الإثنين 2024-12-16 02:59 ص

خطاب العرش جرأة ووضوح , فمن يتلقف ؟

06:19 ص

يمكن رصد الكثير من الدلالات الاصلاحية في خطاب العرش السامي , من تطور نظام الحكم والملكية الى ضرورة تعديل الدستور بما يختص بالمحكمة الدستورية ومحكمة امن الدولة , وكذلك تم رصد ردود افعال الجمهور على هذه الدلالات الاصلاحية بحجم الترحيب التي قوبلت بها .

وحدها الاشارة الى موضوعة اللاجئين السوريين ومتانة الدولة في التعاطي مع هذا الملف بثبات ومنهجية راسخة والاستجابة لتطورات الملف بخصوص اللاجئين قوبلت بترحيب حار من اعضاء مجلس الامة بغرفتيه النواب والاعيان ومن جمهور الشرفات الممثل لكل اطياف المجتمع الاردني والوانه السياسية .
الاردن بجيرته المُلتهبة نجح في تخطي السنوات الثلاث الاصعب حسب وصف رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور , وحمل خطاب العرش كل التطمينات اللازمة بخصوص الملفات الداخلية والمسار الاصلاحي كثورة بيضاء ينشدها الملك استجابة لتطلعات الشعب الاردني , وهذه مفردة يتلجلج عند نطقها ألسنة معظم الاقليم ولكنها خرجت بانسيابية مدهشة على لسان الملك الذي يقود قاطرة الاصلاح ويدعمها بكل ما يلزمها من وقود ثوري واتون اجتماعي .
ورغم ان “ لو” تفتح باب الشيطان , لكن , لولا التدفق الهائل من اللاجئين السوريين لنجح الاردن في رسم واقعه الجديد وتخطّي الكثير من العوائق الاقتصادية بعد تذليل الكثير من الموانع وإذابة الكثير من الشوائب التي علقت بأعصاب الاقتصاد الحساسة واخطرها فاتورة النفط ودعم السلعة على حساب دعم المواطن .
فما انجزته حكومة الدكتور النسور بجرأة غير مسبوقة على هذا الملف كان سيظهر انعكاسه الايجابي على سيرورة الحياة الاقتصادية للمواطن الاردني رغم الملاحظات الكثيرة في الاستعجال ببعض القرارات , ومع ذلك ضغط الاردنيون على انفسهم بعد استشعار مخاطر كلفة اللاجئين السوريين على اعصابهم الحساسة في الاقتصاد والبنية التحتية ولذا بادر الحضور الى الترحيب الحار بإشارة الملك لهذا الملف الحساس في خطاب العرش السامي .
العين الملكية لم تغفل قراءة باقي المشهد الداخلي فجاءت اشارة انتظار مخرجات لجنة النزاهة الوطنية لتمنح المواطن الاردني تطمينا اضافيا على مواجهة هذه الآفة بحسم ودون افتراء وكذلك اشارة انتظار مخرجات لجنة مراجعة الخصخصة , وهذه هي الملفات الاصعب والاخطر على مستقبل الاقتصاد الاردني ومستقبل ثقة المواطن بالاجراءات الرسمية , فتلك الملفات تحمل الكثير من الاسئلة الصائبة والمُضللة ونتائج اللجنتين ستزيلان اللبس وتغلقان ابواب التشكيك .
طريق الاصلاح بات واضحا ومرسوما حسب احتياجات اللحظة الوطنية ومستقبل الاجيال القادمة , وهو بحاجة الى بيئة اجتماعية وسياسية قابلة للتطور والارتقاء التشريعي والمَسلكي من الجمهور , فقوانين الاحزاب والانتخابات بحاجة الى مراجعة وكذلك سلوك الاحزاب والبرلمان بحاجة الى اكثر من مراجعة قبيل الدخول الى بوابة الحكومات البرلمانية , التي تفترض وجود حكومتين وليس حكومة واحدة , الاولى في السلطة التنفيذية والثانية حكومة ظل , اي تنافس وصراع بين برنامجين ومشروعين واكثر من حل للمشكلة القائمة .
الاصلاح ليس فقط قرار رسمي , بل استجابة موضوعية للقرار الرسمي , وتوفير حواضن سياسية واجتماعية للقرار , وهذا ما اشار اليه الملك بوضوح وجلاء عندما ربط بين التطور السياسي والاجتماعي واستجابة الحُكم لهذا التطور , وكأن الملك يقول الكرة في ملعب المجتمع الاردني وباقي اطيافه ومكوناته .
خطاب العرش كشف بوضوح عن معنى التدرج في الاصلاح وكيف ان الملك ضامن لكل خطوة اصلاحية وما تتطلبه من اشتراطات موضوعية ووطنية , وكشف بجلاء ان الارادة السياسية منعقدة على ولوج المستقبل بأدوات تتلاءم والبيئة الاردنية ولا تخضع لاشتراطات الاقليم او لأصحاب الصوت الغوغائي .


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة