الأحد 2024-12-15 22:48 م

طريق الإصلاح ..

11:09 ص

منذ ان وعيت على الدنيا والطريق نفسها الى الكرك والمحطات نفسها لا تتغير..اولا علي أن أقف عند كازية السعد على طريق المطار كي اشتري ماء وعلبة سجائر مارلبورو أبيض..وشريطاً لمحمد عبده بسبب عدم وجود (فكه) وبالتالي تدفع الباقي ثمن سلعة..لماذا كازية السعد مع أنه يوجد الف محطة والف سوبرماركت؟ انا نفسي لا أعرف.

بعد ذلك تمشي وعليك أن تقف في زيزيا..ولا بد من وجود هوشة بين سائقي شاحنات..وهناك تختار بين (التحجيز) وبين (الفرجة) وفي الغالب أمارس سلوك (التحجيز)...وهو سلوك متعب بسبب أن أحدهم يمضي (الهوشة) في البحث عن يد (الجك) الخاص بالتريلا من أجل استعمالها....المهم أنك تفلح في أيقاف النزاع ولا تغادر الا بعد أن تتأكد من أن سائق التريلا المرسيدس الصفراء قد غادر....
تعبر زيزيا وبعد مسير خمس دقائق تمر على كشك قهوة اسمه (كشك المحبة) وتشتري كوبا (سادة) ولا بد ان ينشأ حوار بينك وبين خميس مالك الكشك..وفي الغالب أخباره واحدة وهي متعلقة بقيام قوات البادية بمطاردة (جمس أحمر)...شرق الطريق، منذ (عشرين) عاما وقوات البادية تطارد (الجمس الاحمر) وتسأله بغضب :- قضبوه....؟ فيرد عليك خميس :- (لا نفذ بالحمولة)
بعد ذلك تعبر وعند سواقة لابد أن تجد مجموعة من مرتب إدارة السجون ينتظرون...وبعضهم من سكان الكرك ويطلب منك (توصيله) جميع من أقلهم ومنذ (عشرين) عاما رتبهم رقيب...ويدور بيننا حديث يتعلق بأيمن بيك قائد السجن وفي الغالب نكيل كما هائلا من المدائح لأيمن بيك..بالمناسبة سلامة بيك المدير الذي قبله نفس الشي وعوض بيك وجمعة بيك....للعلم أنا أحفظ مدراء سجن سواقة جميعهم...وأيضا نعرج على (حسين باشا) ويؤكد الرقيب أن حسين باشا...نشمي..وأنا أثني على الأمر
بعد ذلك أتوقف في سواقة هناك لحام اسمه ( محيسن)...والسؤال واحد منذ عشرين عاما :- ( في رمسي يامحيسن) والجواب واحد منذ عشرين عاما ولم يتغير :- (والله يا استاز أخر واحد راح من نص ساعة أخذوه شباب من الطفيلة)....يالهي هل هو حظي العاثر أم أن محيسن كذاب صدقا لا اعرف...الغريب أن محيسن ومنذ عشرين عاما وهو يغشني وانا اقبل واثناء تقطيع (الذبيحة)...يسألني:- (طمني عن الحج كيف صحتوا وأمورو..ويقصد والدي)...واخبره أن الحج (مات) منذ (12) عاما وردة الفعل تكون واحدة :- ( لاحول ولا قوة الا بالله شو بتحكي؟ ول يا رجل..هالزلمه الغانم) وبالطبع يختم النحيب بجملة :- ( والله الحياه رايحه كلها كذب)
بعد ذلك يسود صمت مطبق ثم يعيد السؤال :- ( والحجه شلونها عندك في عمان ولا في الكرك) فأجيبه :- (الحجة اتوفت يا محيسن..ومنذ 10 سنوات).....وردة الفعل هي نفسها لا تتغير...
وأنا أحتار هل الرجل يكذب أم أنه من كثرة العابرين على الطريق صار ينسى...
المهم بعد أخذي للذبيحة لابد أن يطلب رقم موبايلي وأنا حسب ما اذكر أني قمت بإعطاء محيسن رقمي بما يقارب ال (89) مرة.
في النهاية أصل الكرك...ودائما اتذكر أني نسيت إحضار موبايل من عمان كنت قد وعدت به أحد ابناء عمومتي...وأنا نفسي لا اعرف هل أنا نسيت حقا إحضاره أم أنني أكذب....
منذ عشرين عاما والطريق نفسه ولم يتغير...كازية السعد، زيزيا سجن سواقة، محيسن، الرقيب أول من مرتب سواقة....
أخاف أننا اذا عبرنا طريق الإصلاح كما يريد البعض...أخاف أن تتغير الطريق الى الكرك...صدقوني أني اعشق ذاك الدرب واريد أن أرى محيسن كل أسبوع وأزور كازية السعد وأمارس التحجيز بين (شفيرية التريلات)..
سيروا وحدكم في طريق الاصلاح..واتركوني عند كازية السعد لا أريد أن تتغير الدروب الأردنية باسم الاصلاح أو باسم أرضاء الجماعة...
أنا على الاقل طريقي له هوية..واضحة من وجه محيسن وكلام الرقيب والمقهي..وقصص مطاردة البادية للمهربين..طريقي دوما وأن كان متعثرا الا أن مساره وهويته واضحة...وأنا أخاف من الطرق التي بدون وجهة..وبدون هوية.


gnews

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة