السبت 2024-09-21 17:14 م

العفو العام

07:49 ص
يتنبأ قارئ عزيزٌ لهذا الزاوية، أنّ عدداً غير قليلٍ من الذي سيُخرجهم العفو العامُ من السجن؛ سيعودون إليه في أسرع مما نتصّور. بعضهم سيعود خلال أسبوع على حدّ توقعه. ولهذا فهو يتمنّى أن تضاف المدة التي أعفوا منها إلى الأحكام الجديدة التي ستصدر بحقهم؛ كي يدركوا أنهم أهدروا فرصة لم يغتنموها.

ويقترح قارئ كريم آخر أن أكتبَ مطالباً في (تبييض السجون). أي أن يخرج كل المساجين على الإطلاق. فالعفو العام، كما يراه هو، كان يعرف بهذا الاسم قديماً. وأن العادلة والمنطق يفرضان أن يكون شاملاً عاما، دون أية استثناءات أو حالات خاصة. 
أول أمس ثار لغط كبير حول التوسّع المثير الذي أقرّه مجلس النواب على صيغة قانون العفو العام. فقد راه البعض تفريطاً في حق الدولة في معاقبة الجناة واحقاق الردع العام والخاص بالعقوبة القانونية. وهذا التفريط لن يخلق إلا استهانة في حقوق الناس، وسيجعل الجرأة كبيرة على اقتراف الذنوب والمخالفات في قابل الأيام.
في الوقت نفسه علينا ألا ننسى ذات اللغط الذي ثار على القانون الذي اقرته الحكومة، فهو كان منقوصاً غير مكتمل ضيقاً من وجهة نظر الكثير أيضا. وهنا وقعنا في التباس غريب: هل القانون فضفاض؟ وسيشكل إعاقة في تقدم حياتنا؟ أم أنه ضيق وسيشكل اعاقة حركة أيضا. 
وسنتذكر أن المجتمعات المتقدمة لا يوجد في قاموسها ما يسمى بالعفو العام. العقوبة جزء لا يُنزل عنه في الحياة، تشكل الردع والعبرة. وهي ثمن يجب ألا تفرط به الدولة التي تنظر إلى مصلحة الناس العليا.
كان على الحكومة أن ترفق مع قانون العفو العام برنامجاً لتشغيل وتمكين الخارجين من سجونهم، كي لا نجعل بعضهم يتمنّى العودة إليها؛ لأن أسوار المجتمع أعلى من أسوار السجن.
وأرى أن يصاحب العفو العام عفوٌ من الناس. تببيض صفحات. فليس عادلا أن تسامح الدولة ونحن نقابح. ففي العادة نحن لا نناسب سجيناً، ولا نتاجر معه، ولا نشغله أو نوظفه. بل نغلق الأبواب في وجهه. مع أنه دفع ثمن أخطائه. امنحوه فرصة تبييض صفحاته؛ عله يكتب حياة تحتفي بالخير والحق والجمال.
gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة