الأحد 2024-12-15 12:07 م

حالة توتر وترقب تسبق تعديلات قانونية تخطط 'لإخضاع' الصحافة الإلكترونية

01:32 ص

الوكيل - اغلاق ملف الصداع الذي تسببه الصحافة الإلكترونية الأردنية لمؤسسات وأصحاب القرار كان دوما من الخطوات الأساسية التي يعتقد رئيس الوزراء فايز الطراونة انها ستساهم في 'إطالة عمر' حكومته، خصوصا بعدما فشل رؤساء سابقون في تخطي هذه المسألة الملحة بالنسبة لأوساط القرار الرسمي التي تميل بدورها أحيانا للمبالغة في تحميل صحافة الشبكة مسؤولية 'تردي' الحياة العامة.


والطراونة بهذا المعنى تجرأ وخاض التجربة وقرر تحمل المسؤولية التي هرب منها أسلافه فأشرف شخصيا على إصدار تعديلات قانونية جديدة على قانون المطبوعات أثارت مبكرا وكما هو متوقع عاصفة من الجدل بعدما اتهمت الحكومة بأنها تسعى لضرب حريات الصحافة.

والتعديلات الجديدة كما فهمت 'القدس العربي' مباشرة من وزير الاتصال سميح المعايطة شملت عدة نقاط جوهرية من شأنها تنظيم عمل الصحف الإلكترونية وزيادة جرعة المهنية فيها ووقف الانتهاكات حسب الحكومة ومن شأنها تقليص الحريات ومراقبتها بعد الدور الذي لعبته المواقع في تغذية وتفعيل الحراك الوطني حسب قطاعات إعلامية متعددة. ووضعت التعديلات الطازجة المثيرة للجدل قيودا من طراز خاص ستغير شكل وهوية خارطة الصحافة الإلكترونية في البلاد لو قيض لهذه التعديلات أن ترى النور، حيث تجبر الصحيفة الإلكترونية على التسجيل في سجل حكومي خاص وبشكل الهدف منه إنهاء ظاهرة الأشباح التي تدير بعض المواقع الإلكترونية ولا يمكن ملاحقتها قضائيا بسبب عدم وجود سجلات.

كما نصت التعديلات على اعتبار التعليقات المنشورة من القراء جزءا من النص الصحافي ويتحمل الناشر مسؤوليتها وفقا للقانون وتحدثت عن تسمية رئيس تحرير محدد للصحيفة الإلكترونية أو الموقع الاخباري أسوة بالصحف الورقية وعن تقليص فترة التقاضي في شكاوى الانتهاكات التي تقوم بها الصحف الإلكترونية إلى أربعة أشهر.

التعديل الأهم والأكثر تأثيرا هو تطبيق قانون المطبوعات والنشر المختص بالصحف الورقية على المواقع الإلكترونية مما يعني ببساطة شديدة إحياء دور 'رقيب المطبوعات' التقليدي ورصد العشرات من القضايا المسجلة ضد صحافة المواقع مستقبلا.

والتعديل الخامس الذي يتصور خبراء أنه سيساهم في تشويه سمعة البلاد بالخارج فيتعلق بمنح إدارة المطبوعات الأردنية الحق في حجب المواقع الإلكترونية 'غير الأردنية' في حال مخالفتها لقانون المطبوعات الأردني وهو إجراء يمكن اعتباره الحلقة الوحيدة التي لم تجد صديقا أو متفهما في إجراءات الحكومة لانها تنطوي فعلا على 'تكميم الأفواه' وتعود بالبلاد إلى مرحلة غادرها تماما العصر الحديث في قصة حجب المواقع.

بالنسبة للوزير المعايطة حجب المواقع ليس ضمن سياسة الحكومة الأردنية وهو إجراء لا يتعلق بوجود شكوى محددة وقد يقتصر على حالات نادرة عند الضرورة لكن التعديلات برمتها سترسل بصفة رسمية وقد تكون مستعجلة للبرلمان قريبا حتى يقرر مصيرها.

داخل هيئة البرلمان الأجواء مناسبة جدا لانقضاض الأعضاء لصالح أي فكرة تفرض قيودا على صحافة المواقع التي لم تبقِ لها صديقا في الواقع والتي يعتبرها البرلمانيون من أسباب تشويه سمعتهم وسمعة السلطة التشريعية.

وبسبب وجود 'ثارات شخصية' بين الكثير من أعضاء البرلمان وبين عدد من ِالمواقع غير المهنية التي تؤطر الشخصنة يتوقع أن يتحمس النواب لقيود الحكومة الجديدة التي لا يمكن أن يكون هدفها الرئيسي ضبط العمل وتعزيز المهنية بقدر ما هو اتباع سياسة متحفظة جديدا لتقليص تأثير صحف الشبكة على الرأي العام خصوصا وان الوسط الصحافي يعلم مسبقا بأن المواقع الأكثر ممارسة للانتهاكات والتجاوزات محدودة جدا ومحصورة في الصنف الذي تدعمه السلطات من وراء الكواليس.

لكن بكل الأحوال لا يبدو أن جسم المواقع الإلكترونية مستعد لتقبل هذه التعديلات بدون ضجيج، فنقابة الصحافيين عقدت اجتماعا أمس الخميس إلى جانب تنظيم اعتصام يحذر الحكومة من المساس بحريات الصحافة، فيما قرعت صحف المواقع طبول الحرب حتى يتسنى لها الاستعداد لمعركة جديدة مع الحكومة عنوانها الأعرض السعي لتطويع صحافة الشبكة وإخضاعها وفي وقت متأخر جدا.

القدس العربي


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة