الأحد 2024-12-15 12:37 م

النقل .. واقع مرير

02:40 م

قطاع النقل في المملكة احد ابرز القطاعات المهملة رسميا خلال السنوات الماضية، ولم يحظ باي نصيب من الاهتمام كما حصل في القطاعات الاخرى.

الترهل الحاصل في القطاع ساهم سلبا على حركة النقل العام في المملكة، وبتنا نشاهد تبعثرا هائلا في مكوانته المشغلة له، ما بين باصات النقل العام والخاص ومركبات التكسي والسرفيس وغيرها من وسائط النقل التي للاسف لم تضف اي خدمة نوعية جديدة للمواطن ولم تتطور منذ سنين.
اشكال العبثية في قطاع النقل العام تتمثل في اوجه عدة لا يمكن حصرها، لكن باستطاعة اي مواطن تلمسها عند فقط مروره باي طريق، ليكتشف سريعا اي فجوة نعيشها في قطاع النقل بالاردن مقارنة مع دول الجوار فقط وليس الدول الغربية.
فلا يوجد اي وسيلة نقل عام او خاص تلتزم بمواعيد معينة لنقل الركاب، وهذه ابسط قواعد تطوير النقل «الالتزام بمواعيد محددة»، وللاسف لا احد يلتزم من المشغلين في النقل بمكان معين ومحدد للاصطفاف يعرفه الركاب ويتوجهون اليه، فسائق التكسي والحافلة مستعد اتم الاستعداد للتنقل يمينا ويسارا في الطريق حسب رؤيته لاي راكب يلوح له بيده، بغض النظر عن قواعد المرور.
حتى سلوك السائقين مازال لا يتماشى مع الجهود المبذولة في الترويج السياحي، وكان النقل ليس له علاقة في الترويج السياحي في المملكة، علما ان احد اركانه الرئيسية، وهذا ما نشاهده في البلاد المجاورة والغربية والتي يتنقل السائح في جولته السياحية بوسائل نقل في غاية من الروعة ليس بمفهومها الحديث، وانما بنظافتها والتزامها بالمواعيد وانضباطها واريحيتها في التنقل.
حتى موضوع الزي الموحد الذي حاولت الحكومة ان تلزم السائقين بلبسه في فترات عمله لم تنجح في ذلك علما ان السائق في الدول الاخرى في غاية من الاناقة والباس الرسمي الذي لا تستطيع ان تفرق بينه وبين مدير الشركة، ففي النهاية هذه ثقافة مجتمعية تحترم كافة المهن.
وللاسف الدولة لم تشجع القطاع الخاص على استملاك وسائل نقل لموظفيه لتقليل حركة السيارات التي ملأت شوارع المملكة وتسببت بالازمات والتلوث، فهناك عقبات مالية واجرائية على الشركات التي تحاول ان توفر مثل هذه الوسائل لموظفيها.
والحكومة بعيدة في تخطيط المدن والاماكن التجارية عن قطاع النقل، فعلى سبيل المثال اذا مررت بشارع المدينة المنورة، والذي يحتضن اكبر مجموعة مطاعم شعبية وسياحية في المملكة، فان المواطن والزائر لا يجد موقف سيارات واحد على الاقل في تلك المنطقة المزدحمة، مما يدلل على غياب التخطيط السليم في تنمية المنشات السياحية في المملكة.
حتى عندما حاولت الجهات الرسمية ابتكار وسائل نقل جديدة خرجت علينا بفكرة الباص السريع، ورغم ان الفكرة رائدة الا ان الية تطبيقها فاشلة بكل المقاييس مما انعكس على تجميد المشروع الذي استنزف من الخزينة ما يزيد عن 160 مليون يورو كانت الحكومة الفرنسية قدمتها قرضا للمملكة لهذا المشروع.
اهمال النقل على النحو السابق يزيد من التشوه الحاصل في التنمية الاقتصادية، ويؤثر سلبا على قطاعات مهمة مثل السياحة والاستثمار، ويزيد من اعباء فاتورة الطاقة والتلوث، وهو ما يكلف الخزينة الكثير من الاعباء المالية التي لا تقوى على تحملها، فمتى ياترى سنسمع ونشاهد خطة حكومية لانتشال هذا القطاع من النفق المظلم الذي يعيشه الان.
gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة