الخميس 2024-12-12 10:49 ص

صحيفة "القبس": مفاوضات لتسليح الأردن لمواجهة "الأخطار السورية"

01:23 ص

الوكيل- بعيداً عن الغزو الاسرائيلي للبنان وحرب الفوكلاند، شُغلت الحكومة البريطانية بخطر تقدم القوات الايرانية في اتجاه البصرة وتهديدها لدول في الخليج العربي، وأطلق «جرس انذار» في لندن والعواصم الغربية والخليجية، وأعاد بعض القطع البحرية الحربية الى المنطقة، لتشارك في الدفاع عنها في وجه اخطار قلب النظام العراقي، وإقامة نظام موال لايران في بغداد.


حفلت وثائق، افرج عنها الارشيف الوطني في نهاية العام الماضي، بتقارير عن حرب العراق – ايران، ومبيعات الأسلحة الى الطرفين العراقي والايراني، ومفاوضات لتسليح الاردن خلال الأخطار التي ستمثلها سوريا عليه مستقبلا (...) اضافة الى عقد صفقة ضخمة لتسليح السعودية.

ما لفت الانظار في وثائق السنة 1982 التي تضمنها ارشيف رئيسة الوزراء مارغريت تاتشر غياب ملفات، او منع نشرها، عما جرى بعد خروج منظمة التحرير الفلسطينية في 30 اغسطس 1982 وبإشراف قوة فرنسية – أميركية، كانت وصلت الى بيروت قبل نحو اسبوع، ومن ثم مجزرة صبرا وشاتيلا التي وقعت في السادس عشر من سبتمبر، بعد يومين على اغتيال بشير الجميل، قبل ان يتسلم الرئاسة رسمياً في 21 سبتمبر.

آثار حرب الخليج

واختارت القبس بعض ما جاء في تقارير رُفعت الى السيدة تاتشر او مراسلات معها، ومن بينها تقرير عن اجتماع لجنة الاستخبارات المشتركة في 10 داوننغ ستريت في 21 مايو 1982 لتقويم آثار الحرب، والتقدم الايراني على المصالح البريطانية ومنابع النفط في الخليج.

وابدت تاتشر، وفي ملاحظات مكتوبة الى وزير الدولة للشؤون الخارجية دوغلاس هيرد، قلقها من تطورات الحرب العراقية – الايرانية، وانعكاساتها على المنطقة، خصوصاً بعدما نجح الايرانيون بطرد القوات العراقية الغازية من جنوب كازاختان الايرانية واستعداداتهم للهجوم على خرومشهر التي كان احتلها العراق، وفتحت له الطريق الى التقدم داخل ايران بعد تحطيم ما سمي «خط ماجينو البشري» فيها.

وكان العراقيون ابدوا اصراراً بشرياً وعسكرياً ومقاومة كبيرة لمنع سقوط هذا «اللسان» ثانية في ايدي الايرانيين، خصوصا انه يفتح لهم الطريق لاقتحام البصرة ومن ثم احتلال آبار النفط فيها، وحرمان العراق من رئة التنفس من خلالها والوصول الى مياه الخليج الدافئة.

في الوقت نفسه كان العراقيون يتحدثون عن الصلح، بسبب كلفة الحرب الكبيرة والخسائر التي تحملوها، وفي وقت كانت اسعار النفط في الحضيض، بينما كانت ايران ايضا تريد وقف الحرب بعد خسائر بشرية ضخمة، وتحرير ارضها التي احتلها العراقيون مطلع الحرب، لكن شروطها لاطاحة صدام والحصول على تعويضات عن اضرار الحرب جعلت بغداد مستميتة لمنع طهران من تحقيق ما تريد.

أكثر ما خشيته لندن، وفق الوثيقة، انه بعد وصول القوات الايرانية الى بعد اميال من البصرة، ان تحرك انصارها من الشيعة في العراق للثورة ضد صدام، وقلب نظام الحكم، مما يهدد الاستقرار في دول خليجية، وتوازن امدادات النفط واسعاره، اذا استطاعت ايران والعراق توحيد موقفيهما في حال تناسق سياسي بين العاصمتين.

كما ظهر تقويم في الوثيقة لمواقف دول الخليج، اذ انها خشيت من ذيول سقوط صدام.

وعكست هذه الخشية اتصالات المصريين والاردنيين مع لندن لحضها على التصرف مع الولايات المتحدة، ومنع الايرانيين من السيطرة على العراق.

وكانت دول الخليج ساعدت العراق مالياً خلال الحرب، ودعمته اقتصادياً وفتحت مرافئها امام وارداته من الغذاء والمؤن والاسلحة، كما زودته بصواريخ وقطع غيار واسلحة ثقيلة اشترتها لحسابه للقضاء على «نظام الملالي» في ايران التي رات انه يمثل خطراً آنياً ومستقبلياً عليها، بسبب خلافات عقائدية وطموحات لاعادة تأسيس الامبراطورية الفارسية.

ولاحظ التقرير ان القوات العراقية، او صدام تحديداً، لا تنقصه الاموال او الأسلحة للصمود في وجه ايران، لكن بعد حرب طويلة وتصفية قيادات عسكرية بسبب عدم القدرة على تنفيذ الاوامر الكاملة لصدام واهدافه، بدأ القادة الكبار يتذمرون من ان الحرب بدأت ضد ايران من دون الاعداد لحرب طويلة قد تدوم سنوات، ومن دون بناء احتياط عسكري ومادي وتأمين وقوف العراقيين باكملهم مع قيادتهم ضد ايران.

ووفق الوثيقة لا تملك الولايات المتحدة اي تاثير في القيادة الايرانية، بل هي على عداء كبير معها منذ بداية الثورة الاسلامية، وتعتبرها طهران «الشيطان الأكبر».

واشار التقويم الى ان الولايات المتحدة لا تعرف ماذا تفعل لوقف التقدم الايراني في العراق، او بعده الى دول خليجية تتهمها ايران بالعداء وتمويل آلة الحرب العراقية.

وجرى تداول أفكار لاقناع العرب المعتدلين، وحتى الرئيس السوري حافظ الآسد للتدخل مع طهران لجس نبضها في شان وقف الحرب بعد تحرير اراضيها، خصوصاً ان بريطانيا ومعها الغرب، لا يستطيعون تحمُّل انعكاسات سيطرة ايران على احتياطي واسع من النفط الخليجي، ومن ثم قدرة ايران للتأثير في اسعار النفط المستقبلية.

وكان الأسد يلعب دور الوسيط العربي الوحيد القادر على نقل رسائل من الغرب الى النظام الايراني، وفي الوقت نفسه كانت لاسرائيل علاقات مع بعض الضباط الايرانيين الكبار كانت بنتها في زمن الشاه، ولم تنقطع بسبب مصالح مشتركة، من بينها مصالح تجارة قطع غيار للاسلحة الايرانية غربية الصنع، أمّنها لنظام الملالي تجار اسرائيليون من الاسواق السوداء تحت نظر الاستخبارات الاسرائيلية.

.. انتظار للتوازن

ونوقشت في الاجتماع فكرة الانتظار ليصبح هناك توازن في القوة العسكرية بين الطرفين، ومن بين ذلك ان تحتل ايران اراضي عراقية في الجنوب، مقابل بقاء قوات عراقية في الاراضي الايرانية في الشمال.

وتم تبني اقتراح بان تصدر 10 دول اوروبية نداء لوقف اطلاق النار مع عرض باستضافة مفاوضات بين بغداد وطهران تعقد في عاصمة اوروبية محايدة، لبدء التوصل الى سحب القوات الى الحدود الدولية والوصول الى تسويات في شأن القضايا المعقدة مع وعود للجانبين بالمساعدة في اعادة اعمار البلدين وتطوير مصادر النفط وفق معايير حديثة.

ونبّه التقرير الى ضرورة تجنّب تحويل الصراع الى ما بين ايران والدول الخليجية المعتدلة، على رغم الخلاف الطائفي بين الجانبين.

وشدد على اهمية الا يسارع الاميركيون الى عرض قوة لتأمين الدفاع عن دول الخليج، كي لا يسارع الاتحاد السوفيتي الى منح الايرانيين الدعم، مما قد يحول الموقف الى أزمة دولية.

وشدد التقرير على ان التعاون السوري مع ايران ليس عقائديا، بل كراهية في صدام، كما الشيء نفسه بالنسبة الى ليبيا، التي أمّنت للايرانيين صواريخ بعيدة المدى لضرب الاراضي العراقية نكاية في صدام.

دمشق وبغداد

ونبّه التقرير الى ان نظام الأسد لا يفضل اقامة نظام اسلامي في العراق يماثل النظام الاسلامي في ايران، وإن كل ما يريده عدم الاستقرار في بغداد او نظام بعثي يتعاون معهم لفرض أمر واقع على الدول المجاورة والامساك بأوراق افضل.

واستبعد التقرير ان يتحالف النظامان في دمشق وبغداد ضد الدول العربية المعتدلة في الخليج (..) وقال «علينا الا ندفع سوريا الى التحالف مع ايران» (..).

موسكو الحائرة

وفي تقويم لموقف السوفيت قال ان موسكو حائرة مثل الغرب، ولا تريد خسارة بغداد الحليف التاريخي الذي اصبح يميل الى الغرب، كما انها لا ترتاح الى النظام الاسلامي في ايران الذي قد يؤثر لاحقاً في ميول الجمهوريات الاسلامية.

ولاحظ ان التعاون الصناعي بين ايران والسوفيت نما خلال الحرب، وان طهران قد تستعين بخبراء سوفيت لاعادة احياء مشاريع نووية طموحة، كان الشاه قد بدأها قبل اسقاطه بالتعاون مع الغرب. لكن تقويم الاستخبارات البريطانية اعطى علامات تحدثت عن ان انتصار ايران على العراق لن يزيد العلاقات السوفيتية - الايرانية رسوخاً، خصوصا مع الشكوك الايرانية في ان موسكو لا تزال تدعم حزب «تودة» الشيوعي في طهران الذي بدا يجمع اليساريين المعادين للثورة.

وخلص التقرير الى وجوب دفع الامم المتحدة وحركة عدم الانحياز ومنظمة العالم الاسلامي الى حفز وساطاتها، لانهاء الحرب في اسرع وقت ممكن، بما يضمن سحاباً متبادلاً عراقياً - ايرانياً الى الحدود الدولية المعترف بها في اتفاقية الجزائر بين صدام والشاه، ومن ثم البدء في مفاوضات تشرف عليها الامم المتحدة حول خسائر الحرب والاضرار الناتجة عنها.

وتحدث التقرير عن أهمية مناقشة رسالة من الملك حسين عن الشأن الايراني وقضايا الشرق الاوسط، ارسلها الى الرئيس رونالد ريغان ونسخة منها الى تاتشر قبل التداول في شأنها مع الأميركيين والرد عليها.-(القبس)


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة