الأحد 2024-12-15 22:58 م

حادثة البحر الميت

09:18 ص

تحولت حادثة وفاة طفل ووالدته الاسبوع الماضي بسبب تسمم مفترض من وجبة طعام في فندق بالبحر الميت الى منصة للهجوم على الفنادق وعلى السياحة قبل حتى أن تظهر نتائج التحقيق بالقضية.

لا شك أن الحادثة المأساوية أثارت ولا تزال تعاطفا كبيرا من قبل المواطنين الذين عبروا بأشد عبارات الحزن من موت الطفل لكنها في ذات الوقت فجرت سخطا غير مبرر لم يستثن أي من المنشآت السياحية وفي عز موسم سياحي يفترض أنه بدأ يستقطب أجانب وعرب.
لم تثر الحادثة شهية الحزن فحسب بل جرّت في إثرها قصصا عن حوادث تسمم مماثلة في ذات المكان وفي غيره , وهي حوادث كانت ستكون عادية لو أنها وقعت في بيت الأسرة , نتيجة سوء تخزين الطعام أو لفساده لاي سبب كان لولا أنها وقعت في فندق معروف , ومثل كرة الثلج سرعان ما أصبحت قضية رأي عام تحول فيها الجمهور الى قضاة فصلوا فيها وأصدروا الحكم , وأحالوا المتهم الى التنفيذ , فماذا قد ينفع التصحيح لو أن المتهم كان بريئا؟.
ربما يكون عدم حسم نتائج التحقيق التي لما تظهر بعد قد وفر غذاء أكثر من كاف لحماس الجمهور الغاضب , وفي مثل هذه القضية التي يعرف المحقق أنها ستصبح قضية رأي عام لا محالة كان لا بد من تسريع ظهور الحقيقة .
يظهر كم التعليقات الهائل المتدفق مثل سيل جارف عبر وسائط التواصل الاجتماعي , مجتمعا يتعجل العقاب والادانة فها هم الاردنيون ينتظرون نتائج التحقيقات وتقارير الطب الشرعي كما ظهر في عنوان بارز في موقع الكتروني , وها هو . مفوض حقوق الانسان يبدأ إتصالاته لأن صحة المواطن من حقوقه الانسانية وكاد أن يقول أنها من صحة الحكومة , وفي موقع أخر يستبق النتنائج ويسرد أسرار الحادثة كما هي في تقارير الطب الشرعي التي تخفيها الحكومة , .
لا أحد يلتقط أنفاسه للحظة ظهور نتنائج التحقيق , وقد قلنا سابقا ونحن نناقش قضايا تفجرت في الأردن في مرحلة إتهام الدولة بالفساد , أن ضبط هياج الرأي العام لا يتم الا بتسريع النتائج في التحقيقات لمصلحة المتهم والقضية , فما كان يحصل هو أن السيف دائما كان يسبق العذل كما في المثل المشهور .
نتعاطف بشدة مع ضحايا الحادثة , ونطالب بأشد العقوبات لو ثبتت التهمة على المسبب , لكننا في ذات الوقت سنحتاج الى حكمة الصبر , لأن ما سينفقه المتهم لتبييض صفحته سيكون ثمينا وكبيرا.
gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة