الخميس 2024-12-12 10:49 ص

الملك «يفرد» خارطة طريق

08:11 ص

أطل علينا مخاطباً ليتلو نص المرحلة ويؤشر الى خارطة طريق تجعل مسيرة الاصلاح اكثر وضوحاً وتمنع القراءات المنحرفة أو المرتجلة أو التي في نفس اصحابها مرض أو الذين يريدون استغلال رخاوة المرحلة لفرض اجنداتهم واستمرار تهميش الاخرين..قالها بوضوح «أنا للجميع» في صيغة «نحن» الملكية المعروفة للرد على الذين يعتقدون بغير ذلك ممن يستشعرون المزايدة أو المناقصة، الاستقواء او التهميش..

هذا زمن التغيير فلا ثوابت الا الثوابت الوطنية ولا تعظيم الا للمصلحة العليا التي تتجاوز امتيازات أي طرف أو اعتقاده ان زوال الحال من المحال..
الملك يعاود وضع النقاط على الحروف لمن يريد ان يقرأ بوضوح..فلا يدخل في تنازع مع أحد فهو فوق الانقسام والاختلاف ولا يريد لجملة الاصلاح أن تندغم في سواها أو أن تتحول الى رطانة أو تصبح غير قابلة للصرف كما حاولت اطراف ان تفعل ذلك بوسائل مختلفة وحتى بدوافع مختلفة..
زميلنا رمضان الرواشدة في أسئلته التي طرحها على الملك في لقاء التلفزيون الأردني غطى مساحات واسعة استلزمتها الاجابات وكان الحصاد من الاجوبة «أننا سنجتاز المرحلة بهمة وعزيمة شعبنا التي لن ينال منها المشككون او المحرضون او راكبوا الموجات العابرة..والخط العريض والعنوان البارز في الاصلاح هو «الوصول الى حكومات برلمانية» وهذه هي رحلة الالف ميل التي علينا أن نبدأها لنصل والملك «مع الحراك» وهو يعرفه ويميز الاصيل من المفتعل منه والجوهري من الطاريء وهو يدعمه ولا يستعدي عليه ويراه حقاً ونتاجاً طبيعياً لمرحلة في المنطقة والاقليم والتاريخ..
وحتى لا نغرق في الشعارات الهشة فإن الديمقراطية كما يؤكد الملك وكما يعلم الديموقراطيون تحتاج الى «ثقافة ديموقراطية تؤمن بالتعددية واحترام الاخر» وهي ليست اردية يعبر علينا بها من يؤمن بالعنصرية ولا يقبل الآخر أو يتخذها وسيلة ابتزاز واستقواء وموسم قطف مكاسب..فالمواطن هو الذي يعاني ولم يفوض معاناته لاحد يسمسر عليها لانه في بلد كالأردن فإن صوت المعاناة مسموع ونداءات المعاناة لا تتجاوز سمع الملك وبصره وقد راينا ذلك..
أما عن قانون الانتخابات الذي اجازه الملك ورده للتعديل عليه وأشار الى مواقع الخلل فيه فإن ذلك يأتي لاستجابته لمطالب الكثيرين من أبناء شعبه فقد ثبت ان ما تم انجازه من القانون قد أصابه وهن وثغرات وضعف كان يجب التنبه اليه قبل اقراره ولكن الحس بالعدالة وهو ما يتمتع به قائد الوطن الذي يؤمن أن «العدل اساس الحكم» اشار الى ضرورة التغيير في عدد مقاعد القائمة الوطنية التي يسمح زيادة العدد فيها بتطوير الحياة الحزبية ويوسع لمشاركة أفضل ويفتح اطارات التهميش التي تستشعرها اطراف شريكة حان وقت انصافها من أجل وضع كل الأكتاف الى جانب بعضها البعض لحمل المسؤولية ومجابهة التحديات في مرحلة هي الأكثر خطورة..
بعض الذين تأخذهم العزة بالاثم أو يتنافخون حين يستشعرون الخطر على مصالحهم يعتقدون ان الحل هو بالهراوة او القمع او التخويف فيأتي عليهم الرد من الملك الذي «يعرف القوة بانها القدرة على التفاهم والحوار والعفو والتسامح وليس بالقدرة على القمع والانغلاق» وهذا ما عكسه اسلوب الامن الناعم الذي وجه الملك اليه الاجهزة ومنعها ان تخرج منه أو عليه لان هناك فرق بين من يريد حمل شعبه الى التغيير والى أفق أرحب من الحياة وبين من يقتل شعبه ويقود كل من يحتج الى السجون والاحكام البشعة...
ولأنه يشخص من موقع من يستشعر معاناة شعبه فإنه يجد للكثير منهم عذراً حين يعلل «غياب الثقة في قدرة المؤسسات الرسمية على رعاية مصالح الناس بأنها أحد أسباب دوافع الحراك»..
والملك يرى ان في التأخير ضرر وفي التبكير فوائد وان «التعديل على القانون يجب ان يتم راسا الاسبوع القادم» وهو يرى ان العلاج لكثير من التسيب السلوكي والانفلات الامني ووقف الامتيازات والتمييز غير المبرر واختلال كفة العدالة لان العدالة تعيد انتاج الواقع الظالم والمختل لصالح الامن وسيادة القانون وهيبة الدولة..فهيبة الدولة ليست نشيداً ولا أغنية ولا مرسوماً من الطواريء أو افتعال تحمير العيون او دق طبول القمع او حشد العساكر او اظهار الغضب كما يعتقد السذج والمستعجلون ومن يريدون تغطية عيوبهم ونزعاتهم «وانما هيبة الدولة هي في سيادة القانون وحفظ حقوق المواطنين وصون حرياتهم وكرامتهم» وهذه كانت في اجابة دولة الرئيس فايز الطراونة على أحد الاسئلة له عن كيفية استرجاع هيبة الدولة..!!
ولأنه الملك فإنه لا يُميز ولا يستعدي ولا يهمش ويرى «ان كل الاحزاب المرخصة وطنية وهي جزء من مكونات المجتمع الاردني»..هم ابناؤنا واخواننا..الملك الذي قرأ علينا خريطة طريق قال ان قانون الانتخاب يتطور بالتوازي مع تطور الاحزاب وختم بأن الهاشميين من قبل ومن بعد ليسوا طلاب سلطة وانما سلطتهم تقوم من الشرعية وتتسلح الشرعية التي هي عنده رضى المواطن حين قال..نحن للجميع..!


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة