على امتداد اكثر من نصف قرن ونحن نتعامل مع مجتمعاتنا بمنطق “الاستعلاء” والاستهتار، ومع شبابنا بمنطق “الاهمال” ومع صوت الناس وصراخهم بمنطق “الردع”، وبوسع عالمنا العربي اليوم ان يصحو على عصر جديد انتهت فيه كل هذه الاعتبارات والادوات، وسقط فيه المنطق القديم، وبوسع الحكومات العربية اذا أرادت ان تفهم - بوسعها ان ترصد حراك هؤلاء الشباب : من اين خرجوا، ولماذا غضبوا، ما هي حساباتهم في الربح والخسارة، وما هي طموحاتهم وحاجاتهم، كيف كسروا حواجز الخوف، وكيف تجاوزوا “عقدة” النخب؟
لو فعلت ذلك الآن؛ لتغيرت كثير من المطالبات والهتافات، وتحول عنوان “التغيير” من دفة “الحذف” الى دفة “تحسين الاداء” ومن زاوية “الكراهية” الى زاوية البحث عن سلوك افضل.
من يستمع الى الشباب – خاصة خارج العاصمة- يدرك ان ثمة تحولات عميقة وجذرية طرأت على شخصياتهم وإعادتهم الى التمسك مجددا بالقيم الايجابية التي كدنا – في السنوات الماضية- نفتقدها فيهم، وسنكون مخطئين حقا اذا لم نقرأ بوضوح هذه التحولات وندرجها في سياقاتها الطبيعية ونسمح لها بالتعبير عن نفسها بكل حرية.
السؤال: كيف نتعامل اليوم مع هؤلاء الشباب؟ وكيف نتفهم مطالبهم واحلامهم ونستجيب لها؟ وحده، مشروع الاصلاح الحقيقي هو من يضمن الاجابة عن ذلك، فالطاقة الهائلة التي تفجرت فجأة لدى الشباب تحتاج الى مشروع يصرفها عبر قنوات مشروعة الى ميادين الامل والعمل معا، واذا لم ننجح في تطمين هؤلاء على جدية المشروع فان ثمة قنوات اخرى ستستوعب هذه الطاقة وتسمح لها بالمرور ولنا – حينئذ- ان نتوقع ما سوف يحدث اذا اغلقنا ابواب الحلال السياسي والاجتماعي وكررنا تجارب سابقة وبائسة لم تر في هؤلاء الشباب سوى ظاهرة عددية تتسلى بالرياضة والطرب .
بصراحة انا معجب بقدرة شبابنا على استعادة شخصياتهم الانسانية والوطنية واتفهم –ايضا- انتفاضة الوعي الجديد التي فاجأونا بها، ولكنني اخشى ان نخطىء في التعامل معهم فندفعهم بالتالي الى تصريف حماستهم المشروعة عبر قنوات غير مشروعة، او الى تيئيسهم من الاصلاح والتغيير فيخرجون عندئذ اسوأ ما فيهم من عنف وانفعال بدل ان يقدموا لنا افضل ما لديهم من عطاء وعمل.
ثمة من يحاول استيعاب الشباب واستثمار طاقاتهم في مجالات وميادين تصبّ في خدمة اعداء الاصلاح وثمة من يريد تشكيل وعي مضاد لقولبة هؤلاء الشباب في أطر وهياكل تجاوزها الزمن لتحقيق اهداف لا علاقة لها بمصالح البلد، ناهيك عن قيمه ومبادئه وثمة من يشعر بالفزع من صدى اصوات الشباب على الانترنت وفي الشارع .
لدينا اليوم جيل جديد تحرر من عقدنا التي ابتلعها فيما مضى، جيل استلهم من العالم كل ما فيه من قيم العدالة والحرية والديمقراطية وقرر ان يستعيد حضوره الانساني والوطني مهما كان الثمن ومن واجبنا ان ننتبه لذلك وان نتعامل معه بمنطق الفهم والاستجابة لا بمنطق الاستهتار والاهمال .
ازداد كل يوم قناعة بان لدى شبابنا الاردني طاقة هائلة من الوعي يمكن ان نستثمرها –اذا اردنا- في انتاج معجزة تجعل بلدنا في مصاف الدول المتقدمة.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو