الإثنين 2024-11-11 13:50 م

سؤال الغارمات الكبير

07:49 ص
 ليس على وقع قرض البنك الدولي الجديد. ولا على خبر نصف المليون دينار تخصصها الحكومة لسداد ديون الغارمات. بل على مما يفرضه واقع الحال؛ سنتذكر مثلاً بدوياً عظيماً: (الدينُ هِداد، وسداده وِلاد).

نحن نكون في أشجع حالتنا؛ حينما نأخذ قرضاً، واقعين تحت هيمنة المبدأ السيء: (إن كان دين حُط رطلين). لكن المعاناة بعد طيران السكرة، وحلول استحقاق السداد. فالدين ليس إلا بسهولة ومرح التزاوج، وسداده لا يتم إلا بمخاضات وآلام توازي عملية الولادة.
ولكني وقبل طرح سؤال الغارمات أحيي الجهود العربية والمحلية الخيرية التي سعت للتخفيف عن سيدات وقعن في براثن الدين.
لدينا عشرات القصص لسيدات أخذن قرضا بسيطاً وأقمن مشروعاً ازدهر بالجهد والمثابرة. وسنتذكر أكبر عملية عالمية مزدهرة تمثلت في بنك الفقراء (غرامين) لمطلقها البروفسور محمد يونس في بنغلادش، وقد نال عليها جائزة نوبل 2006.
وهنا ينبري واخز السؤال: لماذا غرمت غارماتنا؟ وكيف ولماذا تعثرن في السداد؟ لماذا لم ينجحن؟ وهل يعقل أن تكون هذه النسبة غير المعقولة للفشل في مشاريع من المفترض أنها مضمونة تعتمد على الجهد، ولا مجال لفشلها، إلا إن أراد صاحبها هذا. 
أقول وأمري إلى الله، أن كثيراً من القروض أخذت بغير تفكير، ولا دراسة، ولا بحث، ولا تخطيط. بل أخذت على سبيل الانتفاع الفوري بالمبلغ. فهؤلاء السيدات وجدن شركات تمنح قروضا ميسرة، وعلى سبيل إقامة مشروع وهمي، صرفت المبالغ في ترف يومي. يتمثل في شراء سيارة، أو غسالة، أو جلاية، أو رحلة لشرم الشيخ وتركيا، أو تغيير الهواتف الخلوية وتبديل اثاث البيت.
حينما تمنح قرضا لشخص بسيط، دون أن تعاونه على دراسة المشروع ودون تدريب على الحسابات والأعمال الدفترية، ودون ربطه بمؤسسات تسويق. فكأنك تقدم له حبلاً يجره إلى السجن والفشل، وهو ما كان بكل أسف.
وسيقول قائل: إذا كانت مشاريعنا الكبرى متعثرة. فهل تريد ألا تتعثر الصغيرة. نعم أريدها ألا تتعثر. لأننا تابعنا كثيراً من النساء اللواتي بدأن بعنزة واحدة، أو ماكنة خياط، أو بغرفة صغيرة لتصنيع مأكولات شعبية؛ وازدهرت أعمالهن. والسبب المشترك بينهن، كان الجهد المبذول والجدية والإصرار والنية على سداد الدين.
أنا حزين من أجل الغارمات. ولكن لنعترف أولاً أن هذه النتيجة بفعل أياديهن، وبغياب التفكير الصحيح، وانعدام نوايا السداد، لحظة أخذ القرض. ولهذا أطالب بفرض رقابة على الشركات التي تقدم مثل تلك القروض، مع ربطها بمؤسسات تعنى بدراسة الجدوى والتخطيط. والأهم أن يصار إلى إقرار قانون لا يجيز الحبس في حالة تعثر سداد القرض الشخصي.
gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة