملكة، ولم يفت دولة الرئيس القول إن ' الاستعداد المسبق والتخطيط السليم اللذين انتهجتهما الأجهزة المعنية مكناها من التعامل بكل كفاءة ومسؤولية وحس وطني عال مع الظروف الجوية' ، وهي عبارة حكم عليها الأردنيون وعرفوا معنى الاستعداد والتخطيط والكفاءة والمسؤولية.
لحسن الحظ ؛ فإن اداء الاعلام الرسمي من اذاعة وتلفزيون ووكالة بترا وكذلك قناة رؤيا وبعض الصحف الالكترونية قد كان مشرفا وعوض الغياب الميداني للحكومة وكذلك ظهور زميلنا وزير الدولة لشؤون الاعلام سميح المعايطة المتواصل على وسائل الاعلام كان له أثر جيد.
ما شاهدنا في العاصفة يبين أن تقارير الأمانة والبلديات والوزارات والمؤسسات الرسمية المعنية بالاستعداد لموسم الشتاء ما هي الا جزء من الديكور الوظيفي وإبعاد الشبهات، أما الحقيقة فإننا عاجزون وعَجْزُنا يزداد سنة بعد أخرى.
نعرف أن العاصفة التي ضربتنا أكبر من إمكاناتنا وتوقعاتنا ولم يشهدها بلدنا منذ عشرات السنين، فكميات الأمطار التي هطلت بتواصل لم تكن فقط مفاجئة ، بل كانت ضخمة وليست لدينا بنية تحتية مهيأة لاستيعابها، ولا توجد دولة في العالم يمكن ان تخطط وتدفع عشرات الملايين من أجل استيعاب 'شتوة ضخمة' تأتي مرة كل عشرين أو ثلاثين سنة، لكن ذلك لا يُعفي من المسؤولية، لأن الأصل أن يدوم التجديد والتطوير في كل البنى التحتية ومع ذلك فإن الكوادر البشرية رغم قلة الامكانيات قامت بدور يستحق التقدير.
لكن لا عذر ولا مبرر على الاطلاق لاغلاق الطرق وانقطاع التيار الكهربائي في مناطق من المملكة ، خاصة الجنوب الذي تحول إلى منطقة منكوبة بكل معنى الكلمة بعد الشتاء الغزير والثلوج الكثيفة ، ولم يجد أهله إلا القوات المسلحة والدرك يصلون إليهم.
لكن أين أخطاؤنا في العاصمة ؟ أين وقعت عيوبنا ؟
الأول : أننا في الأردن نعمل ضد الطبيعة، فقد سقفنا سيل عمّان وحولناه إلى شارع وهو مجرى واد طبيعي، وكذلك ألغينا مشروع سد عبدون المقرر منذ أيام أحمد فوزي( من موقع السفارة الأمريكية حتى شركة الدخان ) وذلك بعد ارتفاع أسعار الأراضي وبتأثير من أصحابها، وهو سد لو أقيم لحسن البيئة المحيطة ومنع الأضرار في المناطق المنخفضة وخاصة وسط البلد وعين غزال.
الثاني: ان الادارة في امانة عمان بدأت تتردى منذ اكثر من سنوات لاسباب عديدة الامر الذي اكتشفناه الان ان جزءا كبيرا من الخبرات الميدانية تم الاستغناء عنها او احالتها للتقاعد، ولم يكن هناك بدائل حقيقية، وكذلك فان الامانة ارتكبت خطاء جسيم بانها لم تجر التنظيف السنوي لمجاري تصريف الامطار الامر الذي جعل المصارف تفشل في استيعاب المياه من اللحظات الاولى لسقوط الامطار.
الثالث : مشكلة محطة عين غزال انها قديمة وصممت منذ زمن من دون ان يكون هناك تحديث او توسيع لاستيعاب مياه المجاري التي تزداد كمياتها سنة بعد اخرى.
اما الحديث عن عيوب في عمليات التصميم او التنفيذ في الجسور والطرق والانفاق والمباني، فانها لا تحتاج الى كميات هائلة من الامطار والثلوج لاكتشافها، ولا شك انها موجودة في بعض المشروعات،وهي قضية تتحملها الاجهزة الرقابية في الدولة .
بكل وضوح مشكلتنا في غياب الهدف الوطني وخربطة الالويات، فاولويتنا ليست توسيع حدود امانة عمان او البلديات من اجل ارضاء اصحاب الاراضي وسماسرتها ، لكن اولويتنا الوطنية هي تقديم الخدمات للاردنيين وادامتها وتحسينها.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة