يتزامن الاحتفال العالمي بالشفافية ومكافحة الفساد هذا العام، مع الذكرى الخامسة لانطلاقة الشرارة الأولى لثورات 'الربيع العربي'، والتي كان عنوانها الرئيس الفساد قبل الاستبداد. لكن وفق نتائج تقرير الشفافية العالمي الأخير، يبدو أن كل شيء في العالم العربي يتغير إلا الفساد الذي يُرحّل من نظام إلى آخر، ومن نخبة سياسية إلى أخرى، وحتى من جيل إلى آخر.
خلال خمس سنوات صعبة ومريرة، جرت مياه كثيرة من فوق العرب ومن تحتهم، وتغيرت أشياء كثيرة أيضا؛ نظم سياسية وتحالفات، كما ضربت عقائد سياسية وأيديولوجيات وصعدت أخرى، فيما ما يزال العرب يتربعون على قمة الدول الأكثر فسادا في العالم. إذ توجد أربع دول عربية بين أكثر عشر دول فسادا في العالم للعام 2015، هي: ليبيا والعراق والسودان والصومال. بينما لم تتجاوز حاجز الخمسين نقطة على مقياس الفساد العالمي سوى دولة عربية واحدة.
تدل الوقائع الماثلة اليوم أن المنطقة العربية أكثر مناطق العالم فسادا، وفق التعريف الرسمي الذي تتبناه الأمم المتحدة، والذي يشير إلى ممارسات الرشوة وفساد العقود الحكومية وتلقي أموال بطرق غير مشروعة، وغياب العدالة وتكافؤ الفرص.
هذا الفساد المؤسس، وفي طبقات عميقة من الحياة العامة في هذا الجزء من العالم، يجعل المنطقة بمثابة الجزيرة الأكبر للاستبداد في العالم، والمحمية بالفساد قبل أي شيء آخر. كما يجعلها أكبر منطقة في العالم تزدحم بالعاطلين عن العمل، وأكبر منطقة في العالم مصدرة للهجرة واللاجئين. وهي كذلك أكبر منطقة في العالم تظلم فيها النساء. وبالمحصلة، أصبحت المنطقة العربية أسوأ مكان للعيش في العالم، لا لسبب أكثر من فعل الفساد والاستبداد.
في بلد مثل العراق، ينعم بموارد طبيعية هائلة، وبثراء كبير بالموارد البشرية الكفؤة، يعيق الفساد السياسي والمالي والإداري كل شيء. ويبدو أن الفساد هو البطل الحقيقي لكل سنوات الفوضى والاضطراب التي حصدت أرواح مئات الآلاف من العراقيين. وتشير التقارير العراقية الرسمية إلى أن ترليون دولار هربت من العراق خلال سنوات حكم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. بينما تشير تقارير لجنة النزاهة في البرلمان العراقي إلى أن هناك 130 مسؤولا عراقيا في حكومة المالكي متورطون بقضايا فساد وهدر للمال العام، بما يقدر بنحو 350 مليار دولار. الفساد المغلف بأيديولوجيا الانتقام والدين، جعل من نوري المالكي من بائع سبح -كما يقال- إلى أغنى رجل في المشرق العربي.
وتستمر التناقضات العربية في حجم الهدر، بما جعل بلدا آخر مثل السودان غني بموارده الطبيعية، مهددا بالإفلاس وحاضرا على رأس قوائم بلدان الفساد. وهو الأمر ذاته الذي يجعل رئيس جمعية مكافحة الفساد في مصر يحاكم بعد إدانته بطلب رشوة في بلد تُهدر فيه سنويا خمسة مليارات دولار بفعل الفساد.
علينا أن نتصور لو أن نصف الأموال التي أهدرت بالفساد خلال آخر عشر سنوات في العالم العربي وجهت للشباب العربي من أجل العمل ومكافحة البطالة والإبداع؛ تصوروا لو أن بعضا من الأموال العامة التي هربها العرب إلى الخارج استثمرت في التعليم، أو وظفت من أجل مستقبل النساء، هل كانت لتتغير الحياة في هذا الجزء من العالم؟
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو