الخميس 2024-12-12 18:27 م

"ضربني وبكى .. سبقني واشتكى"

11:52 ص

الوكيل - «ضربني وبكى سبقني واشتكى» هذا المثل المعروف والمتداول بيننا منذ عشرات السنين بات ينطبق على مئات المواطنين الذين حبسوا أو أوقفوا استنادا الى تقارير طبية أولية مفتعلة قدمت للقضاء ولمخافر الشرطة تتهم بارتكاب جرائم لم يقدموا على فعلها، واللافت أن هذه التقارير تستخدم غالبا فيما يعرف بقضايا «الايذاء»، والتي شكلت في مجموعها بحسب إحصائيات وزارة العدل قرابة (55 ألف مشاجرة) خلال عامين وتسعة شهور، لكن للآن تغيب الإحصاءات الرسمية عن عدد التقارير المفتعلة التي قادت إلى سجن أبرياء أجبرتهم عن التنازل عن حقوقهم القانونية.
إبراهيم إسماعيل (33 عاما) واحد ممن امتهنوا في السابق افتعال التقارير الطبية بهدف تصفية الحسابات مع الآخرين، ويقول «بدأت بضرب نفسي منذ كان عمري 16 عاما من أجل تحصيل حقوقي وتصفية حساباتي مع عدة أشخاص كانوا يريدون الحاق الضرر بي».
اسماعيل يروي «لكاتب التحقيق» أنه كان يلجأ لمثل هذا الأسلوب في كثير من الأحيان عندما يتشاجر مع آخرين يقومون بتحريك دعوى قضائية ضده «كنت ألجأ لضرب نفسي بآلة حادة واحضار تقرير طبي لحبس الطرف الآخر أو من أجل اسقاط حقه الشخصي عني اذا كان مشتكيا لأي قضية اخرى».
ويضيف «الموضوع كان عندي سهلاً جداً فقد كنت ألجأ لمثل هذا الأسلوب عندما يحاول شخص الحاق الضرر بي او مضايقتي»، ويشير «كنت اقوم بضرب نفسي بآلة حادة ضربة سطحية على رأس صدري او بجانب رقبتي كي اشتكي عليه و«أصفي» حسابي معه».
ويوضح اسماعيل «كنت لا أبالي بأي شخص يشتكي علي لأني اعرف المفتاح الذي يحميني وهو احضار تقرير طبي وتخويف الطرف الثاني من الحبس والمسؤولية القانونية في القضية وانهائها بالتراضي».
ويؤكد اسماعيل -أنه غادر مثل هذه الأعمال وهو يروي تجربته بهدف خدمة المصلحة العامة وكشف حقيقة الممارسة الخاطئة-ويقول «إن هنالك الكثير من الأشخاص الذين أعرفهم يلجأون لهذه الطريقة بإحضار تقارير طبية مفتعلة لتصفية حساباتهم أو عند الشكوى عليهم لتكون (شكوى بشكوى) أو بهدف الربح المالي ومنهم من امتهن لكسب المال او للهروب من شكوى بحقه وقد تسبب اسلوبي بظلم بعض الأبرياء».
المواطن فادي العطاري من محافظة الزرقاء منطقة الرشيد يقول «حدثت بيني وبين شباب من منطقتي نفسها مشادة كلامية دون اي اشتباك بالايدي إثر خلاف شخصي، وبعد مرور يومين على المشادة، تفاجأت برجال شرطة أمام باب بيتي يطلبون مني مرافقتهم إلى مركز أمن الحسين التابع لمنطقتي لوجود شكوى علي».
يكمل العطاري «ذهبت معهم إلى المركز واخبروني بوجود شكوى بالإيذاء البليغ بسبب تقدم شخص بشكوى ضدي» ويضيف «تعرفت على اسمه في المركز ويبدو أنه قام بإيذاء نفسه بآلة حادة «موس» في ظهره وأحضر تقريرا طبيا واشتكى علي لحبسي». ويؤكد العطاري ان «هذا الشخص لم اره اثناء المشكلة التي حصلت مع أبناء منطقتي لكنه افتعل ذلك بتحريض منهم».
ويشير العطاري «المشتكي من أصحاب الاسباقيات ضرب نفسه وسجنني بتحريض من الشباب الذين حدثت بيني وبينهم مشادة كلامية حتى أسجن انتقاما مني وللإساءة إلى سمعتي».
يكمل العطاري «إني مذنب زوراً وحبست ظلماً وسجل علي قيد أمني لغاية هذا اليوم»، ويؤكد العطاري «كانت تجربتي قاسية في هذا الموضوع وأنا أناشد الجهات المعنية بوضع حلول حول موضوع التقارير الطبية الكيدية التي سجن وظلم على أثرها العديد من المواطنين دون ذنب».

أسباب واهية
وغالبا ما يكون سبب الخلاف بسيطا لكنه مع ذلك قد يقود إلى شكوى كيدية وتقاض قد يستمر لأسابيع أو أشهر، ويقول مواطن رفض ذكر اسمه «كنت في أحد اسواق عمان وعلى أثر اصطفاف سيارتي وسيارة أخرى حدثت مشادة كلامية بيني وبين سائق السيارة وغادرت المكان».
يتابع المواطن «بعد مرور شهر تقريباً تلقيت اتصالا من المركز الأمني التابع لمنطقتي وطلبوا مني مراجعة المركز على الفور فذهبت لمعرفة موضوع استدعائي وعند وصولي اخبروني بوجود شكوى بتهمة الإيذاء».
ويقول «اخبرني رجال الأمن بمكان الشكوى واسم المشتكي الذي لا اعرف اسمه والذي احضر (تقرير طبي) بأنه تعرض لضرب مبرح مني على ادعائه».
يكمل «بعد أخذ اقوالي واقتناع رئيس المركز بإفادتي اخبروني بأنه لكون المشتكي قام بإحضار تقرير طبي يجب توقيفي بالحبس وتحويلي للمحكمة، ويتابع للأسف تم توقيفي ليوم في «نظارة» المركز وفي صباح اليوم التالي تم تحويلي للمحكمة».
ويقول المواطن «بعد تحويلي للقضاء وسماع اقوالي اقتنع القاضي ببراءتي لكنه لم يستطع إخلاء سبيلي لوجود تقرير طبي للطرف الثاني وتم توقيفي وتحويلي للسجن».
يكمل «تم اخلاء سبيلي بعد اسبوعين تقريباً لكن معاناتي لم تنته لأن جلسات القضية استمرت ما يقارب خمسة شهور ما سبب لي تعبا وإرهاقا ومصاريف مالية». ويقول «وبعد التعب النفسي ثبتت براءتي عند القاضي وأغلق ملف القضية».
يتابع «اناشد الجهات المعنية بايجاد لجنة متخصصة من الأمن العام وبالتنسيق مع وزارة الصحة للتأكد من مثل هذه الشكاوى الكيدية التي تسبب الظلم للعديد من المواطنين».

الغاية تبرر الوسيلة
غير أن هناك من يعتبر التقارير الطبية «الكاذبة» طريقة لتحصيل الحقوق المالية من أصحاب عمل رفضوا تأديتها، اذ يعتبر البعض تحصيل الحق المالي بهذه الطريقة أسهل بكثير من اللجوء الى القضاء والانتظار لشهور للحصول عليه، وهو ما اقر به المواطن (ف.ك 24 عاما) يقول «عملت في أحد المحلات التجارية في عمان لمدة خمسة أشهر ولم أتمكن من تحصيل أجوري حتى أحضرت تقريرا بالاعتداء علي».
ويوضح أنه «قام أحد أقاربي بضربي على فمي وأنفي وشعر سني فنزل الدم من أنفي وذهبنا إلى مستشفى البشير وأحضرت (تقريرا طبيا) وذهبت إلى المركز الأمني التابع لمنطقتي وتقدمت بالشكوى عليه».
ويشير إلى أنه «بعد ذلك بيوم تم استدعاؤه إلى المركز الأمني وتوقيفه وتحويله إلى المحكمة وقام القاضي بتوقيفه 14 يوما وتحويله إلى السجن». ويتابع المواطن (ف.ك) «اتصل بي أخوه لكي أسقط حقي الشخصي عنه مقابل تسديد أجوري واسقاطي لحق الادعاء الشخصي فوافقت».
علي حسين الصلاحات (30 عاما) يعمل ممرضا في أحد المستشفيات الخاصة يقول «أثناء عودتي من المنزل قبل شهر تقريباً تفاجأت بسيارة مسرعة تريد التجاوز عني، وبعد أن فتحت لسائقها المجال للمرور قام بشتمي وأشار لي بالوقوف لكني رفضت».
يكمل «فكرت بالهروب من الشاب الطائش الذي يلاحقني ويشتمني فبدأ يرمي زجاجات الخمر باتجاه سيارتي حتى شارع الأردن».
ويؤكد الصلاحات «قمت بالاتصال مع عمليات الشرطة على (191) وطلبت منهم التدخل وشرحت لهم تفاصيل ما يحدث لي، وأخبرني الرجل المتخصص بالاتصال بسيارة «النجدة»، وقام الشاب المخمور -حسب قول علي- بتعريض سيارته والمكالمة سارية، بعد ذلك اضطررت للوقوف التام وخرج من سيارته وفتح الصندوق».
يتابع الصلاحات «رجل الأمن لايزال على اتصال معي وقال لي لا تخرج من سيارتك، وعاكست السير من أجل الهروب منه لكنه لحق بي فتوقفت وبدأ العراك بيننا».
ويؤكد الصلاحات «أصبت بكدمات على وجهي إثر الاشتباك فذهبت إلى أقرب دورية شرطة وكانت في منطقة الجبيهة ورافقتني إلى مكان الحادث لكن الشاب كان لاذ بالفرار».
يكمل علي «بعد مرور خمسة أيام كان أخي يقود سيارتي، أوقفته الشرطة وأخبرته بأن السيارة مطلوبة ويجب عليه ملاحقتهم إلى المركز لمعرفة الطلب، وعند الوصول على الفور قامت الشرطه بحجزه في النظارة وعند وصولي وانا لا أعلم ما هو سبب التعميم على سيارتي وعند وصولي تم حجزي مع اخي الذي لم يكن متواجدا معي أثناء الحادث وكان في عمله ولديه أربعة شهود».
يتابع «تم حجزي لمدة يوم أنا وأخي في النظارة وفي اليوم التالي تم تحويلنا إلى المحكمة وأخبرت القاضي بأن أخي لم يكن متواجدا لكن المشتكي أحضر (تقريرا طبيا) وافاد بانه كان برفقته ستة أشخاص، وطلبت من القاضي حجزي وتكفيل اخي لكنه أصر على توقيفنا لمدة 14 يوما في مركز إصلاح وتأهيل البلقاء، وبعد مرور أسبوع تم تكفيلنا من الأهل بكفالة مالية». ويشير إلى أن « القضية لاتزال منظورة امام القضاء».
ويؤكد الصلاحات «لو كنت أعلم أن وجود التقرير الطبي سيضمن لي حقي لذهبت في اليوم نفسه وأحضرته واشتكيت، لكني تعلمت درسا مفاده بأنه في حال وقوع مشاجرة عليك قبل كل شيء إحضار تقرير طبي حتى تضمن حقك الشخصي في القضاء».
ويشير الصلاحات «يجب ان يكون هناك حق للمشتكى عليه لأن اخي تم سجنه ظلما ولديه شهود بأنه كان متواجدا معهم يوم حدوث المشاجرة» مطالبا «بتفاعل أكبر من رجال الأمن المتخصصين بتلقي مكالمات شكاوى طارئة، بالتدخل فورا».

مهام مقيدة
ويقول الدكتور قيس القسوس المدير العام للمركز الوطني للطب الشرعي «هناك أشخاص كثيرون يتظلمون من موضوع التقارير الطبية الكيدية ضدهم من أشخاص عظموا إصابتهم بناء على ادعائهم وقت الشكوى».
ويضيف القسوس «المشتكى عليهم يطلبون إنهاء القضايا من خلال الطب الشرعي بالإشارة الى أن الشفاء التام اكتمل علما أن الحالة لا تكون قد شفيت في مرحلة المعاينة، وهو ما نرفض الخضوع له».
ويؤكد القسوس إن «دور الطب الشرعي هو بيان الحقيقة وعلى المدعي العام أو القاضي النظر بالقضية وتكفيلها لأن دورنا فني يتمثل في تقييم الحالة وتقديمها إلى الجهة القضائية المعنية». ويوضح أنه لا يشير إلى أن «الاصابة مفتعلة او حقيقية إلا اذا طلب القاضي بيان طبيعة الحالة بأنها مفتعلة ام لا».
ويضيف القسوس «لا يوجد لنا دور بتعظيم الإصابات او تبسيطها لتظهر على غير حقيقتها إن كان ذلك لغايات إيذاء أو ترهيب الطرف الآخر أو لغايات الصلح وإنهاء القضية».
ويبين القسوس «إن الهدف من بعض التقارير الطبية تكييفها أمام الادعاء العام وبيان مدة التعطيل التي يكتبها الطبيب الشرعي». ويوضح أنها تقسم إلى ثلاثة أقسام، الأول :من صفر- عشرة أيام وتسقط القضية بسقوط الحق الشخصي، والثانية: تتراوح من 10-21 يوما ولا يسقط الحق العام بسقوط الحق الشخصي، والثالثة: تكون أكثر من 21 يوماً وتحول من محكمة الصلح إلى البداية وعلى هذا الأساس يبدأ التوسط لزيادة او نقصان المدة لصالح المشتكي أو المشتكى عليه».
ويؤكد القسوس «إن الطبيب الشرعي قادر على اكتشاف وتشخيص الإصابات الافتعالية».
الدكتور منذر لطفي استشاري الطب الشرعي في المركز الوطني للطب الشرعي يقول «هنالك مشكلة في تناول التقارير الطبية والمشكلة قديمة وقامت مديرية الامن العام العام الماضي بفكرة للحل من خلال دعوة مندوبين من المجلس القضائي وهم: القاضي د.حسن العبدلات والقاضي سماح مبيضين ومندوبو وأطباء وزارة الصحة وكبار ضباط الأمن العام وتم الاجتماع في مديرية إقليم العاصمة.
ويذكر لطفي أنه شارك «في ندوات أخرى وقام الأطباء الشرعيون باستضافة ضباط من الأمن العام وقضاة لإيجاد حلول للتقارير الطبية واستخداماتها الكيدية واوصينا بإعادة النظر بالتوقيف والتشريع القانوني الذي ينص بالتوقيف الأولي عند إحضار التقرير الطبي».
ويشير أنه «تم طرح فكرة الاستعانة بالطب الشرعي من خلال التصديق على كل تقرير طبي يصل إلى المراكز الأمنية».
ويؤكد لطفي أنه «لا يستطيع أي طبيب أن يمتنع عن إدخال أي شخص للمستشفى للمراقبة يدعي آلاما في الرأس، الدوخة، الغثيان (...)».
ويفيد أنه «ليس لدى الطبيب الحق بتجاوز الدستور الطبي ومخالفة ضميره المهني حتى لو كانت إمكانية اصابة الشخص لا تتجاوز 1%».
ويتفق لطفي بأن «بعض التقارير التي تصدر في العديد من الحالات خالية من المصداقية لكنها ليست صلب المشكلة بل لابد من اعادة الاجراءات القانونية المصاحبة للمشاجرات وخصوصاً التوقيف».
ويشير لطفي «اذا كان هناك تقصير في الطب الشرعي يجب وقفه وإعادة دراسته بما يمنع الناس من التوجه إلى المستشفيات والحصول على تقارير طبية كيدية».
الدكتور أحمد بني هاني استشاري الطب الشرعي في المركز الوطني للطب الشرعي يقول «بالنسبة للإصابات المفتعلة يتم توجيه أسئلة لنا من ضباط الشرطة ومن بعض القضاة والمدعين العامين، لكن من حق اي شخص الحصول على تقرير طبي لأن الطبيب يكتب التقرير الطبي حسب وصف الحالة والإصابات او الادعاء».
ويؤكد بني هاني «إن الطبيب يلتزم بالطلب من قبل المدعي العام حسب المطلوب وفي حال ثارت شكوك لدى مدعي عام او قاض فإنه يطلب بيان الاصابة اذا كانت مفتعلة او لا، وعلى الطبيب الإجابة حسب الطلب، ولا يستطيع الطبيب التدخل ببيان الاصابة ما لم يطلب منه تبيانها» ويقول: «بعض الحالات أكتشف أنها مفتعلة اذا طلب مني ذلك».
ويرى بني هاني الحل «بأنه يتمثل في أنه لو شك المحقق بأن المشتكي افتعل اصابة فبإمكانه إرساله للطب الشرعي وبيان ان كانت الإصابة مفتعلة» ويشدد على أنه «لا أستطيع التدخل بشرح الاصابات ما لم يطلب مني».
ويؤكد بني هاني «إن المركز الوطني للطب الشرعي بكادر عمله وإمكانياته الفنية والعلمية يستطيع كشف الاصابات المفتعلة بنسبة 95%».

قانونيون
لجوء الأطباء إلى إصدار تقارير طبية لكل من راجعهم في قضية تؤرق القضاة، ويدعو القضاة «أطباء القطاعين العام والخاص إلى عدم اصدار تقارير طبية في الحالات البسيطة».
ويقترح قضاة رفضوا ذكر أسمائهم «انه من بين الحلول للتقارير الكيدية أن تلجأ المراكز الأمنية إلى تثبيت وقت الشكوى ووقت التقرير الطبي حتى يتبين لنا فرق وقوع المشاجرة بين المشتكي والمشتكى عليه».
ويدعون إلى «تخصيص لجنة من جميع الجهات المعنية في موضوع التقارير الطبية من القضاء (وزارة العدل) والأطباء والطب الشرعي (وزارة الصحة) والمراكز الأمنية (مديرية الامن العام) والتي تساعد على بيان الحقيقة في التقارير الطبية عند عرضها على اللجنة واذا كان الحادث (الإصابة) مفتعلا او حقيقيا».
ويشير قاض رفض ذكر اسمه إلى مشكلة عدم «تفعيل النصوص القانونية المتعلقة بصلاحية القاضي بإحالة المشتكي إلى النيابة العامة «مدعي عام» لملاحقته عن جرم الافتراء أو شهادة الزور حسب مقتضى الحال اذا ما تبين للقاضي ان الشكوى كيدية».
ويشيرإلى أن « تفعيل هذه النصوص ستحد من الشكاوى الكيدية بالإضافة لعقوبة الافتراء والتي تكون عقوبتها حسب طبيعة القضية فالجنحة جنحة وهي من أسبوع إلى ثلاث سنوات والجناية جناية وهي من ثلاث سنوات إلى الأشغال الشاقة».
ويضيف إنه «من الضروري وضع عقوبات رادعة بغرامة مالية عالية على من يثبت قيامه بإحضار تقرير طبي مفتعل».
ويؤكد على «ضرورة تفعيل مبررات التوقيف بحذافيرها وإعطاء صلاحيات للطبيب الشرعي تساعده على إثبات التقارير الطبية الكيدية».
ويقول مدع عام رفض ذكر اسمه «يستطيع المدعي العام او القاضي التعرف على طبيعة التقارير من خلال فرق التوقيت بين التقارير الطبية بين المدعي والمدعى عليه».
ويأسف المدعي العام «أن العرف القضائي يقضي بتوقيف المشتكى عليه طالما الشخص المشتكي لديه تقرير طبي».
ويشير المدعي العام إلى «ضرورة عدم اعتماد التقارير الطبية في وقت متأخر بعد الشكوى وذلك بإصدار تعليمات جديدة تحد من ظاهرة التقارير الطبية المفتعلة». قاضي استئناف فضل عدم ذكر اسمه يشير إلى «أهمية عدم التوقيف في بداية الشكوى».
ويؤكد قضاة «ان موضوع التقارير الطبية المفتعلة مسلسل مستمر ويسبب معاناة للقضاة ومن الضروري وضع نظام (تعليمات) تتعلق بالتقارير الطبية الاولية في المشاجرات وحوادث السير».
بالاضافة الى «عدم اعتماد التقارير الطبية الصادرة من المستشفيات الخاصة بخصوص الايذاء والتسبب بالايذاء وإيجاد رقابة عليها».
ويشير مدع عام آخر فضل عدم ذكر اسمه «الى ضرورة تحويل المستشفيات التي تمنح تقارير طبية بغير وجه حق للقضاء» مؤكداّ بأنه «لم نحول مستشفى للقضاء بهذا الموضوع وعلى ضرورة تفعيل الدور الرقابي في وزارة الصحة ووجود سجلات تحمل قيود التسجيل لكل مريض وتشرح حالته».

الصلاحية القانونية
ويقول قاض «لا يوجد ما يمنع من قيام المحكمة بإحالة المشتكي إلى المدعي العام (الجهة المتخصصة في ملاحقة الجرائم واستقصائها) لاتخاذ الاجراء القانوني بحقه من تلقاء نفسه فيما اذا تبين أنه كاذب في شكواه إلا أن التطبيق العملي في الجهاز القضائي يوصي بعدم اتخاذ مثل ذلك الاجراء وترك الأمر للمتضرر من الشكوى الكاذبة لكي لا يزيد عدد القضايا في المحاكم». ويؤكد القاضي أن ذلك يعد «تجميداً للصلاحية التقديرية للقاضي بالتوقيف».
ويشير إلى ضرورة «إيجاد جهاز فعال للسجل العدلي للأشخاص ويتم إرسال ذلك السجل من قبل الشرطه إلى المحكمة مع اوراق القضية».
ويقول القاضي «تمت إحالة حالات قليلة جدا (الشكاوى الكيدية) من قبل القضاء مباشرة لمواطنين تبين عدم صحة شكواهم أمام المحكمة للتحقيق معهم بجرم الافتراء».ويؤكد «إن القاضي لا يحول الشكاوى الكيدية من تلقاء نفسه إلا حين الطلب». ويضيف «في القضاء تم ضبط اطباء أعطوا تقارير طبية اولية مخالفة للواقع وتمت ملاحقتهم قانونياً».
المحامي فيصل السعايدة يقول « إن التقارير الطبية الاولية هي المعتمدة في التوقيف الأولي أثناء إجراء التحقيق وعند تحويلها لدى الجهات القضائية». ويشير السعايدة «إن القضاء يتعامل مع التقارير الطبية كونها صادرة من جهة متخصصة وموثوقة».
ويضيف إن المشكلة تبدأ «عندما يقوم الطرف (المعتدي) بإيذاء نفسه من أجل الحصول على تقرير طبي لاجبار المعتدى عليه على اسقاط شكواه «شكوى بشكوى» بحيث يترتب على الجهات القضائية توقيف الطرفين، وهو ما يفقد المعتدى عليه (الضحية) حقه بحيث يقوم بالتنازل عن القضية حتى لا يتم توقيفه».

حلول
ويشير السعايدة إلى أنه يجب «وجود نص قانوني يتضمن عقوبات رادعة لأي شخص يثبت أنه قدم تقريرا طبيا مفتعلا (كيديا)، فضلا عن انه يجب فرض عقوبات رادعة على الاطباء الذين يثبت انهم اعطوا تقارير طبية أوليه لا تمثل الحالة الحقيقية».
ويقول «عندما تكون لدينا مشكلة بتقارير طبية مبنية على ادعاء باطل والتي تقتصر على ادعاء الشخص بأنه مصاب».
ويقترح السعايده للتقليل من هذه المشكلة اعتماد (نموذج تقرير طبي قضائي أولي موحد لدى الجهات المعنية)، بحيث يتم التنسيق بين وزارة الصحة ووزارة العدل حتى يتم اعتماد هذا النموذج لدى الجهات القضائية والذي سيحد من موضوع التقارير الطبية الكيدية».
ويرى السعايدة أنه «يجب أن يصدر التقرير الطبي الأولي من الطب الشرعي الذي لديه الاختصاص والخبرة بان يعرف الشخص طالب التقرير هو من فعل الإصابة بنفسه (حادث مفتعل)» ويقول إنه «عندما يكون معمولا بهذه الآلية فإن طالب التقرير الطبي الكيدي سيعيد حساباته لأنه من الممكن كشفه وبالتالي يصبح معرضا للمساءلة القانونية».
المحامي محمد الدعجه يؤكد «إن التقارير الطبية المفتعلة مشكلة كبيرة والتي تساعد بازديادها دون رقابة هي المستشفيات الخاصة بهدف الربح المالي».
ويشير الدعجة إلى «إن كثيرا من الحالات التي يتم الشكوى عليها تلجأ للمبيت داخل المستشفيات للهروب من التوقيف والحصول على تقارير طبية كيدية».
ويضيف «عندما يكون الطرف الآخر في المستشفى تؤجل القضية حتى خروجه وبالتأكيد سيبقى الطرف الآخر في السجن وطالما ان هنالك ربحا ماليا للمستشفى لا يوجد مانع لمبيته».
والحال كذلك، يترتب على الجهات القضائية إيجاد آليات جديدة للتثبت من صحة التقارير بحيث تعمم على جميع الجهات المعنية بما فيها المراكز الأمنية والقضاة ووزارة الصحة بحيث يتوقف مسلسل إلحاق الظلم بأبرياء كثر لعل بعضم يقبع الآن في زنازين المحاكم أو مراكز الاصلاح والتأهيل.


تحقيق - عبدالحميد العدوان

الراي


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة