الخميس 2024-12-12 10:49 ص

المنولوجيا

06:05 م

أنس محمد الطراونه - الصراع الذي يخوضه الإنسان مابينه وبين ذاته هو من أشرس الصراعات ويأتيك من يقول أنا أفهم الناس وأنا صاحب فراسه وأفهم تحديداً هذا الإنسان .. بالنسبة لي صدقـاً أنّ الإنسان صعب أن يتم فهمه بسبب تقلباته حسب مستوى الصراع الداخلي ومعاناته الخارجية ...


حتى في فهم الذكر للأنثى أو الأنثى للذكر هناك حدود للوصول لفهم بعضهم ,ما لم يستطع أحدهما فهم الآخر بشكل كلي وهذا شبه مستحيل ,فلكل منهم كيانه الخاص وطفولته ومعاناته وصراعه حتى العِشرة الطويلة ومدة العلاقه لاتـؤدي للتفاهم الكلي ولولا ذلك لما سمعنا يوماً بــ انتكـاس العلاقات ...

ولو نظرنا بتعمق داخلياً لأنفُسِنا الى من كانوا أو مازالوا يهُمنا شأنهم ويُهمُهم شأنُنا لكانت النظره الأولى اتجاه سلبيات بعضنا البعض ,نتجاهل وندوس بجهلنا أو بقصدِنا على كل ما مرَ في رحلتنا من جمال وخير وحق ووجدان فنفتح جبهة نُفرغ من خلالِها الإحساس بصعوبة معاناتنا وشراسة معاركنا حتى مع أنفسنا ...

...تبقى تفاصيل مجهولة لايعرفها حتى الإنسان عن ذاته وهي أساس الصراع المنولوجي ,فـالمال والبيئة الخلابه والوعي الزائد ومعرفة العلوم وقراءة الأفكار كل هذه الأدوات التي نمتلكها أحياناً تكون غير كافيه لاستيعـاب أحداث بسيطه مُفاجئه غير متوقعه كـ ظهور رائحة عطر ما لأنفك, أو لحن موسيقي مؤثر لأُذنيك, أو تمعُن عينيك للغيوم والقمر ومن هُنا ينتج عن ذلك أساس الصراع المنولوجي وهـو (المزاجيـه) التي أُعاني منها...

وللشعر نصيب الأسد من المنولوجيا, فحينما نذهب بعدسة المجهر على الشعراء المتميزون سنجد أن أغلبيتهم في العالم يحلمون بأن يكونوا بسطاء حياتياً ونصياً , ليس الشعر عمارة هندسية أو منظمومة فكرية،أو حكم قيمة , الشعرليس قاضياً ولا متهماً يدافع عن نفسه في ضجّة هذا العالم ,الشعر فطرة صلبة، وأسئلة لا تكف عن النزيف، سلسلة من الخسارات والأنتصارات، والشاعر رئة يتنفس منها العالم هواءاً نقياً، ضرع سمين يشرب العالم حليبه الكامل الدسم والشك،الشـعر يقضّ مضاجع الملوك، وعلى أيقاعه يرقص العبيد متوهمين بحريتهم.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة