الأحد 2024-12-15 13:37 م

حكاية بطيخة بغداد

07:26 ص

بمناسبة البطيخ هالأيام ..وأنت وحظّك..:
ما زلتُ أذكر قبل أكثر من عشر سنوات ؛ حينما كان الفجر موعداً لذهابي كلّ يوم من قريتي (الكرامة) في الغور إلى جبل عمّان حيث كان عملي في (المركز الأردني للإعلام) هذا المرحوم المأسوف على شبابه ..!



نعم ما زلتُ أذكر ..أمّا الذي أذكره فأشياء كثيرة ..بهدلتي في المواصلات و الشعبطة ..راتبي من وزارة الأشغال التي انتدبتني للمركز لا يتجاوز الـ 150 ديناراً ..فاتح دار طولاً بعرض ..كانت عائلتي أربعة أفراد و الخامس على الطريق ..وكنتُ بطلوع الروح أتدبر أمر مواصلاتي اليومية إلى عمّان ..!


بغداد ؛ ابنتي ..ورفيقتي في كلّ مكان في القرية حينها ؛ لم تتجاوز الثلاث سنوات ..تلحّ عليّ ( بدّي تيخة / يعني بدي بطيخة) ..في وقت لا وجود للبطيخ فيه ..فقط رأتها في التلفزيون على (طيور الجنّة) ..! وأنا أضحك وأصبرها لموسم البطيخ ..!


وما زلتُ أذكر حين قالت لي ليلاً : شافت تيخة / بطيخة ..في محل أبو ماهر تاع الخضرة ..وأصرّت اصراراً عجيباً على صدق قولها ..وأنا أضحك وأحاول تهدئتها بأن الأمر مستحيل فبيننا وبين البطيخ أسابيع وأيّام طويلة ..ولكنها أصرّت و أخذت تبكي بكاءً مُرّاً..


وما زلتُ أذكر كيف إني وعدتها إنني سآخذها في الصباح إلى محل أبو ماهر وإن كانت (التيخة) موجودة فسأشتريها ..رغم أن ما أملكه في تلك اللحظة خمسة دنانير و ثمانين قرشاً بالكاد تكفيني ذهاباً و إياباً ولا يفيض إلا القليل ..لكنني واثق من أن ابنتي بغداد موهومة و سأذهب لعملي رغم أنني سأصل متأخراً..!


ما زلتُ أذكر كيف ألحّت عليّ صباحاً بالخروج لمحل الخضرة وأنا أقول لها : لسا المحل ما فتح ..وما زلتُ أذكر كيف وقفتُ معها أمام المحل بانتظار أن يفتح ..وما زلتُ أذكر حين صُعقتُ برؤية البطيخة عن جد ..وكيف ركضت بغداد عليها تحاول حملها ولا تستطيع ..! وكيف دفعتُ ثمنها خمسة دنانير بعد المفاصلة ..وكيف عطّلتُ ذلك اليوم ..والأهم من ذلك كلّه : طلعت (التيخة ) بيضا بيضا مثل الحليب ..!


وما زلتُ أذكر ..أن حظنّا مثل (تيخة بغداد) كلّما دفعنا الغالي والنفيس ضاع غالينا و نفيسنا في هواء الأمنيات..!


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة